لن يُسدل عام 2015 ستائره على لأأوراقه إلا وهو في اعتبار الكثيرين من أسوأ السنوات التي مرت في الحقبة الأخيرة لجهة الأحداث التي شهدها إن كان في العالم أو في المنطقة العربية أو على المستويات الاقتصادية أو السياسية. فالأزمات المتفاقمة التي اجتاحت العالم خلال 2015 أرخت بظلال ثقيلة سيتطلب الخروج منها وقتاً.
بيروت: من اعتداءات باريس إلى انهيار أسعار النفط ففضيحة فوكسفاغن مرورًا بعملية "عاصفة الحزم" والمآسي التي فتحها مف اللجوء إلى أوروبا وعشرات حالات غرق المهاجرين، وصولاً إلى دخول روسيا في الحر السورية وإسقاط الطيران الحربي التركي للمقاتلة الروسية وما تبعه، ومحطة إبرام الاتفاق النووي الإيراني الغربي، ورحيل الملك عبد الله بن عبد العزيز والأمير سعود الفيصل، إلى سقوط الرافعة في الحرم المكي الشريف، والتفجيرات الإرهابية في لبنان وفضائح الاتحاد الدولي لكرة القدم، كلها عناوين شغلت الرأي العام وما زالت تردداتها تنعكس هنا وهناك.
1. دولياً
- أكثر المواضيع التي تفاعل معها الناس على غوغل كانت اعتادءات باريس بأكثر من 897 مليون عملية بحث. وكانت الإعتداءات وقعت يوم الجمعة في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، حين هاجم مسلحون إرهابيون على صلة بتنظيم "داعش" المتطرف، مسرح باتكلان وملعب حديقة الأمراء ومطعماً ومقهى وأسفرت تلك الهجمات عن& مقتل 130 شخصاً وإصابة 352 آخرين في هجمات هي الأكثر دموية في فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية. وكان 12 شخصاً قتلوا في 7 كانون الثاني (يناير) في هجوم شنه مسلحون على مقر مجلة "شارلي إبدو" في العاصمة الفرنسية أيضاً.
- من الملفات الدولية لا بد من استذكار الاجتماع التاريخي بين الرئيس الأميركي باراك اوباما مع الرئيس الكوبي راؤول كاسترو في 12 نيسان (ابريل). وفي 18 أيلول (سبتمبر) عيّنت كوبا الدبلوماسي خوزيه كاباناس سفيرا لها في الولايات المتحدة الأميركية لأول مرة منذ عام 1961.
- وكان مؤتمر المناخ العالمي الذي افتتح أعمالة في باريس في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) بحضور ممثلين عن 195 دولة من أبرز أحداث العام أيضاً، وفي 12 كانون الأول (ديسمبر) توصل المجتمعون إلى اتفاق تاريخي يُلزم جميع دول العالم بالحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
- إتهمت روسيا في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) الحكومة التركية باسقاط طائرة حربية روسية قرب الحدود مع سوريا وفتحت تلك الحادثة النار بين البلدين ولم يتوقف الأمر عند التردادات السياسية بل تبعه جملة من العقوبات الاقتصادية المتبادلة.
- بعد مفاوضات ماراثونية استمرت سنوات وقعت مجموعة الدول الكبرى (5+1) وايران في 14 تموز (يوليو) إتفاقاً شاملاً يضع حداً لبرنامج طهران النووي، وفي 20 من الشهر ذاته وافق مجلس الأمن الدولي بالاجماع على مشروع القرار رقم 2231 الذي يصادق على الاتفاق. وأعلنت ايران في الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر) البدء في وقف تشغيل أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم وفق ما نصت بنود الاتفاق.
2. عربياً
- كان اليمن في صلب الاهتمام خلال العام الحالي بعد الانقلاب الذي نفذته حركة "أنصار الله"، الموالية لإيران ضد الحكومة اليمنية ففي 21 كانون الثاني (يناير) سيطر مسلحوها على مجموعة ألوية الصواريخ في& صنعاء، وتبع ذلك توقف الرحلات الجوية بين مطاري صنعاء وعدن في اليوم ذاته وفي اليوم التالي أعلن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ورئيس حكومة الوفاق خالد بحاح استقالتهما. وفي 6 شباط (فبراير) أصدر الحوثي إعلاناً دستورياً يتضمن تشكيل مجلس رئاسي ومجلس وطني وحل البرلمان اليمني، وبدأت في& الشهر ذاته بتشكيل مؤسسات الدولة بشكل أحادي الجانب.
