حلب: بدأ قسم من سكان احياء حلب الشرقية، التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة، بالعودة تدريجيا الى منازله السبت، واعادت المدارس فتح ابوابها غداة الاعلان عن تمديد الهدنة في المدينة لمدة 72 ساعة اضافية.
وقتل اكثر من 300 مدني خلال اسبوعين من المعارك الطاحنة بين قوات النظام والمعارضة في حلب (شمال) المقسومة، فيما اعلنت وسائل اعلام رسمية ايرانية مقتل 13 "مستشارا" من الحرس الثوري الايراني في هذه المنطقة.
وافاد مراسل وكالة فرانس برس عن بدء عودة بعض العائلات الى منازلها تزامنا مع اعادة فتح المدارس غداة اعلان وزارة الدفاع الروسية "تمديد نظام التهدئة في محافظة اللاذقية وفي مدينة حلب.. لمدة 72 ساعة". واكدت وزارة الخارجية الاميركية من جهتها التزام واشنطن "بالحفاظ على هذه الهدنة لاطول وقت ممكن" بهدف "التوصل الى الالتزام بوقف الاعمال القتالية في سائر انحاء سوريا".
ويظهر شريط فيديو التقطه مصور فرانس برس في الاحياء الشرقية حركة طبيعية في الاسواق التجارية التي فتحت ابوابها، في وقت تعمل جرافة على رفع ركام الابنية التي تهدمت بفعل القصف في الاسبوعين الاخيرين.
وقال ابو محمد (45 عاما) بعد عودته مع زوجته واولاده الستة الى حي الكلاسة بعدما نزحوا الى ريف ادلب لفرانس برس "نزحنا في الاسبوع الماضي بسبب اشتداد الغارات الجوية وحصول مجازر في الحي"، متمنيا ان "يستمر الهدوء". واوضح احمد، وهو تلميذ في الصف الثالث الابتدائي، "كانت الحارة تتعرض لكثير من القصف، لذا خاف اهالينا من ارسالنا الى المدرسة"، مضيفا "الحمدلله توقف القصف الآن وعدنا".
واشار المدرّس ابو عمار الى ان "الدوام توقف لمدة اسبوعين"، مشيرا الى انه بهدف تعويض التقصير في المنهاج "سنعطي درسين في كل حصة تعليمية".
وبدأ سريان الهدنة المؤقتة في حلب الخميس بعد انهيار وقف الاعمال القتالية الذي تم تطبيقه منذ 27 شباط/فبراير في مناطق سورية عدة بموجب اتفاق اميركي روسي تدعمه الامم المتحدة، والتزمت به قوات النظام والفصائل، قبل ان يتعرض لخروقات كبرى تحديدا في حلب، حيث قتل 300 شخص من 22 نيسان/ابريل الى 5 ايار/مايو.
مقتل 13 ايرانيا
ولحلب اهمية رمزية كبيرة بالنسبة الى النظام السوري، باعتبارها تشكل معركة حاسمة في انهاء صراعه مع الفصائل المسلحة وفق محللين، في وقت من شأن خسارة الفصائل لحلب ان يوجه ضربة شبه قاضية اليها بعد تراجع نفوذها مع تصاعد نفوذ التنظيمات "الجهادية".
وفي مقابل الهدوء في مدينة حلب والذي لم يخرقه الا سقوط قذائف على اطراف الاحياء الغربية وفق المرصد السوري لحقوق الانسان، تستمر المعارك في محافظة حلب ومحافظات دير الزور (شرق) ودمشق وحمص (وسط) ودرعا (جنوب) بين قوات النظام والفصائل المعارضة، وبين القوات السورية و"الجهاديين" وحتى بين الفصائل المعارضة والجهاديين.
وقتل بحسب المرصد ستة مدنيين، بينهم نساء واطفال، اضافة الى اربعة عناصر من تنظيم الدولة الاسلامية، بينهم قيادي، جراء قصف لطائرات تابعة للتحالف الدولي بقيادة اميركية ليلا على بلدتين تحت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية في ريف حلب الشمالي. كما قتل 12 "جهاديا" جراء اشتباكات بين التنظيم والفصائل المقاتلة في ريف حلب الشمالي.
