بترحيب حار، استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العاهل المغربي الملك محمد السادس، لافتًا إلى أنَّ «الزيارة تعطي دفعًا قويًّا للعلاقات بين البلدين».

دبي: أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتطور العلاقات الثنائية بين روسيا والمغرب، وذلك في لقاء بروتوكولي جمعه بالملك محمد السادس صباح يوم أمس الثلاثاء في موسكو، منوهًا بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي قام بها المغرب في مختلف المجالات.&

وقال بوتين: «أرحب بكم في العاصمة الروسية، لا سيما هذا العام، لأنه قبل 50 عامًا كان والدك الراحل الملك الحسن الثاني قد زار الاتحاد السوفيتي، من أجل إقامة علاقات متميزة بين بلدينا، والتي تطورت منذ ذلك الحين». أضاف: «أنا على يقين، يا صاحب الجلالة، أن زيارتك الحالية إلى روسيا ستكون قوة دافعة لتطوير العلاقات الثنائية بين بلدينا».

وفي الاجتماع الذي حضره أيضاً من الجانب المغربي مستشارا الملك محمد السادس الطيب الفاسي الفهري وفؤاد عالي الهمة، ومن الجانب الروسي وزير خارجية موسكو، ناقش العاهل المغربي والرئيس الروسي العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، خصوصاً التوجه تحو تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المغرب وروسيا في مختلف القطاعات التي تعتبر قاطرة للتنمية.&

وقال بوتين: «لدينا علاقات رائعة مع المغرب، لكن من الغريب تسجيل انخفاض في المبادلات التجارية، وتحديداً في بعض السلع المغربية التقليدية»، مبدياً استغرابه حول «الأسباب التي أدت إلى تراجع صادرات المغرب إلى روسيا من حيث الفواكه والبرتقال والطماطم، لاسيما بالنظر إلى القيود المفروضة على استيراد هذه المنتجات الزراعية من دول الاتحاد الأوروبي».

وجاء رد العاهل المغربي سريعاً، قائلاً: «كما تعلمون، لدينا علاقات طويلة الأمد مع أوروبا. وأتمنى من شركائنا في الاتحاد الأوروبي؛ فرنسا وإسبانيا والبرتغال، أن يساعدونا على تجاوز المرحلة الصعبة الراهنة في أقرب وقت ممكن». أضاف: «بما أن وزير الزراعة حاضر معي ضمن الوفد المرافق لي (في إشارة إلى عزيز أخنوش) سوف نكون في مستوى مناقشة موضوع الصادرات الزراعية المغربية إلى روسيا».

&وأكد بوتين أن موسكو تأخذ في الاعتبار كما يجب موقف المغرب في تسوية نزاع الصحراء، متمثلاً في مقترح الحكم الذاتي الموسع تحت السيادة المغربية. وشدَّد على أن «موسكو لا تؤيد أي خروج على المعايير المحددة سلفاً ضمن القرارات الحالية لمجلس الأمن الدولي، وبأنها أخذت علماً بالمشاريع الاجتماعية - الاقتصادية الرامية إلى تنمية مناطق الصحراء، وتحسين ظروف عيش الساكنة القاطنة بها»، لافتاً إلى أن «روسيا لا تدعم أي توجه لتسريع أو تعجيل عملية تدبير المسلسل السياسي بالصحراء».&

&كما عبَّر بوتين عن «دعم روسيا لجهود مجلس الأمن والمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي مقبول من الأطراف لقضية الصحراء، لما فيه مصلحة الساكنة وطبقاً لمبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة».

&تسوية النزاعات في الشرق الاوسط

تطرق الطرفان أيضاً إلى الملفات الدولية، خصوصاً الوضع في سوريا والشرق الأوسط. فقد أكدت الرباط وموسكو، في أعقاب محادثات القمة بين العاهل المغربي والرئيس الروسي، تأييدهما لوحدة الأراضي السورية، مع ضرورة الوصول إلى تسوية نهائية للأزمة السورية المندلعة منذ سنوات، كما دعا البلدان&أيضاً إلى الاستئناف الفوري لحوار سوري شامل ومباشر. وأكد بيان مشترك في هذا الخصوص على ضرورة تعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل عام، مع التركيز على التسوية النهائية للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، ودفع الحوار الوطني الليبي قدماً إلى الأمام وتسوية الأزمة اليمنية.&

وأكد المغرب، بحسب البيان المشترك، ترحيبه بمبادرة الرئيس الروسي تشكيل جبهة واسعة لمواجهة "الإرهاب"، على أساس معايير القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، مضيفاً أن مثل هذه الجبهة يجب أن تعمل بموافقة وتنسيق مع الدول التي تتحمل العبء الأكبر في محاربة الإرهابيين. &وشدد البلدان معاً على ضرورة تعزيز التعاون الدولي في مواجهة الإرهاب والتطرف الدوليين، مع تعزيز الدور المحوري للأمم المتحدة في تلك الجهود، فيما حضر زعيما المغرب وروسيا مراسم التوقيع على حزمة من الوثائق المتعلقة بتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين.