- ومع تفاقم الأوضاع الداخلية، غادر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في 25 آذار (مارس) مقر اقامته في عدن الى الخارج. وفي 26 آذار مارس) أعلنت السعودية إطلاق عمليات "عاصفة الحزم" بمشاركة تحالف عربي وإسلامي عريض لدعم الرئيس اليمني. وأعلنت القيادة العسكرية في 26 آاذر (مارس) نجاح المرحلة الاولى.
-& في سوريا كان الأبرز دخول "الدب الروسي" في شكل فعلي على مسرح الحرب الدائرة هناك، فقد أعلنت القوات الجوية الروسية في 30 أيلول (سبتمبر) الماضي تنفيذ أولى غاراتها الجوية ضد مواقع "داعش" في سوريا، لتدشن بذلك مرحلة جديدة من الصراع شهدت في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) إسقاط إحدى طائراتها الحربية من قبل القوات التركية عند الحدود مع سوريا.
- وتبنى مجلس الأمن في 7 آب (أغسطس) قراراً يسمح بإجراء تحقيق في هجمات بالأسلحة الكيميائية في سوريا وتحديد المسؤولين عنها. وللمرة الأولى منذ خمس سنوات سافر رئيس النظام السوري، بشار الأسد، إلى خارج البلاد متوجهاً في 21 تشرين الأول (اكتوبر) إلى موسكو حيث التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. على خط موازٍ، حدد مؤتمر فيينا حول سوريا في 14 تشرين الثاني (نوفمبر) جدولاً زمنياً للتحول السياسي وبدء المحادثات بين حكومة الأسد والمعارضة لتشكيل حكومة انتقالية تمهد لدستور جديد وانتخابات حرة.
- أما السعودية فلم تغب عن ساحة الأحداث إن من حيث التغييرات الداخلية أو من حيث دورها في المنطقة والعالم. ففي 23 كانون الثاني (يناير) توفي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وتولى من بعده الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم، وشهدت هذه الفترة أيضاً وصول أحفاد الملك عبد العزيز إلى السلطة. كما ودّعت في 9 تموز (يوليو) عميد دبلوماسيي العالم ووزير خارجيتها الأمير سعود الفيصل. وشهدت المملكة في 11 أيلول (سبتمبر) سقوط إحدى الرافعات العملاقة في الحرم المكي الشريف نتيجة العواصف والملك سلمان أصدر توجيهات بمحاسبة المسؤولين الذين قد تكشفهم التحقيقات.
- وفي 2015 تعرّضت تونس إلى هجمات إرهابية دامية كان أولها في 19 آذار (مارس) حين قتل 23 شخصاً وأصيب 40 آخرين في هجوم نفذه مسلحون تابعون لـ"داعش" على متحف باردو في العاصمة تونس. وفي 26 حزيران (يونيو) قُتل 38 سائحاً أغلبهم بريطانيون في هجوم نفذه إرهابيو "داعش" على منتجع سياحي في مدينة سوسة الساحلية. ونتيجة للهجومين الداميين تكبدت البلاد 515 مليون دولار خسائر في قطاع السياحة.
- عراقياً برز إعلان الحكومة مقتل عزت الدوري الساعد الأيمن للرئيس العراقي السابق الذي كان يشغل منصب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة، في عملية امنية في منطقة جبال حمرين شمال بغداد. كما برزت حملة رئيس الوزراء، حيدر العبادي لمكافحة الفساد بعدما تبنى مجلس النواب في 11 آب (أغسطس) بإجماع أعضائه الحاضرين ورقة اصلاحات سياسية قدمها العبادي، الذي أعفى في اليوم التالي الامين العام لمجلس الوزراء ونائبيه من منصبيهما، كما ألغى في 16 من الشهر ذاته عدداً من الوزارات ودمج اخرى لتقليص تشكيل مجلس الوزراء إلى 22 وزارة بدلا من 33، وأحال في اليوم ذاته رئيس اركان الجيش الفريق اول بابكر زيباري إلى التقاعد.
3. اقتصادياً
عرف عام 2015 أحداثاً اقتصادية مهمة أثرت في المشهد العالمي وشكّلت منعطفاً مهماً في مسيرة أسواق الأسهم والعملات والسلع الأولية، ومن أهم هذه الأحداث:
- تراجع النفط: إنخفض متوسط سعر خام "برنت" والخام الأميركي الخفيف إلى أدنى مستوياتهما في 11 سنة، كما تراجعت سلة "أوبك" إلى ما دون 40 دولاراً للبرميل للمرة الأولى منذ 2009. ونقلت وكالة "بلومبرغ" بيانات للمنظمة تفيد بأن متوسط سعر سلة "أوبك" سجل في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) قراءة عند 39.21 دولار للبرميل. وفي 17 كانون الأول (ديسمبر) هبط خام "برنت" تسليم شباط (فبراير) إلى ما دون 36.20 دولار للبرميل ليكون عند أدنى مستوياته منذ تموز (يوليو) 2004.
