عرض الأسترالي مايكل واير فيلمًا وثائقيًا عن الكابوس العراقي منذ عام 2003 جمعه من يومياته المصورة في خلال 7 سنوات قضاها في العراق، شهد فيها أول عملية إنتحارية نفذها رجال الزرقاوي، كانت ولادة ما سيعرف لاحقًا بداعش.


سيدني: قضى الصحافي الأسترالي مايكل واير سبعة أعوام في العراق، فلم يدوّن خلالها يومياته، بل صوّرها، جامعًا مادةً مصورة بالغة الدلالة، أخرجها في وثائقي سمّاه "الموتى وحدهم" (Only the Dead)، وثّق فيه حروب العراق الكثيرة.

قسوة الجنود
في أثناء مشاهدة هذا الفيلم، ربما يسأل المشاهد نفسه: "هل يجب أن أشاهد هذه المآسي؟"، خصوصًا حين تمر مشاهد "الجهاديين" يقتلون مخبرًا للحكومة وهو راكع بطلق ناري في الرأس، ومشاهد لصوص معلقين من معاصمهم المربوطة، وقد اخترقهم الرصاص من كل جانب، ومشاهد قسوة الجنود الأميركيين.&
&
ربما الجواب "نعم". فعلى كل منا أن يرى هذا الفيلم، بحسب ما يقول إد فوليامي، كاتب التقرير في صحيفة غارديان البريطانية. فالعنف ليس مجانيًا، بل يستفز كاتب سيناريو ومصورًا هو الأسترالي مايكل واير، الصحافي الذي كلف تغطية الحوادث العراقية طوال سبعة أعوام، فخرج منها بيوميات مصورة. وشهد ولادة داعش... "وكل شيء موثق في الفيلم"، كما يقول.
&
أطلق هذا الفيلم، الذي يصور الحروب العراقية منذ الغزو الأميركي في عام 2003، في الصالات الأميركية في الأسبوع الماضي، وربما يكون هدفًا للنقد الكثيف، لأنه يقدم مشاهد عنف دامية، تمامًا كما حصلت، بلا تجميل أو تعتيم، خصوصًا في نهايته، حين يوثق واير جنودًا أميركيين يفتشون رجلًا، ويكيلون إليه الشتائم، بعدما أصابوه إصابة بليغة في الرأس، ثم يتركونه يموت من دون أن يسعفوه، حتى إنهم كانوا يصرخون به، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة: "مت بسرعة يا أيها اللعين!"، في ما قد يذكر الأميركيين بكتاب مايكل هير (Dispatches) عن حرب فيتنام والمآسي التي تسبب بها الجنود الأميركيون هناك، بحسب ما وثقها الصحافي.
&
لا يعرفونهم
تنقل غارديان عن واير قوله: "استغرق الأمر طويلًا كي أنتج هذا الفيلم، فقد قضيت 7 سنوات طوال في العراق، لم أغادره أبدًا، لذا عايشت الحوادث كأي عراقي آخر، يومًا بيوم".&
&
يضيف: "وجدت نفسي في بغداد في عام 2003 ومعي مئات من المراسلين الصحافيين، الذين فاقوني خبرة، وكنت أستمع إلى آلة الحرب الأميركية وإلى الأميركيين في صيف 2003 يتحدثون عن المجرمين والإرهابيين، فأدركت توًا أن الأميركيين لا يعرفون من هؤلاء الناس الذين يطلقون النار على جنودهم، ولا يعرفون لماذا يطلقون النار، فقادني فضولي الصحافي البدائي إلى أن أعرف الجانب الآخر من الرواية، فوجدت ما يسمونه (العدو) مختلفًا تمامًا عما كانوا يصفونه، أي كان ثمة انقطاع بين من يديرون هذه الحرب وبين الحرب نفسها".
&
في عام 2004، بدأ الكابوس العراقي بالسيارات المفخخة، وأدرك واير أن ذلك ليس من عمل المقاتلين الذين يرافقهم، بل من عمل أشخاص يخافهم الجميع، حتى المقاتلين الذين يرافقهم. وللمرة الاولى، يظهر شريط فيديو "جهاديين" يتحضرون لتنفيذ عملية إنتحارية كانت الأولى، أو المانيفستو الذي أعلنه القيادي الجهادي مصعب الزرقاوي.&
&
ولدت داعش
تتوالى المشاهد التي تبين "الجهاديين" في عملياتهم العسكرية ضد الأميركيين، في ما صار يعرف بعد خمسة أعوام تقريبًا بتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام أو داعش، التي جمعت اليوم "الجهاديين" السنة تحت جناحيها.
&
بالنسبة إلى واير، السياسة صارت أمرًا نافلًا، "والحسابات السياسية التي أتت بالأميركيين إلى العراق قد انتفت، وكل حرب بلا معنى، لكننا نتوارثها هنا جيلًا بعد جيل، ولا بوصلة إنسانية تقودنا، لكن علينا أن نصنع سلمنا الخاص، وتدرك فعليًا أن في نهاية الدم والألم، ثمة حقيقة واحدة وحيدة تبقى بمنأى من كل هذا الضرر: إنه الحب، ولهذا يمكنك أن تصمد، وأنا شخصيًا مستعد لأن أبادل كل ما تعلمته هنا مقابل أي شيء آخر".&