باريس: اتهمت حكومة الوفاق الوطني الليبية الاربعاء فرنسا بـ"انتهاك" أراضيها، بعيد إعلان باريس مقتل ثلاثة من جنودها في ليبيا مؤكدة للمرة الأولى تواجد عسكريين فرنسيين في البلاد.

وأعربت حكومة الوفاق في بيان نشر على صفحتها على فيسبوك عن "استيائها" من اعلان باريس وجود قوات فرنسية في ليبيا، مؤكدة رفضها لهذا الوجود العسكري الذي رات انه يشكل "انتهاكا لحرمة التراب" الليبي.

وقال البيان "يعرب المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني عن استيائه البالغ لما اعلنته الحكومة الفرنسية عن تواجد فرنسي في شرق ليبيا".

وأكدت الحكومة المدعومة من الدول الكبرى وبينها فرنسا ان "الثوابت التي اعلن عنها مرارا من ان لا تنازل مطلقا عن السيادة الليبية، ورفضنا الكامل لانتهاك حرمة التراب الليبي".

وشددت الحكومة على انها ترحب باي "مساعدة او مساندة تقدم لنا من الدول الشقيقة والصديقة في الحرب على داعش (تنظيم الدولة الاسلامية)، ما دام ذلك في اطار" الطلب منها وبالتنسيق معها.

لكنها رات ان هذا الامر "لا يبرر اي تدخل دون علمنا ودون التنسيق معنا ودون مراعاة لما اعلناه من حرمة التراب الليبي"، مشيرة الى انها اجرت اتصالات مع السلطات الفرنسية لمعرفة "اسباب وملابسات" التواجد العسكري وحجمه.

وشارك مئات الأشخاص الأربعاء في تظاهرات شهدتها عدة مدن ليبية تنديدا بالوجود العسكري الفرنسي في هذا البلد الذي يعيش فوضى امنية منذ العام 2011 ويخوض حربا ضد تنظيم الدولة الاسلامية.

ونظمت التظاهرات في العاصمة طرابلس ومدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) ومدن اخرى بعد ساعات من اعلان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مقتل ثلاثة جنود فرنسيين خلال مهمة استطلاع في ليبيا.

-"حالة خطيرة من عدم الاستقرار"-وقتل هؤلاء الجنود خلال مهمة "استطلاع خطيرة" في ليبيا عندما تعرضت مروحيتهم لحادث وفق السلطات الفرنسية التي اكدت للمرة الاولى وجود جنود فرنسيين في هذا البلد الذي ينتشر فيه تنظيم الدولة الاسلامية.

وقال الرئيس فرنسوا هولاند ان ليبيا تعيش "حالة خطيرة من عدم الاستقرار (...) انها على بعد بضعة مئات الكيلومترات من شواطئ اوروبا. وفي الوقت الراهن فاننا نقوم بعمليات استطلاع خطيرة" فيها.

واضاف "قتل ثلاثة من جنودنا الذين كانوا عمليا مشاركين في هذه العمليات، في حادث مروحية".

وهي المرة الاولى التي تقر فيها فرنسا بوجود قوات خاصة في ليبيا بعدما كانت تكتفي بتاكيد تحليق طائراتها فوق ليبيا لجمع معلومات. لكن صحيفة "لوموند" اشارت قبلا الى نشر جنود فرنسيين في ليبيا والمح الى ذلك ممثل الامم المتحدة في ليبيا مارتن كوبلر.

ويأتي نبأ مقتل العسكريين في حين لا تزال فرنسا تداوي جراحها من اعتداء نيس الذي اوقع 84 قتيلا يوم 14 تموز/يوليو وتبناه تنظيم الدولة الاسلامية.

وكانت فرنسا وبريطانيا وراء شن حلف شمال الاطلسي في 2011 غارات على ليبيا ساعدت في اسقاط نظام القذافي.

اتهم البلدان بعدها بانهما لم يفعلا ما يكفي لدعم ليبيا ما بعد هذا التدخل.

في ليبيا، افاد مسؤولون في قوات اللواء خليفة حفتر في شرق البلاد ان العسكريين قتلوا عندما استهدفت جماعة اسلامية طائرتهم في منطقة المقرون غرب بنغازي.

وصرح عضو في جهاز القوات الخاصة في قوات حفتر لوكالة فرانس برس "الفرنسيون هم مستشارون (عسكريون)، وكانوا في طائرة ضمن مهمة استطلاعية".

وقال مسؤول آخر في قوات حفتر ان "الطائرة استهدفت على الارجح من جماعات اسلامية في منطقة المقرون على بعد نحو 65 كلم غرب بنغازي".

واوضح مصدر ثالث ان "المجموعة الاسلامية التي استهدفت مروحية +مي 17+ حاولت مهاجمتنا من الجهة الغربية لبنغازي بهدف دخول المدينة وقطع الطريق على انتصاراتنا فيها. القوة مؤلفة من عشرات السيارات المحملة برشاشات مضادة للطائرات".

واكدت القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية ورئاسة الأركان العامة للقوات المسلحة الليبية بقيادة حفتر في بيان الاثنين مقتل "النقيب طيار عمر فتح الله الدرسي والعقيد بوبكر عمر الشريف مساعد طيار والمهندس الجوي فتحي الورفلي اثر حادثة تحطم الطائرة العمودية +مي17+ (...) خلال دفاعهم عن بلدة المقرون من غزو الاخوان المُفسدين ومليشيات القاعدة الضالة".

ولم تأت على ذكر العسكريين الفرنسيين.

وتتمركز في شرق ليبيا حكومة موازية ترفض الاعتراف بحكومة الوفاق الوطني في طرابلس، وتخوض قوات حكومة الشرق بقيادة حفتر منذ عامين معارك مع تنظيمات معارضة لها بينها جماعات متطرفة تضم تنظيم الدولة الاسلامية، تهدف الى السيطرة بشكل كامل على مدينة بنغازي (الف كلم شرق طرابلس)، دون ان تنجح في ذلك.

وتشهد ليبيا منذ العام 2011 صراعات على السلطة وفوضى امنية سمحت لتنظيمات متطرفة على راسها تنظيم الدولة الاسلامية بان تجد موطئ قدم لها في هذا البلد الغني بالنفط. واستشرت الفوضى بسبب احتفاظ الجماعات المسلحة التي قاتلت النظام السابق باسلحتها.

وتواجه حكومة الوفاق التي تمركزت في طرابلس والمدعومة من المجتمع الدولي صعوبات في ترسيخ سلطتها وتوحيد البلاد بفعل استمرار معارضة الحكومة الموازية تسليمها السلطة.