تستمر المعارك الطاحنة التي تشهدها مدينة حلب وريفها إلى درجة أن الأمم المتحدة قررت نقل مكاتبها من حلب إلى العاصمة دمشق إثر تعرّض تلك المكاتب للقصف تزامنًا مع تسريبات بوصول دفعات جديدة من صواريخ غراد إلى الفصائل المعارضة.

إيلاف من لندن: قال منذر آقبيق الناطق الرسمي لتيار الغد السوري، ردًا على سؤال حول رأيه بما يجري حاليًا في حلب وتطورات الأوضاع هناك: "إن المعارك مازالت تحمل طابع التوازن العسكري، حيث يتقدم النظام لفترة، ثم يتقدم الثوار لفترة، وإن كان تقدم النظام وحلفائه أكبر منذ بدء التدخل الروسي العسكري المباشر قبل ثلاثة عشر شهرًا، لكن ليس لدرجة يمكن معها توقع الحسم النهائي لمصلحتهم".

تحت الضغط الدولي
وأوضح في تصريحات خاصة لـ"إيلاف" أنه "من المعروف أن المقاومة عندما تكون ذات طابع شعبي ومجتمعي، فإنه من شبه المستحيل القضاء عليها، رغم التفوق الناري، الذي يبدو واضحًا لمصلحة النظام وحلفائه، خصوصًا سلاح الجو. لكن هذا الأخير يتسبب في خسائر هائلة ضمن الحاضنة الاجتماعية للثوار، والتي يبدو أنها مقصودة ضمن تكتيكات العقاب الجماعي التي يتبعها نظام الأسد منذ اليوم الأول لانطلاق الثورة".

أما عن سبب توقف الروس عن القصف في حلب، فأشار إلى "أننا فقط قلنا سابقًا إنها خطوة في الاتجاه الصحيح، ولا نعلم أسبابها على وجه الدقة، ومن المرجح أن تكون بسبب الضغط السياسي والدبلوماسي الغربي، وخاصة أوروبيًا، ومعهم مجموعة كبيرة من المجتمع الدولي، ظهر ثقلها خلال جلسات مجلس الأمن الاخيرة. وقد يكون أيضًا كما قال الكريملين إنه غير مفيد، خصوصًا مع فشل قوات النظام وميليشيات إيران التقدم على الأرض رغم استمرار القصف لأسابيع، ومع رفض أهالي حلب مغادرتها".

لتثبيت الهدنة
وأكد آقبيق أنه "يجب التنبيه إلى أن هذا التوقف مازال هشًا وموقتًا، ومن الممكن استئنافه في أي لحظة، لذلك فإن المعارضة عليها أن تتخذ خطوات سياسية من شأنها محاولة تثبيته، مثل الإعلان عن استعدادها للانفصال عن جبهة النصرة "فتح الشام"، وهو المطلب الروسي الرئيس، وكذلك استعدادها لوقف الأعمال العدائية والعودة إلى المفاوضات السياسية، طبعًا بشرط التزام إيران أيضًا بسحب "إرهابييها"... بدءًا من حزب الله اللبناني إلى الميليشيات العراقية والأفغانية وحرسها الثوري، واستعداد الأسد للتعاون في موضوع الانتقال السياسي الذي مازال يرفضه".

لكن لمحمد برو مدير مركز صدى للأبحاث واستطلاع الرأي رأي مخالف لرأي آقبيق، وهو لا يرى أن الضغوط الأوروبية تجدي نفعًا، بل إن الأمر تفاهمات ثنائية بين أنقرة وموسكو، فقد قال في تصريح مماثل إنه "من الواضح أن ما يجري في حلب هو نتيجة اكتشاف الروس أنهم عاجزون عن الحسم العسكري مع كل المجازر التي يرتكبونها يوميًا".

سلاح الوحدة
واعتبر أن "هذا قاد إلى تسهيل نوعًا من التفاهم التركي الروسي، الذي يهدف إلى عرقلة المشروع الأميركي في الشمال السوري الذي سيفضي إلى تسليم القطاع الأوسع من الشمال إلى تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي (الامتداد السوري لمنظمة بي كي كي) وهذا يفسر توقف القصف الروسي على مدينة حلب".

وقال إن المهم "في هذا الوضع توحد أكبر عدد من الفصائل المقاتلة في حلب، وهذا بالتأكيد يعزز قوة المعارضة، ويفشل المقترحات الروسية السابقة في إخراج المعارضة من حلب".&

أضاف "القتال الآن يدور بين قوات النظام والميليشيات التي تقاتل معه بدون أي غطاء جوي روسي وبين قوات المعارضة وبوضعية تسمح بتقدم طفيف للمعارضة على حساب النظام، وهذا يمهد لوضع أكثر توازنًا في القوى، الأمر الذي يفضي إلى مناخ ملائم للتفاوض ولكسر الحلقة المعيبة".
&