اسطنبول: يصيح الرجل منفعلا محاولا الدخول، وهو يوضح أنّه يعرف شخصا داخل ملهى "رينا" في وسط اسطنبول حيث نفذ مهاجم مجزرة، فيلف شرطي ذراعه حول كتفيه ويضمه إليه، فينهار باكيا.

هرع هذا الرجل على غرار عشرات الآخرين إلى حي أورتاكوي الراقي على الضفة الأوروبية لاسطنبول، حين علم بالهجوم الذي استهدف ملهى "رينا" موقعا 39 قتيلا على الأقل بينهم 15 اجنبيا، و65 جريحا، وفق السلطات.

وسارع بعض الشرطيين والمارة الى اصطحابه بعيدا عن الصحافيين، فانهار وراح ينتحب ويزعق. تحلق رجال حوله وحاولوا تهدئته، وخلع أحدهم سترته ولفه بها ليرد عنه برد الليل.

اقترب شخص يحمل بندقية هجومية عند الساعة 01,15 الاحد (22,15 ت غ السبت) من الملهى وفتح النار على الذين كانوا واقفين أمام مدخله، قبل أن يدخل ويطلق النار على مئات الاشخاص الذين كانوا يحتفلون فيه بعيد رأس السنة.

وهرعت سيارات الاسعاف والشرطة الى المكان وسط حشود من الناس يرتدون ملابس أنيقة ويضعون قبعات احتفالية. يروي سائح إيطالي يدعى ماكسيمليان "جئنا لتمضية وقت طيب اليوم، لكن كل شيء تحول فجأة إلى فوضى، كانت ليلة مروعة".

ويتجمع عشرات الصحافيين المحليين والأجانب قرب الطوق الذي أقامته الشرطة حول الملهى، فضلا عن أقرباء للاشخاص الذين كانوا في الملهى عند وقوع الاعتداء، ويبدو على ملامحهم الاعياء.

بينهم امرأة خمسينية تضع شالا على كتفيها، تتلفت من حولها وتتنقل من مجموعة الى اخرى محاولة جمع بعض المعلومات. تقول وهي تواصل تنقلاتها بقلق "شقيقتي كانت في الداخل. تلقيت اتصالا، قالت لي ان هناك طلقات نارية، هذا كل شيء. ومنذ ذلك الحين، وانا عاجزة عن التواصل معها".

"لا تبكي"

تعبر عشرات سيارات الاسعاف الواحدة تلو الاخرى الطوق الامني للتوجه الى الملهى الليلي. تقف امرأة ثلاثينية مسمرة، وهي ترتدي معطفا أحمر طويلا وتحمل بذراعها حقيبة تسوق. تقول متحسرة "شقيقي الأكبر في الداخل. تلقيت أخبارا عنه، هو بصحة جيدة الحمد لله. انا الان في انتظاره".

تخرج سيارات اسعاف من جديد وتشق طريقها بين الصحافيين وحشد الفضوليين. شيئا فشيئا يتراجع عدد سيارات الاسعاف المتوقفة أمام الطوق الأمني، إلى أن يؤكد شرطي أنه لم يعد هناك أحد داخل الملهى.

تبتعد المرأة الثلاثينية حاثة الخطى، وهي تردد على الهاتف "لا تبكي، لا تبكي، نحن في طريقنا".

يقف ثلاثة شبان يتجادلون بشدة. يقول أحدهم غاضبا لشاب ثان "جئنا إلى هنا بسببك" ويروي "كنا في سهرة لرأس السنة على مسافة من هنا، لكنهم أنهوها بشكل مبكر بسبب ذلك. والآن نحن ننتظر". وحين يسأل ما الذي ينتظرونه، يرد هازا كتفيه انهم ينتظرون "لمعرفة ما سيجري".

على مسافة 500 متر، لا تزال أنغام موسيقى تتردد في أورتاكوي، متصاعدة من نوافذ الحانات والملاهي الليلية حيث لا يزال الناس يحتفلون بالسنة الجديدة.