الرباط: في سياق مسلسل شد الحبل بين وزارة الداخلية المغربية وحزب العدالة والتنمية متزعم الائتلاف الحكومي الحالي، استفاق هذا الأخير صباح اليوم الجمعة على وقع خبر منع الوجه السلفي البارز، حماد القباج، من الترشح باسم الحزب في دائرة جيليز في مراكش، بعدما رفض والي جهة مراكش - آسفي، عبد الفتاح البجيوي، قبول ترشح القباج بسبب مواقف مناهضة للمبادئ الأساسية للديمقراطية، التي يقرها دستور المملكة.

وأوضح القباج في رسالة تلقت "إيلاف" نسخة منها، أن والي جهة مراكش - آسفي، راسله بخصوص عدم قبول ترشيحه، والذي بين أن السلطات عللت قرارها بالقول: "تبين من خلال البحث الإداري في شأن ملف الترشيح، أن المعني بالأمر عبر في مناسبات علنية عن مواقف مناهضة للمبادئ الأساسية للديمقراطية، التي يقرها دستور المملكة، من خلال إشاعة أفكار متطرفة تحرض على التمييز والكراهية وبث الحقد والتفرقة والعنف في أوساط مكونات المجتمع المغربي".

رسالة مفتوحة&

ووجه القباج&رسالة مفتوحة إلى الملك محمد السادس التمس منه فيها انصافه. وقال مخاطبا العاهل المغربي "لو كانت هذه الاتهامات صحيحة فالواجب اعتقالي فورا وإدخالي للسجن في انتظار محاكمتي لأنني خطير على وطني. وأنا أرفض أن يتعرض وطني لأي خطر"، وأضاف متسائلا "لماذا سمحت السلطات ببقاء مثل هذا الشخص بهذه الخطورة حرا طليقا يتكلم وينشر أفكاره ويلقي المحاضرات في مختلف المدن والدول لمدة تقارب العشرين سنة؟! ولماذا تعاملت معي باحترام وشهد لي عدد من مسؤوليها بالوطنية والوسطية ومنحوني جواز السفر مرات عديدة؟!! وكيف يغيب ذلك الخطر كله إلى أن وضعت ملف ترشحي لدى السيد الوالي؟!! وهل يعقل أن تكتشف السلطة في 24 ساعة ما خفي عليها طيلة 20 سنة؟

وطالب القباج في الرسالة ذاتها، إن كانت تلك الاتهامات باطلة "فأنا أطلب أن يسحبها السيد الوالي ويقدم اعتذاره ويطلب الجهة المختصة بفتح تحقيق بشأن البحث الإداري الذي أفضى إلى اتهامي بتلك الأباطيل الخطيرة التي أنفيها جملة وتفصيلا"، وزاد موضحا " سيدي صاحب الجلالة: أنا مواطن مغربي متشبع بروح السلفية الوطنية التي تؤمن بالاعتدال والتعايش والانفتاح وحب الوطن وتتمسك بدولة المؤسسات والقانون، كما أنني من أكبر المقاومين لدعوات وسلوك بث الكراهية والحقد والتفرقة والعنف بكل أشكاله، ومن أحرص الناس على تماسك مكونات المجتمع المغربي، وكتاباتي ومواقفي الكثيرة خير برهان على ذلك".

وزاد القباج مخاطبا الملك "لو شرفتني جلالتكم باستقبال كريم فإنني أتشرف بإطلاعكم على عشرات الوثائق المثبتة لما أقول والنافية لما ادَّعاه علي السيد الوالي، كيف يتهمني السيد الوالي ب: "مناهضة المبادئ الأساسية للديمقراطية، التي يقرها دستور المملكة، وقد كنت من أكثر الناس نشاطا في الدعوة للتصويت على الدستور بنعم، وما زالت عندي تسجيلات مرئيّة لعدد من المهرجانات الخطابية في هذا الصدد".

استعطاف

وأشار القباج في رسالته ايضا إلى مساهمته في لجنة الحوار الوطني للمجتمع المدني لإعداد قوانين تنزيل بعض أهم المقتضيات الدستورية، مستدركا في رسالته الاستعطافية "لو فرضنا جدلا وتنزلا؛ أنه كانت لي أخطاء في وقت ما فإن مواقفي المذكورة ناسخة لها؛ وقد وسع عفوكم الكريم أشخاصا اتهموا وحوكموا بما هو أكبر؛ فلماذا لا يقتدي بكم رجال السلطة الذين ظلموني بهذا الشكل غير الأخلاقي؟!".

