أكدت "هيومن رايتس ووتش" الدولية المعنية بقضايا حقوق الانسان، في تقرير أصدرته اليوم، تدمير قوات الأمن في إقليم كردستان العراق بطريقة غير مشروعة قرى عربية بأكملها في مناطق تمت استعادتها من تنظيم داعش، وقالت إن بارزاني ابلغها رفضه عودة العرب الى قراهم لانها كردية.
إيلاف من لندن: قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير يضم 78 صفحة بعنوان "الاستهداف بعلامة X تدمير القوات العراقية الكردية لقرى وبيوت اثناء النزاع مع داعش"، واطلعت عليه "إيلاف" الاحد، انه تم تدمير المنازل بين سبتمبر &2014 ومايو &2016 في المناطق المتنازع عليها في محافظتي كركوك ونينوى الواقعتين ضمن سلطة الحكومة العراقية رسميًا، ولكن تتحكم فيهما حكومة إقليم كردستان عمليًا، بعد إخراجها مقاتلي تنظيم "داعش" حيث استهدفت قوات "البشمركة" التابعة لحكومة إقليم كردستان منازل العرب في حين حافظت على منازل الأكراد، في حين ردّد مسؤولو حكومة إقليم كردستان أن هذه المناطق كردية تاريخيًا، وأنهم ينوون دمجها مع إقليم كردستان. ووثقت هيومن رايتس ووتش عمليات هدم إضافية غير قانونية حصلت في أكتوبر عام 2016. &
تدمير القرى العربية واحدة بعد الاخرى
وقال جو ستروك نائب مديرة قسم الشرق الأوسط: "دمرت قوات الأمن الكردية منازل العرب، قرية تلو الأخرى في كركوك ونينوى – ولكن حافظت على منازل الأكراد – من دون أي هدف عسكري مشروع. الأهداف السياسية لمسؤولي حكومة إقليم كردستان لا تبرر هدم المنازل بشكل غير قانوني".
واوضحت هيومن رايتس ووتش إنه في الوقت الذي تُخرِج فيه قوات البشمركة داعش من القرى الواقعة على مشارف الموصل، على الولايات المتحدة واعضاء التحالف الآخرين الضغط على مسؤولي إقليم كردستان والبشمركة للتوقّف عن الهجمات غير المشروعة.
ويستند التقرير إلى زيارات ميدانية لباحثي هيومن رايتس ووتش، وأكثر من 120 مقابلة مع شهود عيان ومسؤولين، وتحليل شامل لصور الأقمار الصناعية. كما عاينت المنظمة منازل مهدمة في 17 قرية في محافظة كركوك و4 في محافظة نينوى، وجالت عبر غيرها من القرى المدمرة في نينوى، بالقرب من الحدود السورية.
تدمير طال 21 قرية
من هذه البلدات والقرى الـ 21، زارت هيومن رايتس ووتش 13 قرية تحمل آثار دمار كبير. في جميع القرى المدمرة، باستثناء 3، تحوّل نصف الأبنية على الأقل إلى ركام وأُفرِغ 7 منها من السكان.&
وبالنسبة للـ 62 قرية وبلدة المتبقيين، تُظهِر صور الأقمار الصناعية فيهم دمارًا كبيرًا يتّسق مع الدمار الناجم عن استخدام النار، والأسلحة الثقيلة ومواد شديدة الانفجار. يختلف هذا في مظهره عما نجم عن الغارات الجوية والقصف الأرضي المركّز قبل انسحاب داعش من هذه المواقع ولكن غياب شهود عيان لا يسمح بالتأكد من الملابسات والمسؤولية عن الدمار في هذه المواقع.
في محافظة نينوى، زارت المنظمة قرية بردية المختلطة، وبلدة حمد آغا العربية-الكردية، وقرية شيخان العربية المجاورة. في كل مكان، قال السكان الأكراد إن البشمركة دمروا منازل العرب دون منازل الأكراد.
وفي محافظة كركوك، قال عدد من سكان المُرّة إنهم شهدوا تدمير البشمركة للقرية – وتفجير المدرسة المحلية – بعد استعادة السيطرة عليها في معركة قصيرة مع داعش في يوليو 2015. وقال مسؤولو حكومة إقليم كردستان إنهم دمروها لأن السكان من مناصري داعش. ولكن هدم المنازل يبدو انتهاكًا لقوانين الحرب التي تحظر تدمير الممتلكات المدنية إلا للضرورة العسكرية القصوى.
