بدأت الجمعة محاكمة مغلقة لصحافيين شهيرين في تركيا بتهم عدة، منها كشف أسرار دولة والسعي إلى قلب نظام الحكم. وتعهد رئيس تحرير صحيفة "جمهورييت" جان دوندار بأن يحول محاكمته إلى محاكمة علنية للأخطاء التي ترتكبها الدولة.
إيلاف - متابعة: قرر قضاة محكمة جنائية في اسطنبول بدأت الجمعة بمحاكمة رئيس تحرير صحيفة "جمهرييت" جان دوندار ومدير مكتبها في انقرة اردم غول بان تجري المحاكمة في جلسات مغلقة لاسباب تتعلق "بالامن القومي".
ويُتهم رئيس تحرير صحيفة "جمهورييت" جان دوندار ومدير مكتب الصحيفة في أنقرة أردم غول، المعارضان الشرسان للحكومة التركية منذ وقت طويل، بالتجسس وكشف أسرار دولة والسعي إلى قلب نظام الحكم ومساعدة منظمة ارهابية.
وكان دوندار تعهد بأن يحول محاكمته إلى محاكمة علنية للأخطاء التي ترتكبها الدولة. وقال إنه سيستغل محاكمته، التي لقيت إدانة دولية، ليسلط الضوء على التقرير الصحفي الذي وضعه في قفص الاتهام، وفقًا لوكالة "رويترز".
وقال: "لسنا متهمين بل شهود"، ووعد بعرض لقطات الفيديو في المحكمة رغم الحظر المفروض على ذلك، وخطر أن يصدر القضاة أمرًا بجعل الجلسات مغلقة. وأضاف: "سنكشف كل ما يحدث من أشياء غير قانونية ونحولها إلى محاكمة سياسية (...) الدولة ضبطت وهي ترتكب فعلاً إجراميًا وتفعل كل ما بوسعها للتستر عليه".
لن تسكتوا حرية الصحافة
ووصل الصحافيان المعارضان لعقوبة السجن المؤبد في حال ادانتهما، الى قصر العدل حيث تجمع حوالى 200 من أنصارهما وزملائهما ونواب المعارضة،&ومواطنين عاديين واكبوهم الى المحكمة وسط التصفيق وصيحات "لن تسكتوا حرية الصحافة".
وقال دوندار قبل بداية الجلسة "نحن هنا للدفاع عن الصحافة"، وأضاف زميله أردم غول "أنا هنا للتأكيد أن العمل الصحافي ليس جريمة".
ونشر الصحافيان في آيار (مايو) 2014 مقالاً مسندًا بصور وشريط فيديو التقط على الحدود السورية في كانون الثاني (يناير) 2014 يظهر اعتراض قوات الأمن التركية لشاحنات عائدة لجهاز الاستخبارات التركي تنقل أسلحة لمقاتلين اسلاميين في سوريا. ووضع الرجلان في الحجز الاحتياطي لثلاثة اشهر.
سيدفع الثمن!
وأثار المقال غضب أردوغان، الذي نفى باستمرار دعمه لحركات اسلامية سورية متطرفة مناهضة للنظام السوري. وتوعد أردوغان بلهجة غاضبة قائلاً "إن من نشر هذه المعلومة سيدفع ثمنًا غاليًا، لن ادعه يفلت&من العقاب".
وبأمر من النيابة، وضع الصحافيان في الحجز الاحتياطي في تشرين الثاني (نوفمبر)، وطلب المدعي العام معاقبتهما بالسجن المؤبد.
لكن في 26 شباط (فبراير) أمرت المحكمة الدستورية، احدى آخر المؤسسات التركية التي لا تزال خارج هيمنة حزب الرئيس بعد 14 عامًا من توليه الحكم، بالافراج عنهما، معتبرة أن حقوقهما انتهكت.
ضغوط
وأكد أردوغان حينذاك في خطاب نقلته القنوات التلفزيونية، "آمل ألا تعيد المحكمة الدستورية الكرة بطريقة من شأنها أن تضع مسألة وجودها وشرعيتها على المحك"، مهددًا بحلها.
وقال دوندار: "لقد تعرضنا لضغوط سياسية وقضائية واقتصادية". وأضاف "أعلن الرئيس انه لن يعترف ولن يحترم قرار المحكمة الدستورية". وتابع "خلال لحظات سنخوض معركة قضائية وسنرى من سيخرج منتصرًا، القضاء أو القصر (الرئاسي)".
وأثار اعتقال الصحافيين والاتهامات الموجهة اليهما من القضاء والنظام في تركيا غضبًا في صفوف المعارضة والمنظمات غير الحكومية المدافعة عن الحريات وعواصم اجنبية عديدة، التي تنتقد منذ سنوات تسلط أردوغان.
وقبل بدء الجلسة الجمعة، اعلن الامين العام لمنظمة "مراسلون بلا حدود" كريستوف دولوار: "ما نتوقعه من هذه المحاكمة هو بالطبع تبرئة ساحة الصحافيين بكل بساطة".
واضاف: "انهما صحافيان وليسا ارهابيين خطيرين. هناك ما يكفي من التهديدات التي تحدق بهذا البلد وباستقراره وبالديموقراطية لكي يهدر القضاة وقتهم في اختراع تهديدات زائفة".
هجوم على الإعلام
وتأتي تركيا في المرتبة 149 من 180 دولة في التصنيف العالمي لمنظمة "مراسلون بلا حدود" لحرية الصحافة. وشن النظام التركي هجومًا غير مسبوق على وسائل الاعلام تحت غطاء التصدي "للدعاية الارهابية".
وكانت مجموعة "زمان" القريبة من الداعية فتح الله غولن، عدو أردوغان الاول، آخر ضحاياه، بعد وضعها تحت الوصاية القضائية مطلع الشهر الماضي.
وعشية المحاكمة، كتب مئة من مشاهير الكتّاب، بينهم حائز جائزة نوبل للسلام ماريو فارغاس ايلوزا (البيرو) والجنوب أفريقي جاي ام كوتزي، رسالة الى أردوغان ورئيس الوزراء احمد داود اوغلو "لتغيير القوانين التي تضيّق بلا موجب على حرية التعبير".
ووسط موجة الاعتداءات، لا يتوقع أن تجد هذه الدعوة صدى. والثلاثاء، ندد داود اوغلو بـ"تحالف الشر" الذي شكله جامعيون وسياسيون وبعض وسائل الاعلام الذين اتهمهم بأنهم "يدعمون الهجمات على تركيا".
التعليقات