وفي ريف حلب الجنوبي، احصى المرصد السبت مقتل 62 عنصرا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، نصفهم من المقاتلين الايرانيين والعراقيين ومن حزب الله اللبناني خلال المعارك المستمرة منذ ليل الخميس قرب بلدة خان طومان، التي سيطرت عليها جبهة النصرة والفصائل الاسلامية امس.
ونقلت وسائل اعلام ايرانية السبت ان 13 "مستشارا عسكريا" من الحرس الثوري الايراني قتلوا، واصيب 21 اخرون في الايام الماضية في محافظة حلب. وليل السبت دان نائب وزير الخارجية الايراني حسين امير عبداللهيان سيطرة النصرة وحلفائها على خان طومان، معتبرا هذه الخطوة انتهاكا للهدنة.
وقال عبد اللهيان في تصريح نقلته وكالة الانباء الايرانية الرسمية "ارنا" ان "الاجراء المشترك للارهابيين والجماعات المسلحة اللامسؤولة التي تسمى خطأ بالمعارضة المعتدلة تثبت من خلال استغلالها اجواء الهدنة بانها تسعى بدعم خارجي الى مواصلة اعمالها العسكرية، ولا تؤمن اطلاقا بطريق الحل السياسي".
واضاف "يجب ادانة وقمع الارهابيين والجماعات المسلحة المرتبطة بها من قبل المجتمع العالمي لتتوفر الفرصة للتقدم في طريق الحل السياسي". وفي وسط سوريا، فشلت قوات النظام في اقتحام سجن حماة المركزي، لانهاء حالة العصيان التي ينفذها نحو 800 سجين منذ مطلع الاسبوع، بحسب المرصد، احتجاجا على ظروف اعتقالهم وعلى نقل رفاق لهم الى سجن صيدنايا العسكري في ريف دمشق حيث تم اعدام عدد من المعتقلين.
رسالة احتجاج
ودعا المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب في رسالة الى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون السبت، "مجلس الأمن الى التدخل الفوري لضمان سلامة المعتقلين في سجن حماة". كما اتهم رياض حجاب القوات الروسية باستهداف مخيم الكمونة في ريف ادلب الشمالي، مطالبا "بضرورة إيجاد آليات للمراقبة والمساءلة لضمان تنفيذ" اتفاق وقف الاعمال القتالية "بالشكل المطلوب".
ولا يزال الجدال قائما بشأن قصف المخيم الذي تسبب الخميس بمقتل 28 شخصا، بينهم نساء واطفال، اذ تحدث المرصد السوري عن قيام طائرات بالقصف لم يتمكن من تحديد هويتها فيما اتهم معارضون قوات النظام بذلك. لكن قيادة الجيش السوري نفت الجمعة استهداف المخيم واكدت روسيا عدم تحليق اي طائرة فوقه.
واعلنت واشنطن انها غير قادرة على تحديد ما جرى بدقة، في حين اتهمت باريس ولندن دمشق بالمسؤولية عن ذلك. وتسيطر جبهة النصرة والفصائل الاسلامية المتحالفة معها على كامل محافظة ادلب منذ الصيف الماضي. ويستثني اتفاق وقف الاعمال القتالية جبهة النصرة وتنظيم الدولة الاسلامية.
ودعا الامين العام لمنظمة "اطباء بلا حدود" جيروم أوبيريت في تصريحات لوكالة فرانس برس السبت الدول المجاورة لسوريا الى فتح حدودها امام اللاجئين الفارين من المعارك. وقال "نحن بحاجة لضمان ان تبقى الحدود بين سوريا والدول الاخرى المجاورة مفتوحة" معتبرا انها (الحدود) "طريق حياة وللناس الحق في الفرار من النزاعات".
سياسيا، اتهم الرئيس بشار الاسد السبت خلال استقباله المستشار الاعلى لقائد الثورة الايرانية علي أكبر ولايتي "العديد من الدول الغربية والاقليمية" بانها تواصل "دعم الارهابيين سرا وعلنا وتوفر الغطاء لهم بالرغم من الجهود الرامية الى وقف القتال ودعم الحل السياسي في سوريا".
التعليقات