كشفت التحقيقات في حادث الهجوم على فندق في مدينة الغردقة المصرية، عن تورّط شاب من مناصري فريق الزمالك فيه، وهو المسلح الذي لقي مصرعه على أيدي رجال الشرطة، وتشير تدوينات الشاب القتيل&على فايسبوك إلى أنه يحمل فكرا يعادي الأقباط ويريد "دولة الخلافة".


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: جاء حادث الغردقة بعد أقل من يومين على هجوم مماثل نفذه مسلحون على فندق في القاهرة، ما اعتبره مراقبون مؤشراً الى استهداف التنظيمات الارهابية للسياحة المصرية، التي تلقت أقوى ضرباتها الموجعة في أعقاب اسقاط طائرة مدنية روسية فوق سيناء، ومصرع جميع ركابها البالغ عددهم 224 شخصاً في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وتواصل الشرطة المصرية اجراء تحرياتها بشأن حادث الهجوم المسلح الذي شنه شابان على فندق في مدينة الغردقة شرق مصر، وكشفت التحريات أن المسلح الذي لقي مصرعه يدعى محمد حسن محمد محفوظ، الشهير بـ"محمد شيكا"، وهو طالب في المعهد العالي للإدارة، ويبلغ من العمر 22 عاما، ويعتنق الفكر "الجهادي"، كما أنه من المنتمين لرابطة مشجعي نادي الزمالك، المعروفة بـ"أولتراس الزمالك" أو "وايت نايتس"، كما كشفت التحريات أنه "متغيب عن منزله منذ فترة".

التحقيق جارِ

قال مصدر قضائي رفض الكشف عن اسمه، إن التحقيقات مع المشتبه به الآخر الذي اشترك في الحادث وتعرض للإصابة على أيدي الشرطة ما زالت جارية، مشيراً إلى أنه يرقد في المستشفى لحين تحسن حالته الصحية.

وأضاف ذات المصدر لـ"إيلاف" أن أجهزة الأمن "تجري تحريات مكثفة للوصول إلى القيادات الإرهابية التي خططت للهجوم ومعرفة كيفية تجنيد الشابين لتنفيذ العملية".

اتهامات لـ"حازمون"

كشفت التحقيقات أن المتهم القتيل محمد شيكا ينتمي إلى روابط مشجعي نادي الزمالك، بينما كشف الناقد الرياضي المتخصص في شؤون النادي ، أحمد عادل، أن "شيكا" ربما يكون من أعضاء حركة "حازمون" الإسلامية المتشددة.

وقال عادل لـ"إيلاف" إن "بعض أعضاء روابط "وايت نايتس" المشجعة لنادي الزمالك والأولتراس عموماً ينتمون إلى حركة "حازمون" التي تعتنق الفكر الجهادي، وأطلقت على اسم الشيخ حازم أبو اسماعيل المسجون على ذمة قضايا تتعلق بالعنف".

وأضاف أن شخصا يدعى صلاح أبو شهد هو من يقود هؤلاء الشباب، مشيراً إلى أنه بمثابة "الأب" بالنسبة لهم، ولا يمكن أن يعصي أي منهم له أمراً.

ولفت إلى أن مجموعة من أعضاء هذه الروابط تورطوا في اعتصام جماعة الإخوان وأنصار مرسي في ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر، منوهاً بأن مجموعة أخرى من أعضاء هذه الروابط ينتمون إلى حركة 6 أبريل المعارضة أيضاً.

يسهُل استدراجهم وتجنيدهم

وأشار إلى أن أعضاء الروابط هم من الفئة العمرية ما بين 14 و21 سنة، لافتاً إلى أنه "يسهل التأثير عليهم، لاسيما الفقراء منهم".

وذكر أن روابط الأولتراس لديها تمويلات كبيرة تحصل عليها من بيع "تي شيرتات" الروابط والأعلام والرايات والشعارات، بالإضافة إلى أنهم يحصلون على تمويلات أخرى مجهولة المصدر.

