نيقوسيا: يستأنف الزعيمان القبرصيان في جنيف الاثنين مفاوضات وصفت بالفرصة التاريخية لانهاء عقود من الانقسام في الجزيرة.

ويؤكد الزعيم القبرصي التركي مصطفى اكينجي والرئيس القبرصي نيكوس اناستاسيادس، اللذان انخرطا في مفاوضات منذ 18 شهرا، ان هناك عددا من المسائل التي لا يستهان بها لا تزال عالقة. الا ان الامم المتحدة التي تشرف على هذه المفاوضات تؤكد ان فرصة التوصل الى حل كبيرة هذه المرة.

وفي رسالة بمناسابة حلول العالم الجديد، اعتبر مبعوث الامم المتحدة الخاص الى قبرص اسبن بارث ايدي ان "هناك امكانية حقيقية لان تكون 2017 هي السنة التي سيقرر خلالها القبارصة انفسهم طي صفحة من التاريخ".

الا ان بعض المحللين يتخوفون كثيرا من فشل مفاوضات جنيف المقبلة نظرا الى الهوة بين الزعماء القبارصة اليونايين والاتراك حول اكثر المسائل العالقة اهمية بما فيها الممتلكات، وتبادل الاراضي، والامن. وقال رئيس مركز قبرص للشؤون الاوروبية والدولية اندرياس ثيوفانيس "سأتفاجأ اذا ابرم اتفاق شامل في ظل الصعوبات" القائمة. 

ومن ناحيته، قال اكينجي في تصريحات للصحافيين قبيل مغادرته من مطار اركان على اطراف نيقوسيا ان المحادثات المقبلة تشكل "مفترق طرق" وهي ضرورية لـ"تحقيق نتائج ايجابية وليست مجرد لقاءات". الا ان زعيم القبارصة الاتراك اعتبر ان محادثات جنيف لن تسفر عن "نتيجة نهائية. علينا ان نكون حذرين". وافاد "لسنا متشائمين لكن يتعيّن علينا ان لا نفترض بان كل شي انتهى. نتوقع اسبوعا صعبا".

خلافات كبيرة
اما اناستاسيادس الرئيس القبرصي المعترف به دوليا كرئيس على كامل الجزيرة، فكتب على تويتر قبيل مغادرته الى جنيف عبر مطار لارنكا انه يتوجه للمفاوضات في ظل "الامل والثقة (والرغبة) بالوحدة". ولكنه كان حذرا ايضا قبل ايام عندما تكلم عن "خلافات كبيرة حول ثوابت تشكل اساس الحل في قبرص".

ولا تزال قبرص منقسمة منذ عام 1974 حين اجتاح الجيش التركي ثلثها الشمالي ردا على انقلاب سعى الى ضم الجزيرة المتوسطية الى اليونان. وبعد تسعة اعوام، اعلن الزعماء القبارصة الاتراك قيام جمهورية في الشمال لا تعترف بها سوى انقرة.
وادى الاجتياح التركي لشمال قبرص الى نزوح الاف الاشخاص من المجموعتين.

وهناك اقرار من الطرف القبرصي التركي بان قسما من الاراضي الواقعة حاليا تحت سيطرة القبارصة الاتراك سيعاد الى القبارصة اليونانيين في اي معاهدة سلام. وظلت مسألة حجم وماهية الاراضي التي عليهم التنازل عنها عقبة كان لها الدور الاساسي في تعثر محادثات السلام على مدى اربعة عقود.

وتعتبر مسألة الاراضي في غاية الاهمية كون اي اتفاق سيتم التوصل اليه بحاجة الى موافقة قسمي الجزيرة من خلال استفتاء.
وكان القبارصة صوّتوا في استفتاء على خطة لاعادة توحيد الجزيرة عرضتها الامم المتحدة عام 2004. وايد القبارصة الاتراك الخطة بشكل واسع، لكن غالبية كبيرة من القبارصة اليونانيين رفضتها، فسقطت.

ويتوقع ان يقدم كلا الطرفين الاربعاء خرائط تشرح مقترحاته للحدود الداخلية ضمن اتحاد مستقبلي من منطقتين. واذا سارت المحادثات بشكل ايجابي سينضم اليها يوم الخميس ممثلو الدول الضامنة لقبرص، اي بريطانيا بصفتها المستعمرة السابقة واليونان وتركيا.

وقال استاذ التاريخ والعلوم السياسية في جامعة نيقوسيا هوبرت فوستمان انه لا يتوقع اي "نجاح او فشل، بل بداية لسلسلة من محادثات الجولة الاخيرة بمشاركة القوى الضامنة ومراقبين مدعوين من الاتحاد الاوروبي ومجلس الامن".

وفي اتصال هاتفي السبت، اتفق الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على ان المحادثات ستشكل "فرصة حقيقية" للوصول الى حل عادل ودائم ينهي الانقسام في الجزيرة. 

وهناك خلافات اخرى حول الترتيبات الامنية المستقبلية، حيث يطالب اناستاسيادس برحيل عشرات الآلاف من الجنود الاتراك المتواجدين على ارض الجزيرة، فيما يرغب اكينجي بالابقاء على بعض التواجد العسكري التركي. ويصر اكينجي ايضا على الرئاسة الدورية للجزيرة، وهو مقترح لا يجد شعبية بين القبارصة اليونانيين. 

ويرى المحلل ثيوفانيس ان المحادثات لن تثمر عن اكثر من اتفاق لاكمال المفاوضات في نيقوسيا مضيفا انها ستكون "عملية مستمرة" كما كانت منذ اعوام.