مع بدء عودة مئات العوائل النازحة الى محافظة الانبار العراقية الغربية ومدنها المحررة اليوم، تم الاعلان عن اكتمال الاستعدادات لتحرير مدينة الفلوجة من قبضة تنظيم داعش الذي يحتلها منذ 2014، مع دعوات بفتح باب التطوع لابنائها للمشاركة في تحريرها، بينما اكدت واشنطن مشاركتها في تحرير واستقرار المدن العراقية.

بغداد: اكد رئيس الوزراء حيدر العبادي ان فك الحصار عن المدنيين في الفلوجة من اولويات الحكومة، مبينًا ان بوادر التحرير اصبحت على الابواب. وقال في كلمة القاها نيابة عنه وزير التخطيط سلمان الجميلي في مؤتمر عقد اليوم في بغداد تحت شعار "اهالي الفلوجة ينتفضون لإغاثة اهلهم وتحرير مدينتهم ودحر الارهاب"، إن عوائق لوجستية حالت دون اسقاط مساعدات جوية لمحاصري الفلوجة كون إلقاء المساعدات من الجو يتطلب ان يكون على مستوى منخفض جدًا وثابت ليتمكن المحاصر من الحصول على المساعدات لكن هذا من الصعب ان يتحقق، لذلك فإن الخيار الامثل هو التحرير. وخاطب اهل الفلوجة قائلاً إن "التحرير ينبغي ان يكون بايديكم انتم وايدي ابناء المدينة والقوات المسلحة وهناك خطوات جيدة بهذا الاتجاه و ينبغي ان يكون شرف التحرير لأبناء عشائر الفلوجة وابناء الفلوجة قبل غيرهم".

واشار الى ان هناك مسيرة للتطوع انطلقت من ابناء الفلوجة وكان اول فوج دخل بالامس للتدريب، وهناك الالاف من الراغبين من ابناء المدينة بالتطوع دون مقابل لغرض مساندة القوات الامنية وتحرير مدينتهم وستشهد الايام القادمة فك اسر العوائل المحاصرة".. كما نقلت عنه الوكالة الوطنية العراقية للانباء، مضيفًا "أن هناك ظروفًا امنية وسياسية رافقت اختطاف المدينة من قبل داعش في حينها لكن اليوم تغيّرت الصورة واتضحت عندما دخلت هذه العصابات لترتكب جرائم فظيعة هي ليست من شيم اهل هذه المدينة"، مبينًا ان اهل المدينة لم يكونوا حواضن لهذه العصابات، اهل المدينة التي نزح منها نصف مليون مواطن لو كانوا حواضن لداعش لكانوا بقوا في المدينة، ولكنهم يرفضون الحياة مع داعش والتعايش معهم فاضطروا الى تحمل عناء النزوح الى مدينة محررة يحكمها القانون والقوات الامنية.

وشدد العبادي على ان ساعة التحرير قادمة على يد القوات الامنية وابناء الفلوجة من اهلها وعشائرها، وسنكون لهم السند في تحرير مدينتهم بايديهم .. داعيًا التحالف الدولي الى تقديم العون والمساعدة والى الانتباه الى تواجد المدنيين في المدينة بما يضمن اقل خسائر في الارواح والممتلكات".

اكتمال الاستعدادات وواشنطن تساهم

ومن جهته، اعلن محافظ الأنبار صهيب الراوي خلال المؤتمر عن انتهاء الاستعدادات لتحرير الفلوجة من سيطرة تنظيم داعش.

واضاف الراوي أن عدد الاسر النازحة التي عادت الى مدينة الرمادي تجاوز 11 الف اسرة .. مؤكدًا ان القوات الأمنية أنهت الاستعدادات لتحرير المحاصرين في الفلوجة ولن يتم ادخار أي جهد لفك الحصار عن الفلوجة واهلها.

اما المبعوث الخاص للرئيس الاميركي لإدارة التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، بريت ماكغورك، اكد دعم بلاده للعراق في حربه ضد التنظيم .. مشيرًا الى أن داعش لا يمثل "السنة واهالي الانبار".

وقال ماكغورك في كلمته بالمؤتمر إن "معركة العراقيين ضد داعش في الفلوجة هي نيابة عن العالم أجمع".. مشدداً على ان "الولايات المتحدة لن تساهم بتحرير مدن العراق، وانما ايضًا تحقيق الاستقرار فيها، وأضاف "أن الارهابيين وعندما اتوا كذبوا علينا وعلى العالم بأنهم يمثلون اهالي الانبار واخبروا العالم بأنهم جزء من حركة سينضم السنة اليهم بالعالم، وهو كذب وافتراء".

واشار الى ان اهالي الانبار يحررون مدنهم واهلهم، "وكما نرى بأنها حرب عالمية، وعندما يتم القضاء على داعش في مدينتكم فهو النصر الحقيقي وسندعمكم وندعم الحكومة".. واوضح أن" لمدينة الفلوجة مكانة خاصة في قلوب الاميركيين التي فقدوا فيها ارواح المئات من المواطنين، ودماؤنا ممزوجة بدمائكم، وسنقف معكم داعمين لكم، ولهذا نحن فخورون بأننا معكم لأنها معركة العالم بأجمعه".. وقال: "نخوض حربًا عالمية ضد داعش وسننتصر في تلك المعركة".