- أزمة اليونان: اضطرت أوروبا لمواجهة أزمة أخرى تعود إلى يوليو (تموز). وفي استفتاء، قرّر الناخبون اليونانيون رفض خطة تقشف تفاوضت عليها أوروبا مع الحكومة اليونانية في مقابل إقراضها المزيد من الأموال. وبعد ذلك وافقت المفوضية الأوروبية، في أغسطس (آب) الماضي على إقراض اليونان ما يصل إلى 86 مليار يورو على مدى ثلاث سنوات مقابل حزمة من الإصلاحات والإجراءات التقشفية ما أثار حفيظة اليونانيين. وظلت اليونان تعاني من الديون ولا تزال بعيدة عن ايجاد حلول طويلة الأجل لمشاكل البلاد.
- فضيحة "فولكسفاغن": في أيلول (سبتمبر) اهتزت شركة "فولكسفاغن"، الألمانية لصناعة السيارات، بسبب فضيحة بيّنت أن العديد من محركات الديزل التي تنتجها كانت أكثر تلويثاً للبيئة مما كانت تدعي. واعترفت الشركة بأنها تلاعبت باختبارات الكشف عن انبعاثات السيارات من خلال برامج تجعل المحركات أقل انبعاثاً للعوادم اثناء الاختبارات مما يحدث في الواقع. ودفع الرئيس التنفيذي للشركة مارتن فينتركورن ثمن الفضيحة مقدماً استقالته.
- الشراكة عبر "الهادئ": بعد سبع سنوات من المفاوضات، وقع وزراء التجارة في دول "الشراكة عبر المحيط الهادئ" أوائل أكتوبر/ تشرين الأول اتفاقية تقضي بإلغاء أغلب الرسوم والقيود المفروضة على حركة التجارة والاستثمار بين الدول وعددها 12 دولة أميركية وآسيوية، إلى جانب وضع معايير جديد للنشاط الاقتصادي وحماية حقوق الملكية الفكرية. وشمل الاتفاق خفض نحو 18 ألف رسم جمركي على السلع الصناعية والزراعية بما في ذلك المنسوجات والملابس وقواعد تجارة الخدمات والمنتجات المالية مع الالتزام بحرية التجارة الإلكترونية والإنترنت.
- اليوان في سلّة "الصندوق": كان إدراج اليوان ضمن سلة عملات "صندوق النقد" أحد أهم النجاحات الصينية في 2015. وصادق مجلس إدارة الصندوق الذي يمثل الدول الـ188 الأعضاء في المؤسسة على تقرير خبراء من الصندوق اعتبروا أن العملة الصينية "تستوفي الشروط" للانضمام إلى حقوق السحب الخاصة. واعتبرت مديرة الصندوق، كريستين لاغارد، أن اندماج اليوان في الوحدة الحسابية هو "اعتراف بانفتاح الاقتصاد الصيني".
- أميركا ترفع الفائدة: رفع "مجلس الاحتياط الفيدرالي" (البنك المركزي) الأميركي أسعار الفائدة 0.25%، وذلك في أول زيادة من نوعها منذ 2006. وبهذا ارتفعت فائدة الإقراض بين المصارف إلى ما بين 0.25 و0.5 %. وأثر القرار إيجاباً في معنويات المستثمرين ما دفع الأسواق العالمية للارتفاع خلال تعاملات اليوم التالي. وسارعت دول الخليج& إلى رفع معدلات الفائدة بالمعدلات ذاتها.
- إطلاق "الآسيوي للاستثمار": أعلنت الصين تأسيس "البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية" رسمياً متوقعة أن يبدأ عملياته مطلع 2016. وقال وزير المال، لوه جي ويق وله، إن تأسيس البنك جاء بعد مصادقة 17 عضواً مؤسساً يمثلون ما يزيد قليلاً على 50% من رأس المال المساهم فيه، على اتفاق في شأن المصرف.
- وفي 28 كانون الأول (ديسمبر) أعلنت السعودية موازنة شكّلت مفترقاً إذ تضمنت برنامجاً ضخماً لإصلاح الاقتصاد وهيكلته وتنويع مصادر الدخل بعيداً عن الاعتماد على النفط كمورد رئيس للإيرادات. وقد ناهز عجز الموازنة 88 مليار دولار بينما بلغ حجم النفقات فيها 224 ملياراً ربعها للأمن والدفاع. وبموجب الموازنة لاجديدة ستعيد المملكة هيكلة دعمها للماء والكهرباء وقد رفعت أسعار البنزين والمحروقات مباشرة.
التعليقات