عمان: قسم محافظ العاصمة في الأردن خالد أبو زيد الشارع بقرار وقف حفل غنائي كان مقررًا أن تؤديه فرقة (مشروع ليلى) الغنائية اللبنانية، يوم الجمعة على المدرج الروماني، مبرراً بأن الحفل يتعارض مع "القيم الأردنية". 

وبينما انقسم الشارع الأردني الإعلامي ومواقع التواصل الاجتماعي، حول قرار المحافظ الذي اعتبره البعض قمعاً للحريات والثقافة، وافق معه البعض الآخر بأن "شبهات تدور حول الحفل"، ولما تطرحه الفرقة من أفكار غريبة على "مجتمعاتنا وثقافتنا العربية الإسلامية وقيمنا الأردنية النبيلة".

واستنكر نشطاء أردنيون الاتهامات التي ساقها محافظ العاصمة ومواقع إلكترونية ونائب في مجلس النواب هو بسام البطوش، بأن الحفل الذي لم يقم بعد، يتحدث عن "الجنس والمثلية الجنسية والدعوة للثورة على الحكومات والمجتمعات". 

اتهام البطوش

وقال البطوش في تغريدة على موقعه على (فيسبوك) إن "الفرقة الغنائية اللبنانية لا تبتعد بطروحاتها التي تسربها عبر موسيقى "الروك" و "البوب الشبابي" عن الترويج لأفكار عبدة الشيطان، وتدل على ذلك الصور التي يستخدمونها في الترويج وتحمل رأس كلب أو ذئب على جسم إنسان، وكذلك الكلمات الإيحائية والغامضة المستخدمة في أغانيهم". 

يشار إلى أنه سبق أن قدّمت الفرقة اللبنانية خمس حفلات على مسرح المدرّج الروماني في عمّان، كان آخرها حفلة آب (أغسطس) 2014 وحضرها نحو خمسة آلاف شخص. 

خبر بترا

وكانت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا) بثت في وقت سابق خبراً على موقعها الالكتروني عن الحفل الذي قالت إنه "يأتي ضمن جولة للفرقة لإطلاق ألبومها الجديد (ابن الليل)، تتضمن حفلات في دبي وبيروت وفرانكفورت ونيويورك وغيرها".

وقالت الوكالة إن الألبوم الجديد يحمل نفس الروح الجريئة التي تتحلى بها الفرقة منذ بداياتها العام 2008، كـ"فرقة أثبتت قدرتها على تطوير موسيقى روك مستقلة خاصة بها، وهي تغني باللغة العربية".

وأضاف تقرير (بترا): أخذت الفرقة حيزًا واسعًا للتجريب في الموسيقى الإلكترونية هذه المرة، واستعانت بمكونات الأوركسترا لتلحين وتأدية مجموعة من أغانيهم.

وقالت الوكالة إن الألبوم الجديد يضم عددًا من الأغاني المميزة من بينها أغنية "جن" التي يظهر فيها الحس الساخر الذي تتحلى فيه الفرقة، مثل استخدامهم (الكورس) في إشارة لتطويعهم للتراث الموسيقي الشعبي، بالإضافة الى أغنية "إيكاروس" التي تصور المجتمع العربي العالق في متاهة من العادات والأفكار تمامًا مثل بطل الأسطورة الإغريقية إيكاروس الذي كما تروي الأسطورة يخطط هو ووالده للهرب من متاهة كانوا عالقين بها كعِقاب لهم باستخدام أجنحة من الريش والشمع.

أسف الفرقة 

وإلى ذلك، فإن فرقة (مشروع ليلى) أعربت في بيان عن أسفها لعدم استطاعتها عرض حفلة "ابن الليل" التي كانت ستعقد يوم الجمعة 29 نيسان (ابريل) 2016 في المدرج الروماني في عمان "لقد تلقينا خبر سحب رخصة العرض لحفلتنا".

وأضافت: التبرير الخطي الذي وصلنا من وزارة السياحة والآثار ينص على أن القرار جاء بسبب تعارض الحفلة مع "أصالة" الموقع، رغم انه سبق لنا أن أحيينا ثلاث حفلات في الموقع نفسه سابقاً وخضعنا لنفس آلية طلب الترخيص من السلطات المختصّة. أما على أرض الواقع، خارج النصوص الرسمية، فإنّ الأمر أكثر تعقيداً.

وتابعت الفرقة: لقد تم إبلاغنا بشكل غير مباشر بأن السبب وراء هذا التغيّر المفاجئ قبل ايام معدودة فقط من يوم الحفل، جاء عقب اعتراض جهات معيّنة لا يمكن الإفصاح عن هويتها في هذا الوقت لتفادي دعوى قضائية موضوعها التشهير أو الافتراء.

ضغوطات

وقالت: حسب ما نمي الينا، فإنّ تلك الجهات قد قامت بالضغط على بعض الشخصيات السياسية، وقامت بإطلاق سلسلة من الاحداث التى أدت الى سحب الرخصة المعطاة لنا.

ونوّه البيان إلى أنه "تم أيضًا إبلاغنا بشكل غير رسمي بأنه لن يكون من المسموح لنا بأن نقدم عروضنا في أي مكان في الأردن بسبب معتقداتنا السياسية والدينية وإقرارنا بالمساواة الجنسية والحريّة الجنسية".

