جوبا: مل عمال النظافة ازالة الدماء من على ارصفة جوبا التي تحاول استعادة مظاهر الحياة الطبيعية بعد معارك عنيفة بين 8 و11 يوليو، إلا ان الهدنة الحالية هشة والحلول لانقاذ السلام في جنوب السودان غير واضحة.

ولا يزال وقف اطلاق النار الذي اعلن قبل اسبوع ساريا حتى الان. لكن معارك الايام الاربعة في جوبا خلفت مئات الضحايا وعشرات الاف المشردين وادت الى تعميق عدم الثقة بين جنود الرئيس سلفا كير ونائبه المتمرد السابق رياك مشار.

ولا يرى دبلوماسيون كثيرون حلا سوى بإحياء اتفاق السلام الذي بات في مرحلة الاحتضار بعد ان كان سمح بعودة مشار في ابريل الى جوبا برفقة 1400 عنصر من اجل تشكيل حكومة وحدة وطنية مع سلفا كير.

وقال المبعوث الخاص للاتحاد الافريقي الى جنوب السودان &الفا عمر كوناري "اذا لم نتمكن من وقف (المعارك)، ستكون هناك كارثة".

وبعد سلسلة من انتهاكات وقف اطلاق النار الذي يهدف الى وضع حد لحرب اهلية مدمرة بدأت في ديسمبر عام 2013، ادت المعارك الاخيرة في جوبا الى تراجع الثقة التي منحها المجتمع الدولي للزعيمين.&

واعتبر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان شعب جنوب السودان "تخلى عنه قادته أنفسهم"، داعيا الى فرض عقوبات جديدة ضد اعداء السلام، وحظر على الاسلحة والى نشر قوات حفظ سلام اضافية.

وتعتبر الجهات التي ما زالت تحاول انقاذ جنوب السودان من فوضى عارمة، ان عملية سلام ناقصة افضل من عدم وجود عملية سلام على الاطلاق.

وقالت كايسي كوبلاند من مجموعة الازمات الدولية ان اتفاق السلام الذي وقع في اغسطس 2015 كان الخيار الأقل سوءا، نظرا الى الوضع الذي كان سائدا في ذلك الوقت.

واوضحت "لقد سمح بوقف المعارك وايجاد اطار عمل للاصلاح والعدالة الانتقالية والانتخابات، ومنع القوى الاقليمية من الانجرار الى الحرب في جنوب السودان".&

وقال علي فيرجي العضو السابق في فريق مراقبة وقف اطلاق النار "اذا تخلى المجتمع الدولي عن اتفاق السلام لأنه يرى انه لم يعد مناسبا او انه لم يعد يمكن انقاذه، فإن ذلك سيصب في مصلحة المتشددين (من المعسكرين) الذين يرغبون في مواصلة المواجهة المسلحة".&

لا مستقبل

في الوقت نفسه لا يزال رياك مشار متواريا عن الانظار منذ اسبوع، ومن غير المعروف ما اذا كان يسيطر بالكامل على قواته، فيما يبقى مصير البلاد ضبابيا في غياب ابرام اي اتفاقات سياسية وعسكرية جديدة.

اضافة الى ذلك كان نجاح عملية السلام يعتمد في جزء منه على ضمان الولاءات عبر ايلاء مناصب او توفير مصادر تمويل للقوات التابعة لكل فريق، لكن ايا من هذين الشرطين لم يتحقق.&

وقوض سلفا كير اتفاق تقاسم السلطة، وهو عنصر رئيس في اتفاق السلام، من خلال زيادته بشكل احادي عدد الولايات في البلاد ثلاثة اضعاف تقريبا.

اما عائدات النفط التي شكلت 98 بالمئة من الايرادات الحكومية واعطت مجالا لاستيعاب قادة الميليشيات وغيرهم من الصقور في كلا المعسكرين، فقد اضمحلت. ذلك ان الحرب ادت الى انخفاض حاد في انتاج النفط الخام واسعار النفط في البلاد.

ويعتبر منتقدو اتفاق السلام بشكله الحالي، ان تمركز وحدات المعسكرين الخصمين في جوبا هو تعايش مصيره الفشل.&

ويبدو ان المجتمع الدولي يسعى الى فرض عقوبات جديدة، وخصوصا الى تعزيز قوة الامم المتحدة في جنوب السودان (التي تضم 12 الف جندي)، مع امكانية انشاء لواء تدخل يكون تفويضه اكثر قوة.

لكن هل سيكون نشر قوات حفظ سلام اضافية كافيا لجعل مهمة القوة اكثر فعالية بعد ان واجهت انتقادات في الايام الاخيرة بسبب عجزها عن وقف القتال في جوبا؟

وقالت ريبيكا جوزف وهي ام لثلاثة اطفال لجأت الى احدى كنائس جوبا اثر المعارك الاخيرة "لا يمكننا الاستمرار على هذه الحال الى الابد". واضافت "سأعود الى قريتي حيث هناك امان اكثر، اذ يبدو انه لا يوجد مستقبل هنا".&