قام الجنس بدور أساسي في نشوء الحياة على كوكب الأرض، حيث أتاح تناقل خليط من المادة الوراثية من جيل إلى آخر. إلا أن علماء يرون أن الجنس الذي يمارسه كل حيوان ونبات تقريبًا من أجل التكاثر، لعله أخذ يقترب من نهايته بالنسبة إلى واحد من هذه الأنواع هو نوعنا البشري. &

لندن: ذهب الخبير المتخصص في أخلاق الوراثة في جامعة ستانفورد الأميركية البروفيسور هانك غريلي إلى أن البشر يقفون على أعتاب تغيير ثوري في طريقة تكاثرهم باللجوء إلى المختبر بدلًا من غرفة النوم لصنع الأطفال. &

تصنيع بويضات
ويرى البروفيسور غريلي أن الأزواج سيتوجهون إلى استخدام المادة الوراثية من بضعة خلايا مأخوذة من الجلد لتنمية بويضات تُخصب بعد ذلك باستخدام عينات من الحيوانات المنوية مأخوذة من الزوج. &

سيتيح ذلك للآباء "تصميم" أطفالهم باختيار الجنين، الذي يريدونه من بين 100 جنين، أو نحو ذلك ينشأ بهذه الطريقة. وتبدو هذه الرؤية مستعارة من روايات الخيال العلمي، حيث يُستخدم الاصطفاء الوراثي لإنتاج أطفال ذوي مواصفات مثلى.

نقلت صحيفة التايمز البريطانية عن البروفيسور غريلي أنه "في غضون 20 إلى 40 سنة حين يريد زوج وزوجة إنجاب طفل، يوفر هو الحيوانات المنوية وتوفر هي حفنة من خلايا جلدها" لتصنيع بويضات تُخصب بحيواناته المنوية.&

اختبارات وراثية
وأضاف غريلي "أن الأبوين سيحصلان على أجنة مصنفة في فئات، فئة امراض شديدة لا تُعالج تندرج فيها 1 إلى 2 في المئة من الأجنة، وفئة ثانية هي فئة أمراض أخرى، والفئة الثالثة تجميلية تتعلق بالشعر والعين والشكل، وما إذا كان الشعر سيبيض مبكرًا بالشيب أو لا". &

واعترف غريلي قائلًا "نحن لا نعرف الكثير عن ذلك حتى الآن، ولكننا سنعرف"، مشيرًا إلى ان الفئة الرابعة هي الفئة السلوكية، ولكن المعلومات هنا "ستكون محدودة"، بحسب غريلي. يطرح البروفيسور غريلي رؤيته المستقبلية في كتاب بعنوان "نهاية الجنس ومستقبل التكاثر البشري"، حيث يقول إن تكنولوجيا الخلايا الجذعية تتيح ترجمة الكثير من رؤيته الى الواقع. &&

وتجري الآن اختبارات وراثية لتشخيص امراض معينة في الأجنة التي تُستخدم في التلقيح الاصطناعي، فيما تشهد هذه الاختبارات توسعًا يتناسب طرديًا مع تزايد فهم العلماء للجينوم البشري. كما اظهر العلماء انه بالامكان تنمية خلايا تناسلية مثل البويضات والحيوانات المنوية في المختبر باستخدام خلايا جذعية. &

حسب الرغبة
ويقول البروفيسور غريلي ان الجمع بين تكنولوجيا الاستنساخ وتكنولوجيا الخلايا الجذعية سيوفر على المرأة الخضوع لإجراءات طبية غازية بهدف جمع البويضات اللازمة للتلقيح الاصطناعي. وبدلاً من هذه الإجراءات الغازية يمكن الحصول على المادة الوراثية من خلايا جلدية تؤخذ من جسم المرأة ثم تُستخدم لانتاج خلايا جذعية يمكن تحفيزها على النمو الى بويضات تُخصب بالطرق التقليدية المستخدمة في التلقيح الاصطناعي. فالخلايا الجذعية يمكن ان تنمو الى أي نسيج حسب حاجة الجسم. &

ستتيح التطورات التي تتحقق في التشخيص الوراثي قبل الغرس للوالدين أن يختارا الجنين الأنسب للصفات التي يرغبان فيها، الى جانب كونه خاليًا من الأمراض. استُخدم التشخيص الوراثي قبل الغرس أول مرة منذ ما يربو على 25 عامًا، وتزداد قائمة الحالات التي يُمكن يُستخدم فيها باستمرار.&

ويقول البروفيسور غريلي ان هذا سيجعل التكاثر من دون ممارسة الجنس ارخص واسهل من الطرق التقليدية، ويمكن ان يوفر على المجتمع موارد هائلة بالتخلص من الأمراض الوراثية الخطيرة. &&

عوائق إيمانية&
يمكن ان يؤدي هذا الى اقتناع كثيرين بأن انجاب الاطفال بممارسة الجنس بالطريقة التقليدية عمل "لا مسؤول". لكن التكنولوجيا يمكن أن تثير مشاكل اخلاقية ايضًا. فالكثيرون يعارضون استخدام التكنولوجيا الوراثية لاختيار "اطفال مصممين حسب الطلب"، محذرين من التدخل في مشيئة الرب. &

يتساءل البروفيسور غريلي "إلى أين تتجه الأمور إذا قررت المرأة ان تُصنع البويضات منها، والحيوانات المنوية ايضًا منها، ثم تُنقل الى رحمها؟". اضاف "لا اعتقد ان كثيرين سيفعلون ذلك، لكنه عالم كبير".&
&