وقالت الفرقة: نحن نعتذر بشدة من الجميع لإضطرارنا إلى إلغاء الحفل في هذا البلد الذي نعتبره بلدنا. فالاردن وطن لأجمل وأكرم المؤيدين للفرقة، والذين عملنا معهم ولأجلهم. 

واشارت إلى أن الاردن أيضاً هو البلد الوحيد الذي يجمع بين الفرقة وجمهورها في فلسطين، الذي ينظم رحلات برية ليحضر حفلاتنا في عمان. 

كما نوّهت الفرقة إلى أن الأردن مسقط رأس أم المغني الرئيسي في الفرقة، ومكون أساسي من هويته وكتاباته، ووطن تعلمنا أن نعشقه كأنه وطننا الثاني.

استنكار

واستنكر بيان الفرقة الملاحقة المنهجية ضد أصوات الإعتراض السياسي، والملاحقة المنهجية لمؤيدي الحريات الجنسية والدينية، والرقابة على الفنانين في أي مكان في العالم. 

وقال: نعتذر لجمهورنا لأننا فشلنا حتى الآن في خلق بيئة ثقافية تسمح لنا ولأطفالنا بالتعبيرعن آرائنا. وأضاف: نؤمن بكل اخلاص اننا طوال مسيرتنا الفنية والمهنية لم نتصرف إلا من منطلق الإيمان والعمل تجاه عالم أكثر إنصافاً، ومساواة، وديمقراطية، ولو عبر الوسائل البسيطة المتاحة لنا "من خلال الأغنية".

سنواصل 

وتعهدت الفرقة لجمهورها "أننا سنواصل وضع نزاهة فننا في المقام الأول من اولوياتنا، واننا لن نخضع إطلاقاً لأي ضغوطات لتغيير رسالتنا أو التنازل عن حريتنا في التعبير عنها".

كما تعهدت "أن نثابر على الكتابة بدافع الحب، وبدافع نشر الحب. سوف نحارب، كما حاربنا سابقاً، في سبيل حقنا لعرض موسيقانا وأفكارنا بحرية". 

وحثت الفرقة "زملاءنا الفنانين أن يواصلوا إنتاجهم وتحدي الأفكار السائدة والإضطهاد الذي نعيشه جميعاً، رغم التحديات الناتجة عن قلة الإنصاف بحق حرية الفن".

وخلصت إلى القول: "نحن نطلب بكل احترام من المملكة الأردنية الهاشمية اعادة النظر في موقفها إزاء رسالتنا وفننا، ونحث المملكة على ان تحارب إلى جانبنا وليس ضدنا في هذا النضال الجاري من اجل الحرية الثقافية ضد قوى السيطرة الفكرية والعسف الثقافي. ونأمل ان تغيّر السلطات المعنية قرارها، كي نراكم بعد كم يوم".

تشكيل الفرقة

يذكر أن فرقة (مشروع ليلى) مكونة من خمسة أعضاء. وهي تشكلت في بيروت، لبنان في شباط (فبراير) العام 2008 أثناء ورشة عمل موسيقية في الجامعة الأميركية في بيروت. وأصدرت الفرقة ثلاثة ألبومات استوديو حتى الآن، وتسبب أغاني الفرقة الكثير من الضجة بسبب مواضيعها. 

وجاء تشكيل الفرقة، عندما نشر عازف الكمان هيج بابازيان وعازف الجيتار أندريه شديد وعازفة البيانو امية ملاعب دعوة مفتوحة للموسيقيين الذين يبحثون عن مساحة للتنفيس عن التوتر الناجم من الكلية والوضع السياسي غير المستقر. وهي واسعة الانتشار، وتكسب صيتاً في حلبة الموسيقى البديلة.

وشاركت الفرقة في "مهرجان الموسيقى" العام 2008، وهو حدث لبناني سنوي تنظمه بلدية بيروت، مما أثار الجدل حول الكلمات الجريئة للأغاني والناقدة للمجتمع اللبناني، والتي تتناول أيضًا مواضيع الفشل في الحب والجنس والسياسة.

وفي العام 2009، وفي مسابقة "الموسيقى الحديثة" التي نظمتها إذاعة "راديو لبنان" في نادي "Basement" حازت الفرقة على جائزة لجنة التحكيم والجمهور، وذلك بسبب اغنيتهم "رقصة ليلى"، حيث كانت الجائزة الأولى عقدًا لإنتاج أسطوانة.

أول ألبوم 

وأطلق الألبوم الأول للفرقة المسمى على اسم الفرقة نفسها مشروع ليلى "Mashrou' Leila"، الذي انتجته شركة "B-root Productions" في كانون الأول (ديسمبر) 2009 في مصنع للصلب في برج حمود (وهي ضاحية من ضواحي بيروت)، حيث ازدحم 1200 مشجع في ساحة المصنع. 

وتحولت الحفلة الى أكبر حدث في بيروت (باستثناء الاحداث العامة) في السنوات الأخيرة، وحقق نجاحًا كبيرًا بين مشجعي الـ"إيندي" والروك في لبنان.

وكان حفل الفرقة في مهرجان بيبلوس الدولي في 9 تموز (يوليو) 2010 واحداً من أهم الأحداث المتوقعة لفصل الصيف، وحضرها العشرات من المشجعين، وكذلك رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري.