صادق مجلس الحكومة المغربية برئاسة عبد الاله ابن كيران اليوم الخميس، على عدة مشاريع قوانين تهم إصلاح منظومة التقاعد، وتروم الإصلاح الاستعجالي لنظام المعاشات المدنية، ورفع& الحد الأدنى للمعاش، وتوسيع التغطية في مجال التقاعد.


الرباط: قال بيان للحكومة المغربية ان التعديلات المقترحة على نظام المعاشات الحكومية تشمل رفع سن التقاعد الى 63 عاما بحلول 2019، وزيادة مساهمات العمال فضلا عن توسيع قاعدة الحساب.

وكانت الحكومة أعلنت في وقت سابق ان الاصلاحات ستتكلف 41 مليار درهم (اكثر من 4 مليارات دولار) على مدى السنوات الخمس التالية.

وقال وزير الاتصال (الاعلام) الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي، في بيان تلاه خلال لقاء صحافي عقب انعقاد الاجتماع الأسبوعي للمجلس، أنه في ما يخص إصلاح نظام المعاشات المدنية، صادق مجلس الحكومة على مشروع قانون يقضي بتغيير وتتميم القانون المحدث بموجبه نظام المعاشات المدنية، والذي تقدم به وزير الموازنة.

وأشار وزيرالاعلام المغربي إلى أن مشروع هذا القانون يندرج في إطار إصلاح أنظمة التقاعد،حيث يمثل الإصلاح المقياسي لنظام المعاشات المدنية جزءا منه، والذي يقترح تنزيله بطريقة تدريجية على مدى السنوات الأربع المقبلة 2016 - 2019.

وذكر الخلفي أنه جرى التأكيد في إطار أشغال اللجنة الوطنية المكلفة اصلاح أنظمة التقاعد، على استعجالية اعتماد إجراءات تروم تقوية التوازنات المالية لنظام المعاشات المدنية، في انتظار تفعيل الإصلاح الشمولي لمنظومة التقاعد في المملكة، مشيرا إلى أن هذا الإصلاح يروم وقف النزيف الذي يتهدد هذا النظام بعدما سجل أول عجز نهاية سنة 2014 مع توقع نفاد احتياطياته المالية في أفق سنة 2022.

ويرمي هذا المشروع إلى رفع& الخدمة الدنيا للاستفادة من المعاش قبل بلوغ حد سن الإحالة على التقاعد، بثلاث سنوات لتصل إلى 24 سنة بالنسبة للذكور وإلى 18 سنة بالنسبة للإناث، وإلغاء شرط العدد الأقصى للأقساط السنوية القابلة للتصفية والمحدد حاليا في 40 قسطا، ومراجعة النسبة السنوية المعتمدة لاحتساب المعاش، في ما يخص الحقوق التي ستكتسب ابتداء من اول يناير 2017 من 2,5 ٪ إلى 2 ٪، وتخفيض هذه النسبة في ما يتعلق بهذه الحقوق،في حالة الإحالة على التقاعد بناء على طلب، من 2٪ المعمول بها حاليا إلى 1,5 ٪ مع عدم تطبيق التخفيض الأخير في حالة التوفر على 41 سنة من الانخراط في النظام.

كما يتوخى هذا المشروع تحديد الأجر المرجعي لاحتساب المعاش في متوسط عناصر الأجرة برسم 96 شهرا الأخيرة من الخدمة الفعلية ابتداء من 2020 ، ورفع نسبة الاقتطاع تدريجيا بنقطة كل سنة لتصبح، ابتداء من اول يناير 2019 ، 14 ٪ من أجور المنخرطين ومن مساهمات الهيئة المشغلة، ورفع& مبلغ الحد الأدنى للمعاش الذي يبلغ حاليا& الف درهم ( الدولار يساوي 9.8 دراهم )& شهريا، ليصل إلى 1500 درهم ابتداء من اول& يناير 2018 مما يشكل زيادة 50 في المائة.

وستطبق هذه الزيادة بصفة تدريجية ليبلغ الحد الأدنى للمعاش 1200 درهم ابتداء من اول الشهر الموالي لتاريخ دخول الإصلاح حيز التنفيذ، و1350 درهما ابتداء من اول& يناير 2017.