سبع اتفاقيات

وترأس العاهل المغربي والرئيس الروسي حفل التوقيع على عدد من اتفاقيات التعاون الثنائي في مجالات عدة، وهي كما يلي:

&الأولى، وتتعلق الاتفاقية بميدان تسليم المجرمين، وقعها وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، ووزير العدل الروسي ألكسندر كونوفالوف.

&الثانية، وتهم الخدمات الجوية، وقعها وزير التجهيز والنقل واللوجستيك عزيز الرباح، ووزير النقل الروسي ماكسيم سوكولوف.

&الثالثة، وتتعلق بالتعاون في مجالات حماية البيئة والاستخدام العقلاني للموارد الطبيعية، وقعتها الوزيرة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن المكلفة بالبيئة حكيمة الحيطي، والوزير الروسي للموارد الطبيعية والبيئة سيرغي دونسكوي.

&الرابعة، وهي في مجال الصيد البحري، من طرف وزير الزراعة والصيد البحري عزيز أخنوش، والوزير الروسي للفلاحة ألكسندر تكاشيف.

&أما الاتفاقية الخامسة، فاهتمت بتشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة، وقد وقعها وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد، ونائب الوزير الروسي في التنمية الاقتصادية ألكسي ليكاشيف.

&في حين تتعلق السادسة بالحماية المتبادلة للمعلومات المصنفة في المجالين العسكري والتقني، وقعها الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالدفاع الوطني عبد اللطيف لوديي، ومدير الأمن الاقتصادي بالقسم الاتحادي للأمن يوري ياكوفليف.

&

&

أما الاتفاقية السابعة، فتركز على محاربة الارهاب الدولي، وقد وقعها الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون ناصر بوريطة والوزير الروسي للشؤون الخارجية سيرغي لافروف.

&مذكرات تفاهم

جرى أيضًا التوقيع على مذكرات تفاهم عدة، بينها مذكرة تفاهم للتعاون في ميدان الطاقة، وأخرى حول التعاون في ميداني البحث الجيولوجي والاستكشاف تحت الأرضي، ومذكرة تفاهم بين المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية التابع لوزارة الزراعة والصيد البحري بالمملكة المغربية والهيئة الفدرالية للمراقبة البيطرية والصحة النباتية لروسيا الاتحادية، في مجال المراقبة الصحية للنباتات والمنتجات النباتية.

&كما تم الاتفاق على برنامج عمل مشترك للسنوات 2016- 2018 يهدف إلى تنفيذ اتفاقية التعاون في الميدان السياحي، الموقعة بين حكومة المملكة المغربية وحكومة روسيا الاتحادية، وقعه المدير العام للمكتب الوطني المغربي للسياحة عبد الرفيع زويتن، ومدير الهيئة الفدرالية للسياحة أوليغ سافونوف.&

&إلى جانب مذكرة تفاهم للتعاون الإسلامي بين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية والمنظمة الدينية المركزية (مجلس شورى المفتين لروسيا)، وقعها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، ورئيس مجلس المفتين بروسيا المفتي الشيخ رافيل غاينوتدين.

تأييد انسحاب روسيا من سوريا

عقب انتهاء المحادثات بين الزعيمين، عقد وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف لقاءً صحافياً، بمشاركة ناصر بوريطة، الوزير المنتدب لدى وزير الخارجية، أعلن فيه رئيس الدبلوماسية الروسية أن الملك محمد السادس يؤيد قرار بوتين بسحب الوحدات الرئيسية من قواته الجوية من سوريا.

وقال لافروف: «إننا لدى اتخاذ القرار بتعليق عملية القوات الجوية الروسية في سوريا جزئياً، كنا ننطلق من تحقيق الأهداف التي طرحها الرئيس الروسي، ومنذ ذلك الحين تمكن الجيش السوري من استعادة مواقعه على المسارات الرئيسة، كما تم إلحاق خسائر كبيرة بالإرهابيين».​