ادعاءات مسؤولي الاقليم
وادعى مسؤولون في حكومة إقليم كردستان والبشمركة إن تدمير بعض الممتلكات ناجم عن قصف التحالف لـ داعش بقيادة الولايات المتحدة ونيران مدفعية البشمركة. وهذا يتفق مع تحليل هيومن رايتس ووتش لبعض من صور الأقمار الصناعية قبل القصف وبعده. ولكن في الغالبية العظمى من الحالات، تُظهِر صور الأقمار الصناعية ضررًا سببه استخدام الجرافات والحريق ومواد شديدة الانفجار – طرق غير آمنة لإزالة الألغام والأجهزة المتفجرة – بعد انتهاء القتال وبسط قوات حكومة إقليم كردستان سيطرتها.
واضاف مسؤولو حكومة إقليم كردستان والبشمركة إن قواتهم دمرت المنازل في الكثير من الأحيان، لأن داعش قد زرع فيها ألغاماً وأجهزة متفجرة. لكن خبراء إزالة الألغام قالوا إن ذلك يتعارض مع الممارسات المعتمدة وإن الانفجارات غير المضبوطة تهدد بنشر المتفجرات بين الركام ما يجعل المنطقة، وتنظيفها لاحقاً، غير آمنين البتة.
ولكن في الكثير من الحالات، دُمِّرَت المنازل والقرى بعد أسابيع وأشهر من استعادة البشمركة السيطرة عليها، ما يعني ذلك أن التخلص من العبوات الناسفة التي خلّفها داعش لم يكن من أولويات حكومة إقليم كردستان العسكرية، ولا يندرج ضمن الضرورة القصوى كمبرر يسمح به القانون الدولي الإنساني لشن هجمات على أهداف مدنية.
في حالات أخرى، هدمت قوات البشمركة المباني في قرى لم يسيطر عليها داعش أبدًا في بعض هذه الحالات، قال مسؤولو حكومة إقليم كردستان إن قواتهم دمرت المنازل لأن أحد السكان أو أكثر كانوا من مناصري داعش.
بارزاني : لن نسمح بعودة العرب لقراهم
وفي اجتماع عُقِد في يوليو 2016، قال رئيس حكومة إقليم كردستان مسعود بارزاني لـ هيومن رايتس ووتش إن حكومة إقليم كردستان لن تسمح للعرب السنة بالعودة إلى قراهم التي "عُرِّبَت" في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين. واضاف أن هذه المناطق، في رأيه، من حق الأكراد.&
ومثل هذه المطالبات بالأراضي تغذي اعتقاد الكثير من العرب في المناطق المتنازع عليها بأن قوات أمن حكومة الإقليم قامت بعمليات الهدم لمنع أو ثني العرب من العودة إليها. تحظر قوانين الحرب التعرّض للممتلكات المدنية إلا عندما يستخدمها العدو لأغراض عسكرية. كما تحظر الهجمات العشوائية، بما في ذلك الهجمات التي تعتبر منطقة بأكملها، مثل قرية، هدفًا عسكريًا.
طرد 325 عربيًا وهدم 100 منزل في كركوك
في جولة هدم وتهجير حديثة، طردت السلطات الكردية أكثر من 325 شخصًا من السكان والنازحين العرب في محافظة كركوك وهدمت 100 منزل على الأقل في أعقاب هجوم داعش على كركوك في 21 أكتوبر 2016.&
وفي الأيام التي سبقت الطرد، فحصت هيومن رايتس ووتش صور أقمار صناعية التُقِطَت بين سبتمبر &2016 و12 أكتوبر 2016، ووجدت 85 مبنى مهدَّماً. أظهرت الصور أن معظم الدمار وقع بين 11 و27 سبتمبر &في حي واحد حزيران في جنوب كركوك. يقطن هذا الحي خليط من العرب المقيمين منذ زمن في كركوك والأسر الهاربة من أعمال العنف في ديالى وبغداد في عام 2007، والعرب النازحين من مناطق داعش في 2014.
دعوة للتحقيق
وشددت هيومن رايتس ووتش على ضرورة قيام حكومة إقليم كردستان بالتحقيق في مزاعم انتهاكات القانون الدولي في هذه التقارير ومحاسبة المسؤولين.&
وطالبت الولايات المتحدة وألمانيا، وغيرها من الدول التي تساعد قوات حكومة إقليم كردستان عسكريًا، بالضغط على الحكومة الإقليمية للقيام بهذه التحقيقات وعلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان توسيع نطاق التحقيق في انتهاكات داعش الذي يقوم به مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان ليشمل الانتهاكات الخطيرة من قبل جميع الأطراف، بما فيها قوات أمن حكومة إقليم كردستان.
