فشل العلماء حتى الآن في منح الإنسان حياة سرمدية، لكنهم تمكنوا في ألمانيا من إنتاج نبتة تبغ مهندسة وراثياً كي تحتفظ بشبابها مدى الحياة.
&
ماجدالخطيب: نجح علماء ألمان من معهد فراونهوفر الألماني وجامعة مونستر في تجاوز زراعة التبغ من البذور إلى إنتاجه مباشرة من أوراق النبتة نفسها. والمهم في هذه النبتة أنها دائمة الشباب وتواصل عطاءها دون أن تموت، لأن العلماء نجحوا في كسر دورة حياتها الطبيعية. إذ هندس العلماء النبتة بحيث تبقى كنبتة من ورق، ونبتة تبغ شابة، دون أن تصل إلى مرحلة تفتح الزهور ومنح البذور.
&
وعممت جامعة مونستر صور تمثل جناحاً كاملاً من نبتة التبغ السرمدية تم تنسيلها في مختبرات الجامعة. وأكدت مصادر الجامعة ان الهدف لايتعلق بنبتة التبغ نفسها، لأن المشروع لايهتم بإنتاج سجائر"خالدة"، وإنما لأن هناك مشتركات كثيرة بين نبتة التبغ ونبتة البطاطا. وبالتالي فإن الهدف هو استخدام الطريقة نفسها لإنتاج بطاطا سرمدية، ربما تعين العالم في محاربة الفقر والمجاعات في العالم.
&
الصدفة لعبت دورها
&
وذكرت لينا غروندمان، العالمة في الميكروبيولوجي، أن الجامعة تفرض حراسة مشددة على المشروع لأنه يدور حول نباتات معدلة وراثياً. إذا لايجوز أن تنتقل هذه النباتات عن طريق الريح أو الحشرات إلى الخارج، وأن تختلط ببقية النباتات. ولهذا فقد جرى التأكد من ان النباتات الكثيرة في المختبر الزجاجي لاتنتج سوى الورق، وبدون نهاية.
&
وجرى التوصل إلى هذه النتائج صدفة، بحسب تعبير غروندمان. إذ توصل العلماء من معهد فراونهوفر في البداية، وكان هذا هو هدف التجارب، إلى الكشف عن الخريطة الوراثية الكاملة لنبتة التبغ. جرت بعدها محاولة ناجحة لتسريب جين معين، بطريقة التعديل الوراثي، على النبتة بهدف تحسين منتوجها، فكانت النتيجة الحصول على نبتة تجدد شبابها بلا انقطاع.
&
البكتيريا كـ"ـمهرّب" جيني
&
كان الهدف الثاني للتجارب هو معرفة ما إذا كان تسريب هذا الجين بالذات إلى النباتات الأخرى يمكم أن يؤدي إلى نتائج مماثلة، واختيرت البطاطا أولاً بسبب أوجه التشابه الكبيرة في الخريطة الوراثية مع التبغ.
&
وواقع الحال أن زراعة أوراق التبغ هنا تتم عبر عزل الحمض النووي للنبتة ومن ثم استخدامه في الزراعة. وذكرت غروندمان انهم يعجنون الورقة في هاون، ويضيفون غاز النتروجين السائل إليه، فتنخفض درجة حرارة المزيج إلى- 196 ويتحول إلى مزيج منجمد. وبعد دقيقة فقط يتحول المزيج إلى مسحوق يمكن منه عزل الحمض النووي. ثم يخلط المزيج مع محلول معين يحتوي البكتيريا فتلتصق جزيئات الحمض النووي بالبكتيريا، وهكذا يجري تهريبها إلى إلى نبتة التبغ العتيادية، فتكتسب الأخيرة صفاتها السرمدية.
&
وطبيعي ستعنى المرحلة الأخرى من التجارب بالتأكد من صلاحية نفس الجين لفرض نفس التأثير عليها، ومن ثم اختيار البكتيريا المناسبة للنهوض بمهمة منح البطاطا حياة طويلة.
&
التبغ لمقارعة الايدز
&
ويعود اهتمام معهد فراونهوفر لدراسات الميكروبيولوجي بنبتة التبغ إلى مشروع أوربي بدأ العمل به قبل 5 سنوات، وتشارك في أكثر من 30 مؤسسة أوروبية. ويرمي المشروع إلى تعديل نبتة التبغ وراثيا وتأهيلها لتنمية جسيمات مضادة مهمة في المعركة ضد الفيروسات الخطيرة.&
&
وعمل العالم الألماني راينر فيشر على تسريب جين معين يحمل الجسيم المضاد إلى الخريطة الوراثية لنبتة التبغ. وسبق للعلماء البريطانيين ان تثبتوا من ان هذا الجسيم فعال ضد الفيروسات المسببة لسرطان الرحم عند النساء، وضد الفيروسات المسببة لمرض الايدز. ويكلف إنتاج هذا الجسيم المضاد من التبغ 30-40 مرة أقل من كلفة تحضيره بالوسائل المختبرية الاعتيادية.