وأفاد بأن أعضاء الروابط يحصلون على رواتب أيضاً، وينفقون عليهم بسخاء، ولفت إلى أن هؤلاء الشباب لا يتحررون من قيود الروابط إلا بعد الخروج للحياة العملية والانخراط في العمل اليومي، وتكوين أسر.

تدوينات "متطرّفة"

وكشفت الصفحة الشخصية للمتهم القتيل "محمد شيكا" على فايسبوك أنه من أعضاء "وايت نايتس"، وكتب في تدوينة له أنه يطمح إلى انشاء الخلافة.

وقال: "في ناس طموحها بيت وعربية وفي ناس طموحها (خلافة) تصل لأمريكا".

وأضاف: "ليس مهما أن تكون خطيبا مفوها، أوعالما مقدما، أو وجيها ممكنا، أو غنيا منفقا المهم أن تخدم دينك، وتبقي أثرا من بعد موتك وهذا في متناول الجميع".

وحسب صفحته الشخصية، فهو كان يعمل في مطعم للوجبات السريعة، ويعتنق الفكر "الجهادي" القريب لما تراه "داعش"، الذي وصفه بـ"الجهاد وطلب الموت لدخول الجنة وامتداد دولة الخلافة الإسلامية لتصل الى &الولايات المتحدة الأميركية".

ويصف نفسه في تدوينة أخرى بأنه "شاب عادي جدًا يحب الدين كثيرا ويتسكع أيضا كثيرا، ليس بطالب علم وﻻ شيخ وﻻ سيدنا، وﻻ يرقى لهم".

ويبدو أنه كان على اتصال بشخص ما استطاع تكوين فكره "الجهادي" و"الموت في سبيل الله"، الذي تمناه، وكتب يقول: "اللهم اجعلنا من الذين (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ)، ولا تجعلنا ممن قيل فيهم (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ)".

ورغم صغر سنه، إلا أنه يعتنق أفكارًا ويروج لفتاوى بن تيمية، وكتب في تدوينة له: "قرأ رجل عند شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قوله تعالى: (فخر عليهم السقف من فوقهم)، فقرأها (فخر عليهم السقف من تحتهم) فالتفت شيخ الإسلام وقال: سبحان الله! لا عقل ولا دين"».

وفي تعليق آخر قال ابن تيمية: "ومن سنة الله أنه إذا أراد إظهار دينه أقام من يعارضه، فيحق الحق بكلماته، ويقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق".

ومن دلالات اعتناقه الفكر المتشدد، رفضه تهنئة الأقباط في أعيادهم، وكتب يقول في 7 يناير الجاري، أي قبل يوم واحد من العملية التي قتل فيها: "يا من حفظت قل هو الله أحد ما لي أراك هنأت من قال إن لله ولد".

وكتب أيضاً في الشأن نفسه: "يعني السماء والأرض والجبال هينشقوا لمجرد ناس بتدعي إن لربنا ولد، تقوم إنت تهني الناس دي بأعيادهم"، وتابع: "تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً (90) أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً (91) وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً"، في رفض واضح لتقديم المسلمين التهنئة للأقباط في عيد الميلاد.

ولم ينتهِ موقفه من الأقباط عند حد رفض تهنئتهم بالأعياد، بل اعتنق أفكاراً تحض على معاداتهم، وكتب أية قرآنية يراها تحث على ذلك من وجهة نظره، وهي: "قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَه".

محاكمات وسجن

وفي سياق متصل، قضت محكمة جنايات الجيزة، اليوم السبت، بالسجن المشدد 5 سنوات بحق 18 متهما، وبراءة 3 آخرين، في مقدمهم شخصان مشهوران بـ"سيد مشاغب" و"أحمد شبرا"، القياديان في رابطة أولتراس "وايت نايتس".

وجاء الحكم ادانة لهما في الإتهامات الموجهة إليهم بـ"الاعتداء والشروع في قتل رئيس نادي الزمالك".

وأدانت المحكمة المتهمين بـ"استعراض القوة والتلويح بالعنف، وعقد العزم على الشروع في قتل رئيس الزمالك، وأنهم أعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية، إلى جانب ترصدهم تحركاته في الأماكن التي يتردد عليها".