أشار تقرير أعدته الكاتبة الأميركية كارين إليوت هاوس إلى أن السعودية دخلت مخاضًا هادئًا لإعادة بلورة سياساتها الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى ما يشبه الثورة الناعمة على مختلف الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية.

واشنطن: صدر تقرير حديث عن مركز "بلفر للعلوم والشؤون الدولية" يقارب الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المملكة العربية العربية السعودية، لا سيما في ضوء المتغيرات المتدرجة على غير صعيد، والتي تترافق مع طرح رؤية جديدة قد تنقل البلاد برمتها من ضفة إلى أخرى.

يستند التقرير بشكل أساسي لزيارة قامت بها الكاتبة التي أعدته إلى السعودية في يناير الماضي، وتضمنت لقاءات وحوارات مطولة مع مجموعة كبيرة من الوزراء والمسؤولين والمواطنين والمثقفين وكبار العائلة الحاكمة، بما في ذلك الجيل الجديد من القادة الذين يحملون أفكارًا تقدمية وتغييرية على المستوى الداخلي والخارجي.&

وقد تناول العلاقة التي تجمع السعودية بالولايات المتحدة الأميركية، لا سيما لجهة الفتور المتعاظم بينهما، بالإضافة إلى انعدام الثقة نتيجة حزمة كبيرة من الاختلافات حول مقاربة العديد من الأمور المطروحة، فيما تساءل الكثيرون عن التوجه المستقبلي لواشنطن في المنطقة، وعن قرارها بالانكفاء النهائي عن ممارسة أي دور قيادي في الشرق الأوسط. مشيرين إلى دورها السلبي في انجاز الاتفاق النووي مع ايران على حساب حلفائها التاريخيين.

نفسٌ&جديد

إلى ذلك، أشار التقرير إلى وجود نفس جديد بدأ يظهر في المملكة، وهو يختزن الكثير من موارد القوة الذاتية والثقة بالنفس والتوق نحو إحداث تغييرات جذرية في مستقبل البلاد على الصعيد الداخلي والخارجي، وهو ما تجسد بشكل واضح بشخصية ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي أمسك بزمام الأمور في اليمن عبر دوره المحوري في عاصفة الحزم، بالإضافة إلى الرؤية الشاملة التي أطلقها مؤخرًا.&

وفي هذا الإطار، برزت حالة من الحماسة المستجدة لدى شريحة كبيرة من الشباب السعودي على خلفية المتحركات الشاملة التي تشهدها المملكة، بحسب ما أوضح التقرير، مشيرًا إلى ترحيب واسع من قبلهم جراء الحضور السعودي المستجد في مختلف الملفات الدقيقة والحساسة، انطلاقًا من الحرب في اليمن، مرورًا بالسياسات الحازمة تجاه التمدد الإيراني في المنطقة، وصولًا إلى الخروج نحو اعتماد سياسات جديدة في مقاربة مجمل الملفات المطروحة على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي، وهذا ما تجسد بشكل واضح في تشكيل التحالف الإسلامي.

سلبيات وإيجابيات

وضمن سياق منفصل، أشار التقرير إلى أن المملكة العربية السعودية تواجه حاليًا مجموعة لا بأس بها من المشاكل، بدأت مع الانخفاض الحاد لأسعار النفط، بالإضافة إلى زيادة الاضطرابات الاقليمية بشكل كبير، لا سيما في اليمن وسوريا والعراق، وكذلك توتر العلاقات مع إيران نتيجة سياساتها التوسعية، فيما تبرز أيضًا عشرات المعضلات التي تتعلق بالوضع الاقتصادي الداخلي وخلق فرص العمل والانتقال التدريجي نحو تخفيف الاعتماد على عائدات النفط. لكن هذه السلبية تواجه بإيجابية ملحوظة تتمثل بالاستقرار الأمني والسياسي رغم كل الحرائق التي تجتاح المنطقة.

يذكر أن مركز "بلفر للعلوم والشؤون الدولية" هو مركز أبحاث أميركي تابع لجامعة هارفرد ويهتم بتقديم تحليلات بشأن التحكم بالأسلحة وتقليص التهديد النووي، كما ويُجري الأبحاث والندوات التعليمية والتدريبية حول قضايا ذات علاقة بالأمن الدولي والدبلوماسية والقضايا السياسية.

ويتطرق المركز أيضًا إلى التهديدات العاجلة التي تواجه المصالح القومية الأميركية والأمن الدولي، ويقدم تحليلات معقدة عن القضايا الأمنية المعاصرة ويناقش أسبابها التاريخية، كما ويهدف إلى تطوير المعرفة المتعلقة بالسياسة في مجالات الأمن والاستخبارات والمساعدة في إعداد القادة المستقبليين.
&