من المتوقع أن تجلب نتائج الانتخابات الإيرانية بعض التغييرات على المشهد السياسي في الجمهورية الإسلامية، وستشعر حكومة روحاني المعتدلة بقدر أكبر من الثقة في تنفيذ خططها للحد من نفوذ المتشددين إلى جانب خصخصة المزيد من النظام الاقتصادي.

القاهرة: علقت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" على انعكاسات الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجلس الخبراء التي شهدتها إيران قبل بضعة أيام.

وأوضحت أن الصورة في طهران تبدو غاية في الوضوح، بعد تحقيق الأحزاب الموالية للحكومة فوزاً كاسحاً في انتخابات البرلمان، بفوزها بكل المقاعد الـ 30 في العاصمة، فضلاً عن تمكن المرشحين المتحالفين مع الرئيس الإصلاحي حسن روحاني من منع بعض المتشددين البارزين من دخول مجلس الخبراء، الذي يعتبر المجلس الديني المسؤول عن تسمية خليفة للزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي حين يموت.

والقائمة التي تبرز& الفائزين في الانتخابات البرلمانية هي تحالف غريب من المرشحين الوسطيين وبعض ممن كانوا يعرفون في السابق بأنهم متشددون. ورغم أن تلك الجماعة الأخيرة ما تزال محافظة اجتماعياً، إلا أنها دعمت خلال السنوات الأخيرة سياسات الرئيس روحاني المعتدلة، لا سيما نهجه الجديد تجاه العالم الخارجي وتوصله لاتفاق مع القوى العالمية بخصوص برنامج بلاده النووي المثير للجدل.

واستبعد مجلس صيانة الدستور تقريباً كل المرشحين الإصلاحيين المعروفين وكثير من المرشحين المعتدلين. ونتيجة لذلك، لجأ القادة الاصلاحيون إلى الأرضية المجهولة المتعلقة بدعم قائمة تحالف وطالبوا أنصارهم بأن يصوتوا من الناحية التكتيكية.

موقد الانتخابات

وبينما تنبأ كثير من المراقبين، نتيجة استبعاد مرشحين كُثر ونقص الاهتمام العام، بأن تتحول الحملة لحملة مملة وسباق أحادي لصالح المرشحين المتشددين، إلا أن كل شيء تغير في آخر مراحل الحملة، وهو ما أحدث اضطراباً آخر بالمشهد السياسي في إيران.

ونوهت "بي بي سي" إلى أن تلك الحملة المملة التي انطلقت في الشوارع لم تترجم لحملة مملة على الإنترنت، حيث أتاحت مواقع التواصل الاجتماعي الفرصة لعاصفة عارمة.

وأضافت بي بي سي كذلك أن الملايين من مستخدمي مواقع تليغرام وتويتر وفايسبوك لم يساهموا فحسب في تسخين "موقد الانتخابات" - كما يوصف في إيران - لكنهم دفعوه نحو الانصهار، وهو ما لم يكن يتوقعه أحد حتى عشية الانتخابات.

القائمة الإنكليزية

وأوضحت بي بي سي أن من بين العوامل التي ساهمت في احتدام الحملات الانتخابية على الانترنت هو المرشد الأعلى نفسه، الذي طالب الناخبين قبيل بدء الانتخابات ببضعة أيام بضرورة الحذر من تلك القائمة التي وصفها بـ "القائمة الإنكليزية".

حيث اتهم بريطانيا بالتخطيط لاختراق الانتخابات بدعمها لمرشحين بأعينهم وتنظيم تصويت تكتيكي يحول دون دخول بعض الشخصيات شديدة المحافظة مجلس الخبراء والبرلمان. وهو التعليق الذي أغضب كثير من الساسة الموالين للحكومة، بمن فيهم الرئيس نفسه، الذي وصف "القائمة الإنكليزية" بأنها إهانة لذكاء الإيرانيين.

وما زاد الزخم بشكل غير متوقع، هو تشجيع زعيما المعارضة، مير حسين موسوي ومهدي كروبي، لأنصارهما على التصويت ومطالبتهما السلطات إحضار صناديق اقتراع لمنزليهما (حيث يخضعان للإقامة الجبرية طوال الأعوام الخمسة الماضية) كي يدليا بأصواتهما - وهي الحركة التي وصفت بالجريئة وغير المتوقعة - بالنظر إلى اعتقالهما في المقام الأول عقب اتهامهما السلطات بتزوير الأصوات في الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل التي أجريت عام 2009.

تغييرات

ورغم المكاسب الكثيرة التي حققتها القوى المعتدلة والأحزاب الموالية للحكومة في كلتا الانتخابات، إلا أنه ما يزال من المبكر للغاية التقليل من شأن المتشددين والمحافظين.

وتوقعت بي بي سي في الختام أن تجلب نتائج تلك الانتخابات بعض التغييرات على المشهد السياسي في إيران، موضحة أن حكومة روحاني المعتدلة ستشعر بقدر أكبر من الثقة في تنفيذ خططها الطموحة للحد من نفوذ الجهات غير المنتخبة وكذلك القوات المسلحة في عالم السياسة، إلى جانب خصخصة المزيد من النظام الاقتصادي.