دمشق: قتل 148 شخصا على الاقل في تفجيرات متزامنة وغير مسبوقة تبناها تنظيم داعش واستهدفت مدينتين ساحليتين من اهم معاقل النظام في سوريا، بقيتا لفترة طويلة بمنأى عن النزاع الدائر في البلاد.
وضربت صباح اليوم سبعة تفجيرات متزامنة، هي الاعنف في هذه المنطقة الساحلية منذ الثمانينات، مدينة جبلة في جنوب اللاذقية ومدينة طرطوس، مركز محافظة طرطوس وسرعان ما ارتفعت الحصيلة من 120 الى 148 قتيلا.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن ان "ثلاثة تفجيرات في طرطوس اسفرت عن مقتل 48 شخصا و100 آخرين في اربعة تفجيرات استهدفت جبلة"، فضلا عن اصابة العشرات بجروح.
وكان المرصد افاد في وقت سابق عن مقتل 73 شخصا في جبلة. ومن بين القتلى، بحسب المرصد، ثمانية اطفال وعاملون في المجال الطبي وطلاب وعاملين في شركة الكهرباء.
من جهتها، افادت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) عن سقوط "45 شهيدا في جبلة" و"33 شهيدا في طرطوس".
ووقعت التفجيرات في مدينة طرطوس بالتزامن عند الساعة التاسعة صباحا، وفق ما قال مصدر في شرطة المدينة لوكالة فرانس برس. ونقلت سانا ان انتحاريين فجرا نفسهما داخل محطة للحافلات وانفجرت سيارة مفخخة عند مدخلها.
واوضح المرصد بدوره ان انتحاريين فجرا احزمتهما الناسفة في محطة طرطوس بعد تجمع الاشخاص في المكان اثر انفجار السيارة المفخخة.
وبعد ربع ساعة، ضربت اربعة تفجيرات مدينة جبلة التي تبعد 60 كيلومترا شمال طرطوس.
وافاد مصدر في شرطة جبلة فرانس برس ان "تفجيرا انتحاريا استهدف قسم الاسعاف في المستشفى الوطني، ووقعت التفجيرات الثلاثة الاخرى بواسطة سيارات مفخخة في محطة حافلات المدينة وامام مؤسسة الكهرباء واما مستشفى الاسعد" عند مدخل المدينة.
ونقل عبد الرحمن عن مصادر في المدينة ان "احد الانتحاريين ساعد على نقل الجرحى الذين سقطوا في احد التفجيرات الى المستشفى الوطني، وحين وصل الى هناك فجر نفسه في قسم الاسعاف".
وبث تلفزيون الاخبارية السوري الحكومي صورا لمكان التفجير في موقف للحافلات في جبلة. واظهرت الصور عددا من الحافلات المحترقة والمحطمة، فيما تناثرت على الارض الاطارات وركام السيارات الى جانب برك من الدم والاشلاء.
وقال محسن زيّود، طالب جامعي (22 عاما)، وكان في زيارة لذويه في جبلة، "كان صوتا مدوّيا واهتزّت جدران المنزل بشكل كامل".
واضاف "نزلت إلى الشارع لأرى ماذا يحدث وسمعت بعدها تفجيرات متتالية، وهرعت الناس إلى منازلها خائفة وأغلقت المدينة بشكل كامل".
الاكثر دموية منذ الثمانينات
تبنى تنظيم داعش الاعتداءات. واوردت وكالة "اعماق" الاخبارية التابعة له ان "هجمات لمقاتلين من داعش تضرب تجمعات للعلوية في مدينتي طرطوس وجبلة على الساحل السوري".
وبقيت محافظتا اللاذقية وطرطوس الساحليتان، وذات الغالبية العلوية، بمنأى عن النزاع الدامي الذي تشهده البلاد منذ منتصف آذار/مارس 2011، وتسبب بمقتل اكثر من 270 الف شخص.
ويقتصر وجود الفصائل المقاتلة والاسلامية في اللاذقية على ريفها الشمالي.
ولا تواجد معلن لتنظيم داعش في المحافظتين، واذا صح تبنيه للتفجيرات، فانها تكون بمثابة رسالة بان التنظيم المتطرف لا يزال ناشطا وبقوة وبرغم الهزائم التي مني بها في محافظات اخرى.
ووصف عبد الرحمن التفجيرات بـ"غير المسبوقة" في كل من جبلة وطرطوس "حتى ان المدينتين لم تشهدا انفجارات بهذا الشكل منذ الثمانينات".
وفي طرطوس، قال علاء مرعي وهو رسام في الثلاثينات من العمر "تركتُ دمشق منذ أكثر من عام بعدما كثرت فيها قذائف الهاون، هربتُ من الموت لأجد أني ذهبتُ إليه بأقدامي".
واضاف في حديث عبر الهاتف مع فرانس برس "كنتُ نائما واستيقظتُ مرعوبا، ظننتُ للحظات أني في دمشق"، وروى مشاهداته من نافذة غرفته "الناس كانت تركض في الشوارع، والمحلات أغلقت بشكل كامل، ودخلت المدينة في حالة شلل تام".
وتابع "هذه المرة الاولى التي تختبر فيها طرطوس معنى الحرب".
واكد شادي عثمان (24 عاما)، موظف في احد مصارف طرطوس، "هذه المرة الأولى التي تسمع فيها طرطوس أصوات انفجارات، والمرة الأولى التي نرى فيها شهداء وأشلاء".
واثر التفجيرات هاجمت مجموعة من المواطنين، وفق المرصد، مخيم الكرنك للاجئين في طرطوس وطردوهم منه بحجة "انهم بشكلون حاضنة شعبية للارهاب". ويضم مخيم الكرنك وهو عبارة عن بعض المباني قيد الانشاء عشرات الاشخاص النازحين من محافظتي ادلب (شمال غرب) وحلب (شمال).
وتشهد مدينة طرطوس حالة من "التوتر والقلق والفوضى"، بحسب احد السكان الذي رفض الكشف عن اسمه. واشار الى سماعه اصوات طلقات نارية وسيارات اسعاف.
وتعد هذه الاعتداءات الاكثر دموية في طرطوس منذ العام 1986 حين استهدفت تفجيرات عدة المدينة ما اسفر حينها عن مقتل 144 شخصا واصابة 149 آخرين. واتهمت الحكومة السورية وقتها النظام العراقي برئاسة صدام حسين بالوقوف خلف الاعتداءات.
ووصفت فرنسا التفجيرات الاثنين في طرطوس بـ"المقززة".
ودانت موسكو ايضا الاعتداءات، وقال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف "تظهر تلك التفجيرات مدى هشاشة الوضع في سوريا وضرورة اتخاذ اجراءات حاسمة لاحياء عملية السلام".
وتعتبر روسيا الداعمة الرئيسية لدمشق وتستفيد منذ الحقبة السوفياتية من قاعدة عسكرية في ميناء طرطوس، كما بدأت في ايلول/سبتمبر الماضي استخدام قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية.
التعليقات