يستهل الرئيس الاميركي باراك أوباما زيارته إلى لندن، التي وصلها مساء الخميس برفقة زوجته، بغداء مع الملكة اليزابيث الثانية التي احتفلت بعيد ميلادها التسعين.&

لندن: تطغى مكافحة تنظيم داعش على المحادثات التي يجريها الجمعة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي شدد بعيد وصوله الى لندن على اهمية بقاء بريطانيا في الاتحاد الاوروبي.

وفي مقال نشرته صحيفة "ديلي تلغراف"، خلال المساء، عبر أوباما بقوة عن تأييد الولايات المتحدة بقاء بريطانيا في الاتحاد الاوروبي، وذلك قبل شهرين على موعد الاستفتاء المقرر حول المسألة.

وكتب أوباما في المقال: "سأقول بصراحة، وبصفتي صديقاً، إن قراركم ينطوي على اهمية كبرى بالنسبة الى الولايات المتحدة. فالطريق التي ستختارون ستكون لها انعكاسات كبرى على آفاق جيل اليوم من الأميركيين".

وشدد على ان "الاتحاد الاوروبي لا يقلل من تأثير بريطانيا بل على العكس يعطيه بعدًا اكبر". وتابع أوباما في المقال "الولايات المتحدة والعالم بحاجة الى استمرار تأثيركم الكبير بما في ذلك داخل اوروبا".

وكان كاميرون شدد في وقت سابق على اهمية زيارة الرئيس الأميركي في اطار الجهود الدولية لمكافحة تنظيم داعش.

وصرح كاميرون في بيان أن "حملة الارهاب الوحشية التي يشنها داعش (تسمية أخرى للتنظيم المتشدد) تزعزع الاستقرار وتسبب معاناة لا يمكن تصورها في سوريا والعراق وغيرهما. انا انتظر بفارغ الصبر التباحث مع الرئيس (أوباما) حول جهودنا المشتركة لاجتثاث التطرف من العالم".

واشارت الحكومة البريطانية الى أن الزيارة ستتناول ايضًا سبل دعم حكومة الوفاق الوطني في ليبيا، وتقدم عملية "صوفيا" البحرية للتصدي للمهربين قبالة السواحل الليبية، بالاضافة الى الوضع في افغانستان.

غداء مع الملكة

ويستهل أوباما الذي وصل بصحبة زوجته مساء الخميس الى لندن يوم الجمعة بغداء مع الملكة اليزابيث الثانية، التي احتفلت قبل يوم بعيد ميلادها التسعين. ومن المرجح أن تكون هذه الزيارة الرسمية الخامسة لأوباما الى بريطانيا الاخيرة له قبل انتهاء ولايته الرئاسية.

وكان كاميرون قال الخميس إن الملكة التي تتولى منصبها منذ العام 1953 التقت "ربع الرؤساء الأميركيين منذ استقلال الولايات المتحدة".

ومع أن الملكة لا تتدخل في السياسة الا انها رمز للاستمرارية والاستقرار في حكم شهد زوال الامبراطورية البريطانية ونهاية الحرب الباردة وسقوط جدار برلين ويواجه اليوم الجدل المحموم حول بقاء بريطانيا أو خروجها من الاتحاد الاوروبي.

بعد الملكة... الاستفتاء&

يتوجه أوباما بعد الغداء الى مقر الحكومة لإجراء مباحثات مع كاميرون. وقبل شهرين على الاستفتاء المقرر في 23 حزيران (يونيو)، من الواضح أن أوباما سيطلب منه تحديد موقفه من المسألة خلال المؤتمر الصحافي المشترك اثر لقائهما.

الا أن أوباما عبّر بوضوح وقوة عن موقفه في المقال الذي نشرته "ديلي تلغراف". فقد قال في المقال ايضًا: "الاتحاد الاوروبي ساعد على نشر القيم والعادات البريطانية مثل الديموقراطية ودولة القانون والاسواق الحرة الى القارة الاوروبية وما بعدها".

ويقول ايان بوند من معهد "سنتر فور يوروبيان ريفورم" في لندن إن "أوباما يعارض خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، لان ذلك من شأنه أن يثير مشاكل اكبر للولايات المتحدة في اوروبا".

وفي الوقت الذي لا تزال استطلاعات الرأي تشير الى نتائج متقاربة، يتابع بوند أن "أوباما منشغل بمعرفة كيف قد يؤثر خروج بريطانيا على قدرة اوروبا على مساعدة الولايات المتحدة في تسوية القضايا الدولية الكبرى".

اتهامات بالتدخل

خلال ولايته الرئاسية المستمرة منذ سبع سنوات، سعى أوباما الى ابعاد بلاده عن نزاعات الشرق الاوسط والتركيز في المقابل على الدول الآسيوية التي تشهد نمواً اقتصادياً، بينما تراجعت القضايا الاوروبية الى المرتبة الثانية.

الا أن ازمة الدين السيادي واعتداءات باريس وبروكسل واحتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي الآن، كلها مسائل اعادت اوروبا الى رأس اولويات أوباما.

من جهته، اتهم رئيس بلدية لندن بوريس جونسون، الذي يقود حملة مؤيدي الخروج، أوباما بالتدخل، وقال قبيل قدوم أوباما: "من المفارقة ان الولايات المتحدة التي لا تتقبل ادنى تدخل في سيادتها، تعطي دروسًا لدول أخرى".

ووجه أكثر من مئة نيابي، من بينهم عدد كبير من المحافظين، رسالة الى سفير الولايات المتحدة في لندن للاحتجاج على "تدخل" الرئيس الأميركي.

بعيدًا عن السياسة، يشارك أوباما وزوجته في عشاء مساء الجمعة مع الامير وليام وزوجته كايت والامير هاري. ويتوجه أوباما بعدها الى ألمانيا، حيث يلتقي المستشارة انغيلا ميركل ومسؤولين أوروبيين آخرين.