الرباط: سلم وزير العدل المغربي محمد أوجار، اليوم الجمعة بالرباط، رئاسة النيابة العامة للوكيل العام للملك لدى محكمة النقض محمد عبد النباوي، الذي عينه لتولي هذه المهمة العاهل المغربي الملك محمد السادس بصفته رئيسا للمجلس الأعلى للسلطة القضائية وضامن استقلال القضاء في المغرب طبقا للفصل السابع من الدستور المغربي. 

وجرى حفل تسليم السلط بالمقر الجديد للنيابة العامة بحضور عدة شخصيات من بينها المستشار الملكي عمر عزيمان، وأعضاء المجلس الأعلى للسطة القضائية، وبرلمانيين ووزراء، وضيوف أجانب بينهم وزراء العدل وقضاة من عدة دول. 

محمد عبد النباوي رئيس النيابة العامة 

ووصف مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، انتقال سلط واختصاصات النيابة العامة من وزارة العدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ، وعضو المجلس الأعلى للسلطة القضائية بالحدث التاريخي الذي يشكل لبنة أساسية في استكمال هرم السلطة القضائية المستقلة في المغرب تطبيقا لمقتضيات دستور المملكة في هذا المجال. 

وتحدث فارس عن مختلف المراحل التي قطعها إصلاح القضاء في المغرب، مشيرا على الخصوص إلى العمل الذي أنجزته لجنة استقلال القضاء التي أنشأت في إطار الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة ، وضمت شخصيات قضائية وحقوقية عالية المستوى، والتي رفعت تحدي وضع تصور خاص للنموذج المغربي لاستقلال السلطة القضائية مطابق للدستور ومنسجم مع الواقع المغربي، ومع أفضل المعايير الدولية. 

وخلص فارس إلى القول ان ما كان تطلعا أصبح اليوم واقعا ملموسا، مشيرا إلى أن تكريس استقلالية القضاء في المغرب أصبح أمرا واقعا مع هيكلة المجلس الأعلى للسلطة القضائية وتحويل سلط النيابة العامة إلى هيئة قضائية مستقلة عن سلطة الحكومة.

من جانبه ، قال محمد أوجار، وزير العدل المغربي إن تفويت سلط واختصاصات النيابة العامة إلى هيئة قضائية متخصصة ومستقلة، جاء تطبيقا لمبدأ دستوري أساسي وتتويجا لإصلاح شامل لبنية القضاء بالمغرب. 

المستشار الملكي عمر عزيمان يتوسط محمد اوجار وزير العدل ومحمد عبد النباوي رئيس النيابة العامة 

واشار الى أن النيابة العامة ظلت لعقود تحت رئاسة وزير العدل، وقال إن هذه الرئاسة تناقلها 23 وزيرا للعدل، قبل أن يقرر المغرب إسنادها للوكيل العام للملك لدى محكمة النقض. 

واضاف أن هذا الانتقال لم يكن صدفة وإنما هو ثمرة تفكير ونقاش عميق وطويل شاركت فيه كل الفعاليات القضائية والحقوقية في إطار الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة والميثاق المنبثق عنه، والذي تولت وزارة العدل تطبيقه. كما تحدث أوجار عن النقاش الحقوقي والقانوني الساخن الذي واكب إعداد قانون النيابة العامة والمصادقة عليه، والذي عكس مخاوف بعض الأطراف إزاء السلطة الجديدة والأسئلة الكبرى حول صلاحياتها وآليات مراقبة عملها ومحاسبتها. وأوضح الوزير اوجار أن القانون الجديد للنيابة العامة المستقلة لم يفعل سوى نقل نفس الإختصاصات وسلطة الإشراف التي كان يتولاها وزير العدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، مشيرا الى ان هذا الأمر ليس فيه ما يبرر التخوفات التي عبرت عنها بعض الأطراف، مشددا على أن ممارسة هذا الصلاحيات يضبطها القانون. واضاف أوجار أن رئاسة النيابة العامة تخضع كباقي المؤسسات لمبدا ربط المسؤولية بالمحاسبة الذي نص عليه الدستور المغربي.

وفي كلمة خلال حفل تسليم السلط، عبر محمد عبد النباوي، رئيس النيابة العامة والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، عن الاعتزاز القضاء الواقف (النيابة العامة) بتمكينه من آليات إقرار العدالة، باستقلال تام عن أي تأثير سياسي، من خلال إخراج النيابة العامة من دائرة سلطة وزير العدل. وأشار عبد النباوي إلى الطابع الخاص الذي كانت تكتسيه وزارة العدل بسبب رئاستها للنيابة العامة، الشيء الذي جعلها تعتبر من الوزارات السيادية التي تقع خارج دائرة التنافس الحزبي خوفا من استغلالها ضد الخصوم السياسيين. وأضاف أن المغرب اختار أن يجعل من السلطة القضائية سلطة دستورية قائمة الذات ومستقلة عن باقي السلط. وأشار إلى أن النيابة العامة المستقلة لن تكون سلاحا في يد طرف ضد طرف آخر وإنما أداة في يد المجتمع من أجل تحقيق العدالة ومكافحة الجريمة. ووجه عبد النباوي نداءا لقضاة النيابة العامة في المغرب داعيا إياهم للعمل بهمة وجد من أجل كسب الرهان الديمقراطي للمغرب، والذي قال إن طريقه ليس مفروشا بالورود.