غداة انتخابات ولاية مكلنبورغ، نعت صحف ألمانية ميركل سياسيًا، معتبرةً أن هزيمتها دليل على أفول نجمها الشعبي، ما منح حزب "البديل من أجل ألمانيا" المعادي للمهاجرين تقدمًا، بعد فشل سياسة المستشارة، بحسب الصحف، في احتواء أزمة اللاجئين.

إيلاف من برلين: نشرت الصحف الصادرة في صباح اليوم التالي على الانتخابات الإقليمية التي جرت في ولاية مكلنبورغ ـ غرب بوميرانيا، شرق المانيا، يوم الأحد الماضي، عناوين أقرب الى نعي المستشارة انغيلا ميركل سياسيًا، مثل: "أفول نجم المستشارة"، و"كم من الضربات تستطيع ميركل ان تتحمل؟"، و"فشل ميركل الانتخابي الذريع".&

وعلى امتداد اشهر قبل انتخابات يوم الأحد، مرت اوقات بدا فيها عهد المستشارة ميركل على وشك الانتهاء، كما على سبيل المثال يوم اعلانها أن المانيا قادرة على استيعاب كل ما يتدفق عليها من لاجئين، ثم احراق مركز لايوائهم، وبعد الاعتداءات الجنسية في مدينة كولون ليلة رأس السنة، حيث اتُهم لاجئون بالضلوع فيها، وبعد اعتداءات فورتسبورغ وآنزباخ، التي نفذها طالبو لجوء، ورغم كل ذلك ما زالت ميركل مستشارة المانيا، وما زالت تتمسك بموقفها من أزمة اللاجئين.

خرق مقلق
لا مراء في ان نتيجة الانتخابات في ولاية مكلنبورغ ـ غرب بوميرانيا هزيمة محرجة لحزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي بزعامة ميركل، وان نجاح "حزب البديل من اجل المانيا" اليميني المعادي للمهاجرين، الذي لديه الآن مقاعد في برلمانات تسع ولايات من اصل ست عشرة ولاية، مبعث قلق للأحزاب التقليدية، بعدما كانت القاعدة المتعارف عليها لزمن طويل أن لا حزب يقف الى يمين حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي وشقيقه البافاري الاتحاد المسيحي الاجتماعي في اللعبة الديمقراطية. ولكن هذه القاعدة خُرقت الآن بظهور حزب البديل من أجل المانيا على الساحة. &

يقول مراقبون إن سياسة ميركل بشأن ازمة اللاجئين تتحمل قسطاً من المسؤولية، مشيرين الى ان ميركل بقرارها في صيف 2015 فتح الحدود لدخول اللاجئين، الذين تقطعت بهم السبل في المجر، "جرَّعت حزبها حبة مرة"، على حد تعبير المعلقة السياسية الالمانية شارلوت بوتس في اذاعة دويتشة فيله.&

كان واضحاً أن مثل هذا القرار بالغ الأثر تترتب عليه مشاكل بالغة الأثر. وكما هو متوقع فإن رفاقها في حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي لم يكونوا كلهم مقتنعين بسياستها. ولا هو جديد على الأحزاب الشعبوية اليمينية أن تحاول ملء الفراغ حين ينشأ على يمين الوسط السياسي الذي كان حكراً على حزبي الاتحاد المسيحي الديمقراطي وحليفه الاتحاد المسيحي الاجتماعي.&

تراجع شعبية
لكن نتائج الانتخابات التي جرت في ولاية مكلنبورغ ـ غرب بوميرانيا يجب ألا تُضخم. فهي انتخابات اقليمية جرت في ولاية فيدرالية كانت دائماً تعبّر عن احتجاجها من خلال صناديق الاقتراع.&

ويشغل الحزب الوطني الديمقراطي اليميني المتطرف مقاعد في برلمان هذه الولاية منذ عام &2006. وكانت هذه الولاية موطن الاتجاهات اليمينية منذ زمن طويل، والأحزاب الهامشية الصغيرة، من اليمين واليسار على السواء، تقليدياً قوية في هذه الولاية. وفي الانتخابات التي جرت قبل خمسة اعوام ـ أي قبل فترة طويلة على أزمة اللاجئين ـ كانت حصة الحزب المسيحي الديمقراطي لا تربو على 20 في المئة.&

يعني هذا أن شعبية حزب ميركل تراجعت بنسبة 4 في المئة فقط خلال خمسة اعوام تغيّرت فيها اشياء كثيرة. من الناحية الاقتصادية، تكاد ولاية مكلنبورغ ـ غرب بوميرانيا أن تكون ولاية مهملة. وعدد الذين يحق لهم الانتخاب لا يزيد على 1.3 مليون شخص، 60 في المئة منهم شاركوا في انتخابات يوم الأحد، وقرروا الإبقاء على الوضع القائم من دون تغيير، بائتلاف مستقر بقيادة الحزب الديمقراطي الاجتماعي ومشاركة حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي. وبالتالي، فإن أقل من 800 الف شخص لا يقررون مستقبل رئاسة الحكومة.&

منع البرقع
مشكلة حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي في هذه الولاية ليست ميركل، بل لا شعبية مرشحه لورينتس كافير، بحسب المعلقة شارولت بوتس، مشيرة الى انه انجر وراء مواقف "حزب البديل من اجل المانيا" بتقديم نفسه مرشح "القانون والنظام"، وطالب بمنع البرقع كأنه هو المشكلة في ولاية مكلنبورغ ـ غرب بوميرانيا. &

وبموجب نظام الحصص في توزيع اللاجئين، فإن هذه الولاية استقبلت 20 الف لاجئ فقط، كثير منهم غادروها بحثاً عن فرص عمل وحياة افضل. ولم يُجدِ موقف كافير المتشدد نفعاً في منع ناخبي حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي من اعطاء اصواتهم إلى حزب البديل من أجل المانيا. &

أخطاء في الدمج
ورغم ذلك، فإن درس الانتخابات في هذه الولاية لن يفوت على حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي والمستشارة ميركل، وهو الثبات على موقفهما ومواجهة الشعب بالحقائق، ومنها تناقص عدد اللاجئين الوافدين الى المانيا في عام 2016، وتمكن السلطات المحلية من ان تستوعب تقريباً جميع اللاجئين الذين زاد عددهم على المليون لاجئ في العام الماضي.&

هناك قضايا ايضًا يمكن أن تتحدث عنها المستشارة وحزبها بصراحة بما في ذلك الاعتراف بوقوع اخطاء في مساعي دمج اللاجئين بالمجتمع، وفي الاتفاق مع تركيا بشأن اللاجئين، وحقيقة أن أزمة اللاجئين ما زالت مستمرة، لأن الواقع ليس أسود وأبيض، كما يصوره حزب البديل من أجل المانيا. والأرجح أن الناخبين يحترمون قول الحقيقة ويرفضون الانتهازية السياسية.&
&

أعدت "إيلاف" المادة نقلًا عن موقع دويتشة فيله

المادة الأصل هنا

&