&
واصلت صحف عربية كثيرة، في نسختيها الورقية والإلكترونية، اهتمامها بالذكرى الخامسة لثورة 25 يناير/كانون الثاني المصرية التي أجبرت الرئيس حسني مبارك على التنحي عن الحكم بعد ثمانية عشر يوما من التظاهر.
و في حين دعا بعض الكتاب العرب إلى الحوار بين أبناء المجتمع المصري سبيلا إلى الخروج من المشكلات الأمنية والسياسية في البلاد، أبرزت بعض الصحف ما وصفته بـ"فشل" الدعوات للحشد في ذكرى الثورة .
وواصلت صحف أخرى تسليط الضوء على الاستعدادات الأمنية المكثفة التي تزامنت مع الحدث ومغزى ذلك.
دعوة للتصالح
في صحيفة الشروق الجزائرية، يدعو صالح عوض إلى التصالح بين أبناء المجتمع المصري الواحد سبيلا وحيدا "ينتظر مصر لتواجه تحدياتٍ حقيقية" داخليًا وخارجيًا.
ويقول عوض: "ليس أمام المصريين للحفاظ على قوتهم إلا التصالح للخروج من الدوامة، بأن يسير الجميع إلى تفاهمات استراتيجية تمنح حركة المجموع آليات جديدة".
ويختم عوض مقاله بالقول: "في مصر فقط السلام هو المبتغى، ولا سبيل إلا الحوار والتفاهم، وعلى كل الشرفاء في أمتنا أن ينهضوا للصلح بين إخوانهم في مصر لأن في ذلك خيراً عميماً للأمة جميعا، فهل هناك من يسمع أوجاعنا وآلامنا فينهض إلى المسؤولية التاريخية؟"
"رسالة للمصريين"
وحول "ما حدث في الذكرى الخامسة للثورة"، كتبت صحيفة الأهرام المصرية في افتتاحيتها تقول إن ما حدث "هو رسالة صريحة وواضحة ومباشرة من الشعب المصري ينبغي للجميع أن يعيها جيدا."
وتابعت الصحيفة قائلة :"فشلت كل دعوات جماعة الإخوان الإرهابية في الحشد لإشاعة الفوضي والقيام بأعمال تخريب، ولم يستجب أحد لتلك الدعوات الإرهابية برغم استعانة الجماعة بكل وسائل الاتصال الجماهيري الممكنة، مثل مواقع التواصل الاجتماعي، وقناة الجزيرة البائسة، وبعض الفضائيات الإرهابية التي تبث من تركيا للتحريض ضد الدولة."
وأشادت الصحيفة بما وصفته بدعم الجماهير للدولة قائلة:"حرصت الجماهير التي نزلت للاحتفال في بعض المناطق، مثل ميدان التحرير بالقاهرة، وساحة القائد إبراهيم بالإسكندرية، علي تأكيد دعمها الدولة، رافعة علم مصر وصور الرئيس عبدالفتاح السيسي، وتبادلت الزهور مع رجال القوات المسلحة والشرطة، الذين انتشروا لحماية المنشآت المهمة من الأعمال الإرهابية."
وفي صحيفة الشروق الجديد المصرية، يتساءل رئيس التحرير عماد الدين حسين عن "الحشود" التي تحدثت عنها وسائل إعلام تابعة لجماعة الإخوان، والتي يقول: "إننا لم نرها".
ويقول حسين إن "الشئ الوحيد الذي اتفق عليه المصريون هو الصمت والهدوء المبالغ في في غالبية شوارع البلاد، للدرجة التي جعلت الجميع يسأل اين ذهب الشعب؟ وأين اختفى."؟
ويشير حسين إلى أن جماعة الإخوان وعبر وسائل إعلامها تصر على أن هناك حشودا نزلت للشوارع والميادين، وأحد متحدثيها المفصولين يقول إن هناك 700 ألف تظاهروا في 350 فعالية في 27 محافظة.
وقال حسين إنه طبقا لكل التقارير الموضوعية فإن هناك مظاهرات محدودة للغاية في نحو ثماني إلى عشر محافظات كانت أكبرهم تضم 200 شخص من أنصار الاخوان أو المتعاطفين معهم.
