تكثف قوات النظام السوري من هجماتها للسيطرة على مدينة داريا بسبب أهميتها الإستراتيجية، لكن الثوار يؤكدون أنهم لن يسمحوا بذلك، وسيقاتلون دفاعًا عنها حتى الرمق الأخير.

داريا: تشن قوات النظام السوري، مدعومة بميليشيات شيعية، هجوماً واسعاً، منذ أسابيع، على مدينة داريا، بريف دمشق الغربي، ويترافق الهجوم، مع قصف مدفعي وصاروخي وعشرات البراميل المتفجرة يومياً التي تلقى على&المدنيين ضمن الأحياء السكنية في المدينة.
&
مصادر ميدانية من مدينة داريا أفادت بحشد نظام الأسد 1500 جندي من قواته، إضافةً إلى الميليشيات الشيعية، استعدادًا لهجوم بري وشيك على مدينة داريا المحاصرة، تحت إشراف ضباط روس، &بهدف السيطرة على المدينة التي استعصت على قوات الأسد لأكثر من أربع سنوات.&
&
لماذا داريا؟
&
البراميل المتفجرة والهجمات العسكرية التي تشنها قوات الأسد والميليشيات التي تدعمه لا تتوقف على المدينة منذ سنوات. فلماذا يريد النظام السيطرة عليها؟ سؤال أجاب عليه قائد عمليات لواء شهداء الاسلام أبو جعفر الحمصي، وفي تصريح لـ "إيلاف" قال: "بالطبع، فإن الأهمية الجغرافية لمدينة داريا وإطلالها على مطار المزة العسكري وأوتوستراد درعا الدولي وقربها من مركز العاصمة دمشق حيث لا تبعد سوى 7 كم إضافة لكونها بوابة دخول دمشق للفصائل المتواجدة في الريف الغربي وجنوب سوريا تدفع بعصابات الأسد لمحاولة السيطرة على المدينة، إضافة إلى أن السيطرة على مدينة داريا من قبل هذه العصابة تعني تحقيق نصر معنوي كبير خاصة أن المدينة صمدت لسنوات عدة واستنزفت قواته بآلاف القتلى والجرحى".
&
ورغم القصف اليومي الكثيف بالبراميل المتفجرة ومشاركة عناصر"حزب الله" والمليشيات الإيرانية بمعارك داريا إلى جانب قوات نظام الأسد، بقيت المدينة صامدة في وجه أي تقدم لهذه القوات، واستطاع عناصر الجيش السوري الحر المرابطون على تخوم المدينة؛ مؤخرًا أن يقلبوا الأمور ويحققوا مكاسب على الجبهة الغربية للمدينة، كما حصل قبل نحو شهرين في آخر معارك المدينة، والتي أطلقها الثوار وأسموها “لهيب داريا”.
&
وتشكل سيطرت الثوار على مدينة داريا وخاصة على منطقة الجمعيات، التي تعتبر أقرب نقطة للجيش الحر لمطار المزة العسكري، وهو أهم وأبرز مطار عسكري في سوريا، أهمية استراتيجية للثوار.
&
معركة وجود
&
في قواعد الحرب المتعارف عليها، تكون الخطط الهجومية مرفقة بخطط انسحاب في حال لم تمضِ الأمور وفق ما هو مأمول. وهذا ما تتبعه الكتائب المقاتلة في سوريا، عدا مقاتلي المعارضة المسلحة في داريا، الذين يرون أن القتال في اتجاه واحد، حيث لا مفر للتراجع، والنتيجة النصر المؤزر أو "الشهادة".
&
وما يميز مقاتلي داريا عن غيرهم هو أنهم من شباب المنطقة من دون غرباء أو دخلاء، فهم يعرفون المنطقة الجغرافية بشكل دقيق ما يجعل محاولة قوات النظام والميليشيات التابعة له الدخول أو التقدم إلى المدينة أمرًا صعبًا، مما يرفع اعداد القتلى والجرحى صفوف النظام، وهو ما تم رصده في جميع المعارك السابقة.
&
ويؤكد أحد القادة الميدانيين في المدينة لـ "إيلاف" أن إمكانية الصمود في وجه قوات النظام كبيرة ومعنويات الثوار عالية، وقال: "أهم ما نملك من إمكانيات الصمود هو خبرة مقاتلينا الكبيرة المكتسبة على مر السنين الطويلة في مختلف صنوف المعارك الدفاعية والهجومية والتأقلم مع كافة الظروف القاسية"، على حد تعبيره.