وقال ستورك: "نمط هدم حكومة إقليم كردستان غير القانوني للمنازل والقرى العربية مقلق للغاية بحد ذاته، بل هو وصفة جاهزة لاستمرار الصراع حتى لو طردت حكومة إقليم كردستان والقوات المتحالفة معها داعش من الموصل والأراضي الأخرى التي يسيطر عليها في العراق".
جمع العائلات في مسجد وطردها من دورها&
ومن جهتهم، ابلغ&عمال إغاثة هيومن رايتس ووتش إن قوات كردية تشمل البشمركة والأسايش وشرطة كركوك حاصرت قرية قرّه تبه العربية في محافظة كركوك، على بعد 14 كلم غرب مدينة كركوك، في 9 أكتوبر 2016، ورحّلت قسرًا بين 3000 و4000 من السكان.&
فقد جمعت قوات الأمن السكان في المسجد الرئيسي وأمرتهم عبر مكبرات الصوت بمغادرة منازلهم. بعد ساعتين، جالت السلطات القرية منزلاً منزلاً، دون أن تظهر أي أمر إخلاء مكتوب، وأمهلت السكان 2-3 ساعات لجمع أغراضهم، ثم نقلتهم إلى مخيم داقوق للنازحين، على بعد حوالي 30 كلم جنوب كركوك. لم تقدم السلطات للعائلات أي سبب للإخلاء أو أي تعويض.
ولم تكن هناك انفجارات، أو إفادات عن حوادث أمنية أخرى قد تؤكد أن القرية لم تكن آمنة للسكان الذين يرغبون في البقاء، وقت ترحيلهم من القرية التي تبعد نحو 30 كلم عن أقرب خط مواجهة كما لا توجد بنى عسكرية رئيسية معروفة في القرية.&
وحاولت هيومن رايتس ووتش زيارة قرّه تبه، ولكن البشمركة رفضت دخولها عند مدخل القرية. بدت القرية مهجورة، باستثناء عدة دوريات للبشمركة. واستطاع الباحثون مشاهدة بعض المنازل عند مدخل القرية، التي وُثّق تدميرها في التقرير. وقال قائد البشمركة المحلي – في ردّ على سؤال المنظمة إنه لم يكن هناك تدمير لمزيد من المنازل منذ توثيق مايو 2016. وقال أحد السكان النازحين فيما بعد لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات البشمركة أحرقت عددًا من المنازل، بما فيها منزله ومنزل شقيقه، ولكنه رفض أن يقول كيف عرف ذلك.
فيديو تهديم الأكراد لقرى عربية في كركوك ونينوى:
وزارت هيومن رايتس ووتش قرية قوطان، غالبية سكانها من العرب وتبعد 18 كلم شمال غرب كركوك، في 8 نوفمبر الحالي ووجدت أن القرية بأكملها تقريبا دُمرت أو تضررت بشكل كبير، أي ما يقرب 90 من أصل 100 منزل وفقًا للقرويين. لم يبقَ سوى نحو 10 منازل لعائلات تركمانية وتركمانية-كردية لم تتضرر.
وقال عديد من السكان الذين عادوا لاسترجاع بعض ممتلكاتهم إنه في ساعات الصباح الأولى من 21 أكتوبر الماضي يوم هجوم داعش الواسع على كركوك، دخل أكثر من 10 من مقاتلي داعش القرية حوالي الساعة 4 صباحًا، واستولوا على مسجد، ورفعوا راية داعش. استخدموا مكبر الصوت للخطبة بالسكان لدعم داعش. قال عديد من السكان إنهم أخطروا أقرب مركز للبشمركة بذلك.&
ووصلت قوات البشمركة حوالي الساعة 9 صباحا، فهرب مقاتلو داعش، و"كانت الأوضاع هادئة حتى الساعة 10 صباحا"، بحسب أحد السكان الذي ابلغ هيومان رايتس ووتش إنه سمع إطلاق نار من قوطان ذلك الوقت. وقال أحد سكان قوطان إن 2 من البشمركة وأحد القرويين أصيبوا في الهجوم. واضاف إن مقاتلي داعش استولوا على سيارة أحد سكان القرية وفخخوها بالمتفجرات، وفجروها عند نقطة تفتيش للبشمركة على طريق ليست بعيدة عن القرية، ما تسبب في خسائر إضافية للبشمركة.