ويذكر أن قوات الشرطة والجيش انتشرت بكثاقة في الميادين الرئيسية، ومن بينهما ميدان التحرير. وقالت وزارة الداخلية إنه وفقا لما بخطة تأمين الاحتفالات، جرى نشر عدد كبير من القوات في داخل وحول المؤسسات المهمة والميادين الكبرى.
وفي صحيفة الاتحاد الإماراتية، انتقد الكاتب المصري عمار علي حسن دعوة جماعة الإخوان المسلمين للحشد في ذكرى الثورة لإسقاط النظام الحاكم، قائلا إن الإخوان "لم يشاركوا في الثورة إلا متأخرين، ثم كانوا أول من غادروها وتآمروا عليها وخانوها"، ومع ذلك فإن الجماعة "تصر على أن تقدم نفسها باعتبارها صاحبة ثورة 25 يناير".
&
"الهلع" الأمني
ومازالت الاستعدادات الأمنية المكثفة والتي تزامنت مع الذكرى الخامسة للثورة محل اهتمام بعض الصحف. فقد كتبت صحيفة القدس العربي اللندنية في افتتاحيتها تقول إن الذكرى الخامسة للثورة في مصر لم تخل من "إرهاصات ومشاهد وتناقضات تستوجب التوقف والتأمل في أبعادها".
وتؤكد أن الثورة اثبتت أنها "مازالت تستأثر بأفئدة المصريين، وأن ذكرياتها وأهدافها وصورها المبهرة مازالت حاضرة في مخيلاتهم".
وتقول إن الحشود الأمنية والعسكرية "سعت عمليًا إلى خلق حالة من الردع النفسي ضد خيار التظاهر حتى إذا كان سلميا".
وعلى المستوى السياسي، تقول الصحيفة إن "مأزق النظام لا يقل عمقا. إذ إنه لم يستطع إلا أن يجدد اعترافه بالثورة كمصدر للشرعية، في سعي واضح للوقوف ولو ظاهريا في الجانب الصحيح من خارطة القوى".
وتأمل الصحيفة أن "يقترب النظام المصري المرتبك ولو ببطء من إدراك حقيقة أن الحشود الأمنية وحدها لا يمكن أن تحقق الاستقرار المنشود، إلا إذا كان المقصود هنا نوع «الاستقرار» الذي شهدته أعوام مبارك الأخيرة".
برلمان "الاستثناءات" في مصر
وحول شأن مصري ذي صلة كتب أحمد ماهر، الناشط السياسي المعتقل حاليا، في صحيفة العربي الجديد اللندنية يقول ساخرا :" أصبح لدينا في مصر برلمان أخيراً. كل المشكلات ستنتهي، وسيبدأ عهد الاستقرار والرخاء. خلاص، أصبح لدينا برلمان، وتم تنفيذ الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق. ليس مهماً باقي الاستحقاقات ولا جوهرها، ليس مهماً تمزيق الخارطة أو ضياع الطريق. المهم أنه يوجد لدينا برلمان. وبذلك، ستقل الضغوط الدولية كثيراً مع هذه الخطوة الشكلية، فالحكومات الغربية تهتم كثيراً بتلك الشكليات أكثر من الجوهر."
وأوضح ماهر:" ولأن البرلمان أحد أهم المؤسسات في الدولة، فهو المؤسسة التشريعية والرقابية، فقد تم ضمان أن يكون خالياً من أي أخطار منذ البداية، وقد تم ضمان ذلك منذ إجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمان، مخالفة لخريطة الطريق، ثم تفصل قوانين انتخابات تضمن برلماناً كامل الموالاة والتطبيل."
وتساءل ماهر في ختام مقاله:" هل تعتقد أن هذا البرلمان بتركيبته الحالية، وانتماءات أعضائه، سيقوم بتعديلات تشريعيةٍ، بهدف التحديث، أو بهدف تحقيق العدالة، أو بهدف حل مشكلات المجتمع؟ هل تعتقد أنه سيكون له دور رقابي حقيقي على أداء هذه الحكومة المباركية، أم أن الولاء سيكون للأجهزة التي رتبت هذه التشكيلة، وهذه الانتخابات، بغرض الحفاظ على النظام القديم كما هو.؟"
&
التعليقات