إيلاف من دبي: قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الامارات العربية المتحدة ورئيس وزرائها وحاكم دبي، ذات مرة عن خور دبي، انه «حدَّد شكل دبي وأصبح مصدر بقائها وتميزها ونموها على مر السنين. انه قلب دبي وروحها ـ بل هو مبرر وجودها». وهكذا كانت الحال دائماً مع دبي وخورها الذي حدد شكل المدينة منذ ما يربو على 100 عام.

محمد بن راشد عن خور دبي: «حدَّد شكل دبي وأصبح مصدر بقائها وتميزها ونموها على مر السنين. انه قلب دبي وروحها ـ بل هو مبرر وجودها».

 

يعود تاريخ دبي والخور المزدهر في بدايته الى 114 عاماً عندما ألغى الشيخ مكتوم بن حشر، حاكم دبي وقتذاك، كل الرسوم الجمركية على الاستيراد في خطوة جريئة حتى بمعايير اليوم. وعندما ارتفعت الضرائب على الضفة الأخرى من الخليج العربي في ميناء لنجة الفارسي انتعشت شعبية خور دبي، وأخذت البضائع الهندية تتدفق على ميناء المدينة، وسرعان ما أصبحت دبي مركز الخليج للتصدير الى الموانئ المجاورة والأسواق الداخلية. وانتقل كثير من التجار الى المدينة ، التي تحولت الى مركز اقليمي للتجارة.

«نحن نبني واقعاً جديداً لشعبنا ومستقبلا جديداً لأطفالنا ونموذجاً جديداً للتنمية».

 

كانت تجارة اللؤلؤ في انتعاش وقتذاك، وازدهرت هذه التجارة على شواطئ الخور ـ كانت هذه الصناعة العمود الفقري لاقتصاد دبي الى ان انتهى دورها هذا. وبحدوث «الكساد العظيم» الذي ضرب العالم في عام 1929، ثم اندلاع الحرب العالمية الثانية، تغير كل شيء، وعانت التجارة الدولية والاقليمية، وكادت صناعة اللؤلؤ تختفي، وانهار الاقتصاد العالمي.

افتتاح مشروع قناة دبي المائية

في السنوات التالية عانت دبي ومدن خليجية أخرى من استمرار الركود الاقتصادي، وكان السكان يعتمدون على تجارة اللؤلؤ فأدى موتها الى افلاسات ومعاناة جماعية.

"كالعنقاء التي تنهض من الرماد، تنوع الاقتصاد المعتمد على تجارة اللؤلؤ ليمكّن الامارة من الازدهار مجددا وتصبح مركز التجارة الخليجية بلا منازغ".

ولكن دبي كانت محظوظة. إذ انتُهجت فيها أكثر السياسات التجارية تقدمية في المنطقة، وكانت تقع على شاطئ الخور. وكما كتب حاكم دبي محمد بن راشد فانه "كالعنقاء التي تنهض من الرماد، تنوع الاقتصاد المعتمد على تجارة اللؤلؤ ليمكّن الامارة من الازدهار مجددا وتصبح مركز التجارة الخليجية بلا منازغ".

خور المستقبل
يمكن القول ان تطور دبي الى المركز الذي أصبحته اليوم هو التطور الأشد إثارة للإعجاب عالمياً. وكان من نقاط الانعطاف المهمة للمدينة ، يوم كانت تقف على اعتاب النمو ، تجريف الخور في عام 1960. وقد وصف محمد بن راشد الحركة النشيطة في الخور وقتذاك قائلا إنه «ما من قبطان كان يتمنى ميناء أكثر سلاماً وأماناً من خور دبي. فالممر المائي البالغ طوله 14 كلم هو من أفضل المرافئ الطبيعية في الخليج، إذا لم يكن في العالم».

«ما من قبطان كان يتمنى ميناء أكثر سلاماً وأماناً من خور دبي. فالممر المائي البالغ طوله 14 كلم هو من أفضل المرافئ الطبيعية في الخليج، إذا لم يكن في العالم».

وتضافر الخور والسماء الصافية والصحراء والشواطئ الرملية والبحر مع السياسات التقدمية والحكمة لتصنع من دبي مركزاً متفرداً في نجاحه. واسفر تعريض الخور وتعميقه عن زيادة تجارة دبي بمتوالية هندسية، ونمو السكان في محيط المنطقة. وبدأ بالاقتران مع ذلك واحد من اول مشاريع تطوير البنية التحتية في المدينة ـ ببناء جسر آل مكتوم الذي افتُتح لحركة المرور في عام 1963.

وعندما افتُتح ميناء جبل علي واصبح النفط مصدر دخل متزايد الأهمية تراجعت أهمية الخور الاقتصادية ولكنه احتفظ بقيمته الثقافية. واليوم فان الخور هو رمز هوية دبي وقوتها، وسفنه تمر كأنها عائمة على صفحة كتاب من كتب التاريخ.

"ان المستقبل لمن يستطيعون تخيله وتصميمه وتنفيذه. انه ليس شيئاً تنتظره بل تصنعه"

الخور هو ايضاً، وكما كان دائماً، رمز نمو دبي وطموحها. ومع افتتاح قناة دبي المائية الجديدة أخذت مياه الخور تتدفق رسمياً مخترقة المدينة. وقال محمد بن راشد ذات مرة "ان المستقبل لمن يستطيع تخيله وتصميمه وتنفيذه. انه ليس شيئاً تنتظره بل تصنعه". وساعد الخور رسمياً في صنع مستقبل دبي.

 خور دبي يستكمل رحلة بدأت في 1959

تدشن قناة دبي المائية مرحلة جديدة في حياة دبي ـ مركز دبي الآن جزيرة. وبحفر أكثر من 10 ملايين متر مكعب واضافة 18 كلم الى ممر دبي المائي فان المشاريع العمرانية العديدة المخطَّط تنفيذها للمعلم الجديد تشمل بناء مركز تجاري كبير وفنادق وأكثر من 450 مطعماً وممرات للدراجات الهوائية ومتنزهات وابراج سكنية ، وأكثر. ويبلغ عمق القناة ستة امتار ومن سماتها جسور ارتفاعها ثمانية امتار تتيح مرور يخوت وسفن يصل طولها الى 200 متر. ويُقدر ان تجذب القناة اليها أكثر من 30 مليون زائر سنوياً.

اليوم يعود الخور الى نقطة البداية. فهو ما زال يشكل روح دبي، وتتدفق مياهه بحرية في شرايين المدينة، حيث يُبقي نبضهاً حياً ويربط البحر بالبحر.

"ان خور دبي ليس انجازاً معمارياً فحسب بل هو انتصار لتراثنا وتاريخنا وقلبنا"