وقال 4 من سكان قوطان إن البشمركة أخذت نحو 70 رجلاً من القرية إلى قاعدة تابعة لها على الطريق السريع، وطلبت من العائلات العربية المتبقية المغادرة والبقاء مع الأقارب وبعد يومين، نُقل الرجال إلى قاعدة الأسايش، فأطلق ضباط الأسايش سراحهم جميعا في اليوم الثالث.
تدمير ممنهج &
قال المحامي عبد الله طالب عبد الله، (37 عاماً) إنه لم يُرحّل قسرًا فورًا لأنه يتحدث الكردية، رغم أن له منزلين من بين المنازل المدمرة واوضح إن البشمركة أحضرت جرافات (وصفها بـ "المعاول") في نفس اليوم، وبدأت في تجريف المنازل.
وقال موظف في شركة نفط (50 عامًا) لـ هيومن رايتس ووتش إنه غادر القرية في اليوم السابق:
اتصل بي أحد الأصدقاء يوم الجمعة، وقال لي إن البشمركة تنهب القرية. اتصلت بضابط أمن أعرفه في كركوك وطلبت منه أن يأخذني إلى القرية. وافق، ووصلنا حوالي الساعة 3:30 مساء، لكن البشمركة لم تسمح لي بالدخول للقرية. كنتُ في الشارع الرئيسي أحاول إقناعهم بالسماح لي بالدخول، عندما رأيت شاحنة بيضاء تسحب سيارتي من نوع "تويوتا كورولا"، وكان رجل يرتدي زي البشمركة في سيارتي. عندما قلت له إنها سيارتي، قال: "الآن هي لي". أقنعه جار كردي بإعادة السيارة لي. طلبت صباح اليوم التالي من بعض الأصدقاء الأكراد من كركوك مساعدتي على استعادة سيارتي الأخرى. عندما وصلنا إلى القرية أخرجت سيارتي. رأيت أشخاصا بملابس كردية ينهبون بيوتنا، ولم أستطع أن أقول أي شيء لهم. رأيت منازل قريبة من الشارع الرئيسي قد دُمرت.
وقال عبد الله طالب عبد الله إنه على مدى اليومين التاليين قامت القوات الكردية – الأسايش هذه المرة – بإحضار جرافتين، وشرعت في نبش المنازل وتدميرها. قال إنه سأل لماذا تُدمّر المنازل، فجاءه الرد: "لماذا لم تحاربوا داعش؟". قال جميع السكان إن هجوم داعش في وقت مبكر من صباح 21 أكتوبر كان الأول من نوعه على قوطان، رغم وجود نشاط &لداعش في المناطق القريبة، وأنه كان هناك بعض المتعاطفين المعروفين في القرية.
سكان قرية قوشقاية العربية اجبروا على مغادرة منازلهم
قال أحد النازحين من قرية قوشقاية العربية التي تبعد نحو 12 كلم شمال قوطان لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات البشمركة أجبرتهم على ترك منازلهم على مدار عدة أيام، ابتداء من 24 أكتوبر، وزارت وزارة المنظمة قوشقاية في مايو لتوثيق تدمير نحو 30 منزلاً من العام الماضي، كما هو موثق في التقرير (الصفحة 33). عندما زارها الباحثون مرة أخرى في 8 نوفمبر، وجدوا أن عديد المنازل تعرضت للهدم والحرق، وكذلك المدرسة الابتدائية والمستوصف.
وكانت القرية خالية تمامًا من السكان، ولكن لاحظ الباحثون حوالي 5 مجموعات صغيرة لرجال يتحدثون الكردية، ومعهم شاحنات صغيرة ومتوسطة الحجم، ومعهم رجلان في زي البشمركة في إحدى المجموعات، ينهبون ممتلكات مثل الثلاجات والغسالات والنوافذ وإطارات الأبواب.
وتحدث الباحثون مع رجل وامرأة في قرية كردية لها نفس الاسم، ولكنها أصغر بكثير، على الجانب الآخر من الطريق السريعة. عندما سئل الرجل لماذا كانت القرية العربية فارغة وبيوتها مدمرة، أجاب: "كانوا عربا، كانوا دواعش، أو لهم أقارب دواعش". قالت المرأة إن قوطان وقوشقاية كانتا موطنًا لـ "مثيري شغب معروفين". وأضافت أنه قبل ظهور داعش عام 2014 كانوا من القاعدة والبعثيين على حد قولها.
التعليقات