الرياض: يعتبر شهر رمضان بالنسبة لغير المسلمين في السعودية، مرحلة تغير نوعي وجذري للممارسات اليومية والتعاملات الشخصية، اذ تتطلب طقوس رمضان تعاطي مختلف من قبلهم، لاسيما ان السلطات تطالبهم بالتقيّد بمظاهر الصيام وعدم المجاهرة بالأكل والشرب نهارا ، احتراماً لقدسية الشهر ومراعاة لمشاعر المسلمين في البلاد.

وبين هذه المتغيرات والتعليمات ينقسم المقيمين غير المسلمين بالسعودية الى عدة اقسام، فمنهم من يفضل اغتنام رمضان لأخذ اجازته و السفر الى بلاده، ومنهم يتعامل مع الواقع بمرونة ويتحول الى جزء من المجتمع الصائم لاسيما فئة العمال، فيما يفضل فريق اخر الانعزال عن المجتمع والدخول في سبات نهاري حتى تنقضي مرحلة رمضان.

ويقول جون موفالي ، مقيم فلبيني يعمل بإحدى المصانع بجدة ، انه يحرص ان لا يدخل في جدال ومشادات مع زملائه في العمل تفهما لوضعهم ، فهم لم يأكلوا و يشربوا طوال النهار، مشيرا في حديثه لـ "ايلاف" ان الكثير من الفلبينيين يفضلون اخذ اجازتهم في رمضان تحرزا من ايذاء مشاعر المسلمين، واضاف: "تعرضت لصدمه عندما شهدت رمضان لأول مرة، حيث جميع المطاعم مغلقة ولا يسمح لنا بالأكل او التدخين، الا اني تعوّدت مع مرور السنوات حيث يعتبر رمضان هذا هو خامس رمضان اقضية في السعودية".

طقوس مختلفة

لفئة العمال وصغار الموظفين، طقوس مختلفة حيث تحتضنهم مخيمات الإفطار التي تنتشر في المدن لاسيما في المناطق الصناعية، ويقول محمد على بابكر، المسؤول بمكتب الدعوة بمدينة جدة الصناعية، انهم يقيمون مأدبة افطار يومية للمئات من العمال من مختلف الجنسيات، من المسلمين وغير المسلمين، مشيرا في حديثه لـ"ايلاف" ان الكثير من غير المسلمين لا يجدون حرجاً في أن يشاركونا الافطار والذي يعتبر عشاء بالنسبة لهم، ونحن بدورنا نستثمر فرصة تواجدهم لندعوهم للإسلام، حيث تشهد هذه المآدب اشهار العديد من العمال إسلامهم، بعد تأثرهم بما شاهدوه من مشاهد الإفطار.

فريق اخر من غير المسلمين واغلبهم من العرب والغربيين، يفضلوا ممارسة الصيام فعليا والالتزام بطبيعته المتمثلة في الصيام والافطار بحثاً عن الفوائد الصحية حيث يقول جورج نائل، وهو مقيم عربي انه يفضل صيام رمضان كنوع من الحمية الصحية من جهة ، وكوسيلة للتأقلم مع يوميات المجتمع من جهة اخرى ، مضيفا في حديثه لـ"ايلاف" انه يصوم مثل الآخرين ويمتنع عن التدخين رغم أنه ليس ملزماً بذلك، لكنه يفضل استثمار رمضان في تخفيف وزنه وايضا لكي يعبر عن احترام المجتمع الذي يعيش فيه.

الى ذلك، اختار فريق اخر امضاء رمضان من خلال السبات البيتي والمتمثل في قضاء نهاره في المنازل، والخروج بالليل لقضاء الاحتياجات الخاصة والتزود بالطعام وتخزينه قبل حلول النهار، حيث يقول ميكايلي نورن، وهو موظف شبكات هندي عندما يحل رمضان اعتكف أنا وأصدقائي طيلة النهار في البيت ولا نخرج إلا بالليل فليس هناك فائدة من خروجنا، فجميع الاماكن والمطاعم مغلقة وبالتالي الحل الوحيد هو البقاء بالبيت احتراماً لمشاعر الآخرين.