&
يقول أحمد مجاهد، وهو ناشط اعلامي ويتواجد على الخطوط الأمامية للمعارك في مدينة داريا، "إن النظام السوري عمل على مدى سنوات، وبكل ما يملك من قوة، للسيطرة على المدينة، لكن كل محاولاته باءت بالفشل"، موضحًا أن النظام اعتمد خلال هذه السنوات على مبدأ الأرض المحروقة، بالقصف الجوي بالبراميل المتفجرة بشكل يومي، وبقنابل النابالم المحرمة دوليًا في مرات عديدة، لينتقل بعدها لحصار المدينة التابعة للغوطة الغربية منذ ما يقارب الأربع سنوات، ما تسبب بأوضاع كارثية على المستوى الإنساني، للمدنيين الذين بقوا في المدينة والبالغ عددهم نحو 12 ألفاً نصفهم من النساء والأطفال.
&
جيش حر&
&
تكاد مدينة داريا أن تكون المدينة الوحيدة التي لا توجد بها تشكيلات عسكرية متنوعة تابعة للمعارضة المسلحة، حيث يتولى السيطرة عليها فصيلان عسكريان تابعان للجيش السوري الحر، وهما لواء شهداء الإسلام وأجناد الشام.
&
الصحافي عمار زيادة، ابن مدينة داريا يتحدث عن سبب ابتعاد أبناء المدينة وثوارها عن الأفكار المتشددة ورفضهم لها كتنظيم جبهة النصرة وغيرها، رغم ان معظمهم من الملتزمين بالدين الإسلامي، قائلا: "إن الحراك المدني المرافق للحراك العسكري كان له دور أساسي في ذلك، إضافة إلى أن المجلس المحلي له نشاط بارز وجيد جداً في المنطقة والعلاقة بين الفصائل وبين المجلس من خلال مكتب يتم التنسيق من خلاله"، على حد تعبيره.
&
الخبير العسكري، محمد سلوم، وهو ضابط منشق عن قوات النظام يقول: "مما لا شك فيه أن النظام ومن خلفه من ميليشيات يحاول إعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية، وخاصة المتاخمة للعاصمة دمشق، لكنه يدرك تمامًا عدم إمكانية تحقيق هذا الأمر لأسباب عدة، أهمها أنّ كل تقدم يحرزه على الأرض لا يتحقق إلا بالقصف الجوي العنيف، وبالتالي فإن هذا القصف الممنهج لن يبقى إلى ما لا نهاية في سوريا، ولن يحقق نتيجة وخاصة في داريا التي يتم استهدافها بشكل يومي دون جدوى أو أي نتائج ميدانية تذكر، بالتالي عدم قدرة قواته على المواجهة وهو أمام هذا الواقع يحاول اليوم تأمين دولته التي يحلم بها من خلال حصار المناطق ومنها ما يحصل مؤخرًا في داريا، لكن بطبيعة الحال المدينة تعرضت لحصار خانق في السنوات السابقة ولم ترضخ وإنما بقيت صامدة وتقاوم ليومنا هذا"، كما يقول.
&
نجدة داريا
&
من خلال المعطيات السابقة يبدو أن الحل الوحيد لتخفيف الحصار والقصف على مدينة داريا لا يمكن إلا بشن عمليات عسكرية من قبل الثوار في الغوطة الشرقية والغربية لتخفيف الضغط عن أخوانهم في مدينة داريا.
&
وفي هذا السياق، يؤكد &قائد عمليات لواء شهداء الاسلام أبو جعفر الحمصي وفي تصريح لـ "إيلاف" بالقول إن&"تقديم الدعم الميداني والعسكري للمدينة يكون من خلال فتح جبهات جديدة في الغوطتين الغربية والشرقية لتخفيف القصف ومحاولة التقدم لكسر الحصار المفروض على المدينة منذ سنوات".
&
وفي وقت سابق، حذر الائتلاف السوري المعارض، من مجزرة وشيكة تحضر لها قوات النظام بدعم من روسيا والحرس الثوري الإيراني، في مدينة داريا بريف دمشق الغربي، مؤكدًا أن هذه الأطراف تمارس أفعالاً ترقى إلى جرائم تطهير عرقي وإبادة جماعية لجهة القتل بقصد التهجير. وحمّل الائتلاف الوطني مجلس الأمن الدولي على وجه الخصوص، مسؤولية أي جريمة ترتكب بحق المدنيين في مدينة داريا المحاصرة، والبالغ عددهم نحو 12 ألفاً نصفهم من النساء والأطفال.
&
وتحاصر قوات النظام المدينة التابعة للغوطة الغربية منذ ما يقارب الأربع سنوات، ما تسبب بأوضاع كارثية على المستوى الإنساني، وقد بدأت في الأيام الأخيرة عملية عسكرية كبيرة، ضد مناطق سيطرة المعارضة في مدينتي داريا ومعضمية الشام وتمكنت من فصل المدينتين عن بعضهما من خلال الطريق الوحيد، الذي تسيطر عليه المعارضة ويصل بين المدينتين.
&