حلب: تعرضت هدنة جديدة في مدينة حلب السورية للانتهاك بعد ظهر الخميس اثر قصف جوي استهدف احياءها الشرقية، بعد ساعات على اعلان روسيا، ابرز حلفاء دمشق، وقفا لاطلاق النار لمدة 48 ساعة.

وافاد مراسل لفرانس برس في شرق حلب عن غارات وقصف بالبراميل المتفجرة بعد ظهر الخميس على احياء عدة في المدينة، بعد هدوء استمر منذ ساعات الصباح.

واكد المرصد السوري لحقوق الانسان تنفيذ "قوات النظام غارات على احياء عدة بعد تهدئة استمرت لساعات" لافتا الى ان القصف طال احياء عدة بينها قاضي عسكر والسكري وباب النيرب تحت سيطرة الفصائل المعارضة.

وبمبادرة من موسكو، اعلنت وزارة الدفاع الروسية دخول "نظام تهدئة حيز التنفيذ في حلب لمدة 48 ساعة في 16 حزيران/يونيو عند الساعة 00,01 (21,00 ت غ الأربعاء) بهدف خفض مستوى العنف المسلح وتهدئة الوضع" من دون تحديد الجهة التي ناقشت معها موسكو القرار.

وفي دمشق، اعرب مصدر سوري قريب من النظام عن استياء من القرار الروسي. وقال لوكالة فرانس برس "الامر ذاته يتكرر، ففي كل مرة يتقدم فيها الجيش شمال مدينة حلب ويقترب من تطويق المدينة، تتدخل روسيا لاقرار وقف لاطلاق النار بالتوافق مع الاميركيين" مضيفا "من الواضح ان موسكو لا تريد لنا ان نستعيد حلب".

ومنذ سقوط اتفاقات تهدئة فرضتها موسكو وواشنطن اثر انهيار اتفاق لوقف الاعمال القتالية بدأ تنفيذه في مناطق عدة في سوريا منذ 27 شباط/فبراير وتحديدا في حلب، تتعرض المدينة التي تتقاسم قوات النظام والفصائل السيطرة على احيائها لقصف كثيف.

وكانت الاحياء الشرقية تحت سيطرة الفصائل بحكم المحاصرة منذ مطلع الشهر الحالي مع استهداف قوات النظام اي حركة على طريق الكاستيلو، وهي طريق الامداد الوحيدة المتبقية من هذه الاحياء نحو مناطق تحت سيطرة الفصائل في ريف حلب الغربي.

وتستهدف قوات النظام بالبراميل المتفجرة والصواريخ الاحياء الشرقية تحت سيطرة الفصائل فيما تطلق الفصائل عشرات القذائف على الاحياء الغربية تحت سيطرة قوات النظام.

استراحة "للقتلة"

وبحسب مراسل فرانس برس، تمكن السكان في الاحياء الشرقية في ساعات الصباح من الخروج الى الاسواق لشراء مستلزمات الافطار مستغلين الهدوء الذي لم تعرفه المدينة منذ اسبوعين على الاقل.

وجاء الاعلان الروسي عن تطبيق الهدنة الجديدة بعد ساعات على تحذير وزير الخارجية الاميركي جون كيري من مغبة عدم احترام وقف الاعمال القتالية وتأكيده انه "على روسيا ان تفهم ان صبرنا ليس بلا حدود". 

واضاف "في الواقع هو محدود جدا في ما يتعلق بمعرفة ما اذا كان الاسد سيوضع امام مسؤولياته ام لا" على صعيد الالتزام بوقف الاعمال القتالية، معترفا بان "وقف الاعمال القتالية هش ومهدد".

ولم يعلن اي طرف انهيار الهدنة بالكامل على رغم سقوط 300 قتيل خلال اسبوعين في حلب بعد نحو شهرين على تطبيقها، ما دفع راعيي الاتفاق، الولايات المتحدة وروسيا، الى الضغط من اجل فرض اتفاقات تهدئة، ما لبثت ان سقطت بدورها.

وراى المرصد السوري من جهته ان "الهدن المؤقتة لساعات، ليست من أجل التوقف عن إراقة دماء المدنيين وارتكاب المجازر بحقهم، إنما هي بمثابة استراحة للقتلة ومرتكبي المجازر بحق أبناء مدينة حلب والشعب السوري قبل استئناف ارتكابهم لجرائمهم".

ويتوقع محللون الا تصمد هذه الهدنة اكثر من سابقاتها، وبالتالي الدخول مجددا في دوامة العنف، في غياب اي جهد حقيقي لاعادة اطلاق مفاوضات السلام المجمدة في الوقت الراهن.

هدنة "صورية"

ويقول مدير الابحاث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس كريم بيطار لوكالة فرانس برس "يشكك السوريون بشكل متزايد في فعالية هذه الهدن المؤقتة التي باتت تبدو مصطنعة وعقيمة شانها شان جلسات التفاوض التي تعلق عليها الامال في كل مرة قبل ان تثير الخيبات".

ويضيف "يبدو اننا مجددا امام وقف اطلاق نار صوري لا تدعمه اي عملية سياسية حقيقية".

وتزامن سريان وقف الاعمال القتالية في سوريا نهاية فبراير مع مفاوضات غير مباشرة بين النظام السوري والمعارضة في الامم المتحدة في جنيف. وجرت منذ كانون الثاني/يناير ثلاث جولات الا انها لم تحقق اي تقدم. ولم يحدد الموفد الدولي الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا اي موعد لجلسة جديدة جراء التباعد الكبير في وجهات النظر. 

واقر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على هامش منتدى روسيا الاقتصادي في سان بطرسبرغ الخميس بانه "لا تقدم في العملية السياسية.. ولم تتسن اعادة اطلاق الحوار السياسي بين جميع الاطراف".

وحمّل الاميركيين مسؤولية عرقلة الحوار السياسي معتبرا ان واشنطن "لا تتمكن او لا تريد الضغط على حلفائها في المنطقة" في اشارة الى الدول الداعمة للمعارضة لا سيما السعودية وتركيا.

من جهته، اقر المدير العام لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) جون برينان الخميس بان تنظيم الدولة الاسلامية يحتفظ بقدراته على "شن هجمات ارهابية" في العالم رغم جهود التحالف الدولي ضد الجهاديين.

وتسبب النزاع الذي تشهده سوريا منذ مارس 2011 بمقتل اكثر من 280 الف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية وبنزوح وتشريد اكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

وانعكس جمود مفاوضات جنيف والتصعيد العسكري الميداني سلبا على ايصال المساعدات الى المناطق المحاصرة قبل ان تعلن الامم المتحدة قبل اسبوع تبلغها من الحكومة السورية موافقتها على السماح بادخال مساعدات الى المناطق المحاصرة كافة، ودخول قوافل مساعدات تتضمن موادا غذائية الى مناطق عدة ابرزها مدينة داريا المحاصرة في ريف دمشق للمرة الاولى منذ العام 2012.

ويقيم وفق الامم المتحدة نحو 600 الف سوري في مناطق محاصرة في سوريا.