فتح باب التطوع 

وطالب رئيس مجلس محافظة الانبار صباح كرحوت بفتح باب التطوع لأبناء الفلوجة والاسراع بتحريرها، وقال "بإسم الحكومة المحلية، نطالب الحكومة المركزية الاسراع بتحرير الفلوجة والاسراع بتطويع ابنائها للمشاركة في معركة التحرير".

وطالب العشائر بتوحيد صفوفها والتعاون مع الحكومة المحلية من أجل تحرير الفلوجة، وقال إن "أهالي الفلوجة ينتفضون لإغاثة أهلهم وتحرير مدينتهم ودحر الإرهاب"، مشدداً بالقول "سنقضي على الإرهاب وكل المتآمرين".

وطالب كرحوت الحكومة بالإسراع بتحرير الفلوجة والسماح لأبناء المحافظة بتحرير المدينة لخلاص أهلها من داعش .. مناشداً منظمات المجتمع المدني والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة الدول الإسلامية بـ"تقديم المساعدات لأهالي المدينة. ودعا العشائر الى تقديم المساعدة والتعاون مع الحكومة المحلية من أجل وضع خطط تحرير الفلوجة".. مشدداً بالقول "صبرنا لن يطول في ظل المعاناة القاسية التي يعاني منها أهالي الفلوجة".

وأكد كرحوت ضرورة إجراء مصالحة وطنية حقيقية والتمييز بين البريء والمجرم مع استثناء من اعتدى على اهالي الانبار والقوات الامنية من المصالحة .. مبينًا أن الحكومة المحلية ستمد يد العون لكل عشائر الانبار الأصيلة التي وقفت وساندت القوات الأمنية.

واضاف قائلاً "إن الانتصارات المستمرة خير دليل بأن زمام المبادرة بيد اهلنا وقواتنا الامنية وان بشائر النصر النهائي قريبة وستحرر مدينة المساجد ولن نسمح بالمتاجرة بأهاليها وهم يعيشون بين المطرقة والسندان، وعلينا انقاذهم بتضافر الجهود الخيرة ".وقال "بعد انتهاء معارك التحرير سنسعى لإعادة العوائل النازحة الى المحافظة بأسرع وقت "، موجهاً رسالة للسياسيين والعشائر ووجهاء المحافظة أن يكونوا أداة خير وليس أداة شر وأن يتكلموا عن الانبار بكل مدنها بعيداً عن المزايدات التي تضر بالمحافظة. 

وفي السابع من الشهر الحالي، دقت منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية ناقوس خطر كارثة تواجه مدينة الفلوجة العراقية التي تعاني حصار القوات الحكومية ومنع سكانها من مغادرتها، بحيث ان 140 شخصًا أغلبهم مسنون وأطفال قد توفوا بسبب نقص الغذاء والدواء، داعية السلطات الى السماح بسرعة بدخول المساعدات إلى المدينة، وتنظيم داعش بالسماح للمدنيين بالمغادرة.

واكدت المنظمة الدولية أن سكان مدينة الفلوجة بمحافظة الانبار الغربية يتضورون جوعًا مما يتعين على قوات الحكومة العراقية السماح بسرعة بدخول المساعدات إلى المدينة، وعلى تنظيم داعش الذي استولى عليها أوائل عام 2014 السماح للمدنيين بالمغادرة.

وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، إن "سكان الفلوجة يواجهون الجوع بسبب الحصار الذي تفرضه الحكومة وداعش وعلى الأطراف المتحاربة ضمان وصول المساعدات إلى المدنيين." واضاف أن "الصورة الإنسانية في الفلوجة قاتمة وتزداد قتامة وهناك حاجة لمزيد من الانتباه الدولي للبلدات والمدن المحاصرة، وإلا فإن المدنيين سيواجهون نتائج كارثية."

ويأتي هذا التقرير في وقت تزداد معاناة المحاصرين في الفلوجة من أقسى ظروف إنسانية تشهدها في تاريخها نتيجة عدم السماح لقوافل المساعدات بالوصول اليها. ويهدد الموت جوعاً حوالى 150 الف شخص ما زالوا يعيشون في أجواء إنسانية غاية في الصعوبة داخل مدينة الفلوجة التي يؤكد سكانها ان حوالي 40 شخصًا أغلبهم من الأطفال والنساء وكبار السن يموتون في المدينة اسبوعيًا بسبب نقص الغذاء والدواء.

ويحتل تنظيم داعش قضاء الفلوجة، الذي يبعد 60 كيلومترًا غرب العاصمة بغداد، منذ مطلع عام 2014، وحوّلها الى ولاية تابعة الى دولته الاسلامية، فيما تجري القوات العراقية استعدادات لانتزاع السيطرة عليها من قبضة التنظيم.