وعن أسباب توجهه للملك بشكل مباشر، أوضح القباج "لم أرتض اللجوء إلى المسطرة القضائية لأنني أعلم أن الذين زودوا السيد الوالي بمعلومات مغلوطة تطعن في استقامتي ووطنيتي سيعملون لا محالة على الإيعاز للقضاء بمثل ذلك، ولذلك ليس لي من أرفع إليه مظلمتي بعد الله عز وجل إلا مقامكم العالي بالله"، معربا عن تمسكه بحقوقه التي يكفلها الدستور وقوانين البلاد ، ومع ذلك "قد أتنازل عن بعض حقوقي السياسية إن كانت المصلحة الوطنية تقتضي ذلك، لكنني لن أتحمل أبدا ظلما يهين كرامتي ويطعن في وطنيتي واستقامتي، والأهم عندي رفض أن يتهمني رجل سلطة بما أنا منه بريء"

في غضون ذلك، اوضح القباج انه لم يستشر احدا بشأن رسالته الموجهة للملك؛ لأنه لا يريد أن يتحمل أحد تبعاتها كيفما كانت؛ " وخصوصا إخوتي في حزب العدالة والتنمية الذين أطلب من أمانتهم العامة أن لا ترهن قرارها في هذا الموضوع بشخصي بل ألح على جميع مناضلي الحزب أن يجعلوا المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار كما هو معهود منهم"٠

اعتداء&

وخلف الخبر موجة من الردود القوية المناهضة لقرار وزارة الداخلية منع ترشيح القباج باسم حزب العدالة والتنمية. وقال النائب عادل بن حمزة الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال المعارض في تدوينة له بفيسبوك " منع ترشيح القباج هو اعتداء على القانون وعلى الدستور وتكريس لأخطاء مجانية لا تعطي سوى مفعول عكسي".

واوضح بن حمزة ان العملية الديمقراطية استوعبت منذ زمان تيارات و أفرادا كانت لهم أفكار مناهضة للديمقراطية، مشيرا الى ان عملية &الانتقال السياسي لم توجد إلا لتيسير تحول الجماعات بما فيها الدولة والأفراد إلى التشبع بالممارسة الديمقراطية و احترام دولة القانون والمؤسسات، واضاف بن حمزة ان دمج التيارات السلفية في العملية السياسية أمر في غاية الأهمية و أي تدابير إدارية تخالف ذلك أو تضع في طريقه عراقيل متنوعة، فإنها لن تؤدي في النهاية سوى إلى تعزيز الخطاب التكفيري والمتطرف بما يشكل أرضية خصبة لما تحمله الرياح من المشرق من بذور "داعش".

ردود ساخرة&

ولم تخل بعض ردود الفعل من السخرية التي تميز المزاج العام للمغاربة، إذ علق الصحافي الجيلالي بنحليمة على القرار بتدوينة على الفايسبوك بالقول إن &"السلفيين مزيانيون ولكن ماشي مع البيجيدي"، بمعنى (ان السلفيين جيدون لكن ليس أولئك الذين يترشحون مع حزب العدالة والتنمية )، فيما علقت الصحافية حنان بكور على القرار بتدوينة في حسابها الشخصي على فايسبوك "الخطر لا يصول ويجول في شوارع المملكة "الخطر" يساق إلى السجون!!! برلماني توبع في قضية اغتصاب وحكم عليه وحزبه أعاد ترشيحه من دون أي مشكلة!!! السيد يتحدى القانون ويرفض الاعتراف بابنه رغم أحكام المحكمة...وهانية!!! مرحبا به ضمن "نواب الأمة"!!!!"، قبل أن تختم "ترشيح القباج حق!!! ودولة الحق والقانون لا تبنى بالإقصاء!!!".

فيما انتقد آخرون طريقة تعامل القباج مع قرار المنع، معتبرين مراسلته للملك "سذاجة سلفية"، وطالبوه بالتوجه إلى القضاء بدل استعطاف الملك وإقحامه في قضية ليست من اختصاصاته، حيث قال أنس بنضريف، الصحافي المغربي في إذاعة هولندا الدولية، في تدوينة على فايسبوك "منع القباج من الترشح جريمة ورسالته للمللك سذاجة سلفية.... عليه اللجوء إلى القضاء. وليتحمل رئيس الحكومة ووزير العدل مسؤوليتهما أمام شطط وزير الداخلية. واذا لم يقوما بذلك فهما مشاركان في هذه الجريمة. العملية الانتخابية لا تلخص في يوم الاقتراع. منع المواطنين من الترشح من دون سند قانوني ضرب لنزاهة العملية ككل".