لا بديل عن الاصلاح

وعدّ الخلفي إصلاح أنظمة المعاشات المدنية بانه "قرار حكومي مسؤول وشجاع"، ينم عن تحمل الحكومة مسؤوليتها الأخلاقية والسياسية ذات الصلة.

وأوضح الخلفي، في معرض جوابه على أسئلة الصحافيين& أنه "لا يوجد هناك بديل عن إصلاح أنظمة التقاعد، بسبب تنامي العجز المسجل في احتياطيات صناديق المعاشات المدنية خلال السنوات الثلاث الماضية"، مبرزا أن الحكومة كانت صريحة مع المواطنين بشأن استعجالية إنجاز هذا الإصلاح، نظرا لكلفته المرتفعة في حال تأجيله إلى سنوات مقبلة.

ووصف الخلفي مصادقة المجلس الحكومي على هذا الإصلاح بـ"اللحظة التاريخية"، وقال "نحن إزاء مشروع متكامل تفاعلت الحكومة بشأنه مع جملة من الملاحظات التي جرى إبداؤها بخصوصه وتحملت مسؤوليتها في إنجازه".

وشدد الخلفي& على أن الحكومة قررت المضي قدما في إنجاز هذا الإصلاح بعد سلسلة من اللقاءات لتعميق الحوار والتشاور بشأن مقتضياته، نظرا لاستحالة تأجيله لتفادي عدم أداء المعاشات لمستحقيها في المستقبل القريب.

النقابات تحمّل الحكومة تداعياته الخطيرة

في غضون ذلك، نددت اربعة اتحادات عمالية اليوم بمحاولة الحكومة فرض الأمر الواقع في ملف التقاعد، محملة إياها مسؤولية ما يترتب عن ذلك من "تبعات وتداعيات خطيرة".

وحذر كل من الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب والفيدرالية الديمقراطية للشغل، في بيان مشترك ، الحكومة من مغبة محاولات فرضها لما تسميه "إصلاحا"، والاستفراد بقرار يؤثر سلبا على مصير كل الموظفين والموظفات وعموم الأجراء، وذلك عقب إدراج ملف التقاعد ضمن جدول أعمال مجلس الحكومة المنعقد اليوم الخميس.

واستنكرت الاتحادات العمالية تغاضي الحكومة عن كل المبادرات والاقتراحات التي تقدمت بها الحركة النقابية، وحملتها مسؤولية تدهور السلم الاجتماعي جراء " تعنتها وإصرارها على إقصاء الحركة النقابية وتعطيل الحوار الاجتماعي".

ووصف البيان المشترك إدراج ملف التقاعد ضمن جدول أعمال مجلس الحكومة بكونه " سلوكا استفزازيا وأسلوبا مرفوضا في التعامل مع قضية تهم شريحة اجتماعية واسعة من العاملين والعاملات في القطاع العمومي، بل ومن شأنها التسبب أكثر في احتقان وتأزم الأوضاع الاجتماعية وتعريض السلم الاجتماعي إلى تهديدات حقيقية".

وجددت النقابات الأربع رفضها "المبدئي والمطلق" لكل إصلاح لأنظمة التقاعد يكون "على حساب الأجراء والمنخرطين ويهدف إلى رفع& سن التقاعد أو زيادة& مساهمات المنخرطين أو تقليص& قيمة المعاش".

وأكدت النقابات ذاتها أن هذه الخطوة "غير المحسوبة العواقب" ، ستدفع الحركة النقابية إلى " مزيد من التصعيد والتطبيق الكامل لبرنامجها النضالي، مع إبداع أشكال احتجاجية أخرى لمواجهة القرارات اللاشعبية للحكومة التي تنتهج سياسة اللامبالاة والهروب إلى الأمام".

ودعت الاتحادات العمالية في هذا السياق إلى "مواصلة الدفاع بكل الوسائل والأساليب النضالية من أجل تحقيق مطالب الطبقة العاملة المشروعة والعادلة".كما وجهت الدعوة لجميع القوى الحية في البلاد، من أحزاب سياسية ومنظمات حقوقية ومجتمع مدني إلى "مساندة الطبقة العاملة المغربية، ودعم مواقفها المشروعة والعادلة"، وكذا للطبقة العاملة المغربية وكل الأجراء "إلى المزيد من التعبئة والاستعداد لكل الأشكال النضالية دفاعا عن الحقوق وصونها".
&