إيلاف من حلب: في بيان أصدره، قال تحالف "جيش الفتح" الذي يتألف من فصائل عدة، بينها جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقًا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة)، "اننا في جيش الفتح وبعد اسبوع من المعارك المتواصلة (...) نعلن بداية المرحلة الجديدة لتحرير حلب كاملة".

واضاف البيان: "نبشر بمضاعفة اعداد من المقاتلين ليستوعبوا هذه المعركة القادمة، ولن نستكين باذن الله حتى نرفع راية الفتح في قلعة حلب".

وتدور منذ 31 يوليو معارك عنيفة جنوب غرب حلب، بعدما اطلقت الفصائل هجمات عدة ضد مواقع قوات النظام، الا أن اقوى هجومين شهدتهما منطقة الكليات العسكرية يومي الجمعة والسبت، وتمكنت الفصائل خلالهما من التقدم في منطقة الراموسة لتفك الحصار عن احياء حلب الشرقية وتقطع آخر طرق الامداد الى الاحياء الغربية التي تسيطر عليها قوات النظام.

ومدينة حلب منقسمة منذ 2012 بين احياء غربية تسيطر عليها قوات النظام واحياء شرقية يسيطر عليها مقاتلو المعارضة. ومنذ 17 يوليو، تمكنت قوات النظام من فرض حصار كامل على الاحياء الشرقية التي يقيم فيها 250 الف شخص.

ونفى الاعلام الرسمي فك الحصار عن الاحياء الشرقية، مؤكدًا في الوقت عينه استمرار المعارك في كل المحاور جنوب وجنوب غرب حلب.

الا أن مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن اكد أن الفصائل المقاتلة والجهادية "لم تتمكن فحسب من كسر الحصار عن احياء حلب الشرقية، بل انها قطعت ايضًا آخر طرق الامداد الى الاحياء الغربية التي باتت محاصرة"، ويقيم فيها حوالى مليون و200 الف نسمة.

واتفق اطراف النزاع في سوريا على اعتبار المعارك الدائرة في مدينة حلب محورية لتحديد المنتصر في الحرب الدائرة في هذا البلد، ولا تزال المدينة منذ العام 2012 مقسومة بين احياء شرقية وغربية تتقاتل قوات النظام والفصائل المعارضة فيها بشراسة.

وبعد ثلاثة اسابيع على فرض قوات النظام الحصار على احياء المدينة الشرقية، انقلبت المعادلة السبت في حلب، فاستلمت الفصائل المقاتلة والجهادية زمام المبادرة ولم تتمكن من فك الحصار فحسب، بل قطعت ايضا آخر طرق الامداد الى الاحياء الغربية فاصبحت هذه الاحياء عمليًا محاصرة من قبل القوات المعارضة.

المدينة القديمة
تعد حلب واحدة من اقدم مدن العالم، وتعود الى اربعة آلاف عام قبل الميلاد. وقد توالت الحضارات على هذه المدينة المعروفة بصناعة وتجارة النسيج.

وبين العامين 1979 و1982، شهدت المدينة فصولاً من قمع النظام السوري لجماعة الاخوان المسلمين. وعادت في التسعينات لتزدهر مجددًا نتيجة حراك تجاري ترافق مع سياسة انفتاح اقتصادي انتهجتها البلاد.

مقسمة ومدمرة

لحقت سوريا في مارس العام 2011 بركب ما عرف وقتها باحتجاجات "الربيع العربي". وانضمت حلب الى موجة التظاهرات في ابريل ومايو من العام عينه، الا انها تعرضت لقمع الاجهزة الامنية.

ومع تحول الحراك في سوريا الى نزاع مسلح، شنت الفصائل المعارضة في يوليو العام 2012 هجومًا كبيرًا على المدينة تمكنت خلاله من فرض سيطرتها على الاحياء الشرقية منها. ومنذ ذلك الحين، تشهد مدينة حلب معارك شبه يومية بين الفصائل المقاتلة في الاحياء الشرقية وقوات النظام في الاحياء الغربية.&

ودمرت المعارك المدينة القديمة واسواقها المدرجة على لائحة اليونيسكو للتراث العالمي. وطال الدمار مواقع تعود الى سبعة آلاف عام. ولحقت بسوق المدينة التاريخي اضرار فادحة نتيجة المواجهات والحرائق، فيما تحولت مئذنة الجامع الاموي العائدة الى القرن الحادي عشر الى كومة من الركام.

كذلك لحقت أضرار كبيرة بقلعة حلب الصليبية التي استعادتها قوات النظام من المعارضة بعد قتال عنيف. وقد انهار في حلب اتفاق لوقف الاعمال العدائية فرضته واشنطن وموسكو في نهاية فبراير 2016 بعد شهرين فقط على دخوله حيز التنفيذ.

المدنيون يدفعون الثمن
ودفع سكان حلب ثمنًا باهظًا في النزاع الذي اسفر خلال خمس سنوات عن مقتل اكثر من 280 الف شخص، وهم الذين باتوا مقسمين بين الاحياء، فيعيش 250 الفًا في الاحياء الشرقية وحوالى مليون و200 الف آخرين في الاحياء الغربية.

وحين حاصرت قوات النظام السوري الاحياء الشرقية في 17 يوليو، بعد محاولات عدة باءت بالفشل سابقًا، كان السكان اول المتضررين، فارتفعت اسعار المواد الغذائية قبل ان تبدأ بالاختفاء من الاسواق.&

ومنذ 31 يوليو، شنت الفصائل الجهادية والمقاتلة، وبينها جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقًا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة) هجمات عدة بهدف فك الحصار عن الاحياء الشرقية.

تغيّر المشهد&
ونجحت تلك الفصائل السبت بالتقدم والسيطرة على مواقع استراتيجية من قوات النظام في جنوب غرب المدينة، وحققت هدفها بفك الحصار عن الاحياء الشرقية، بل انها ايضا قطعت آخر طريق امداد الى الاحياء الغربية. ومن هنا تغيّر المشهد في حلب، وباتت الاحياء الغربية بحكم المحاصرة من قبل الفصائل المقاتلة و"الجهادية".

وما هي الا ساعات على قطع الطريق، حتى بدأت اسعار المواد الغذائية بالارتفاع في الاحياء الغربية، وسارع السكان الى الاسواق للتموين خوفًا من ايام صعبة اذا جرى تثبيت الحصار. وذلك رغم تأكيد الاعلام الرسمي والمرصد السوري لحقوق الانسان أن الجيش السوري يعمل على فتح طريق امداد جديدة من الناحية الشمالية.

التطورات الاخيرة
ووثق المرصد السوري مقتل اكثر من 130 مدنيًا، غالبيتهم في الاحياء الغربية، منذ بدء هجمات الفصائل المقاتلة في جنوب حلب في 31 يوليو.

وتتواصل الاشتباكات جنوب غرب مدينة حلب، بين الفصائل المقاتلة والجهادية من جهة، وقوات النظام مدعومة من حزب الله اللبناني وغطاء جوي روسي من جهة ثانية.

واختصر مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن التطورات الاخيرة في حلب بوصفها "معركة تحديد مصير"، وقال: "من يفوز بهذه المعركة سيفوز بحلب".