الرباط: يبدو أن حالة الإنسجام والتوافق التي حاولت قيادة حزب الاستقلال المغربي إظهارها في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني السابع عشر للحزب الذي انطلقت أشغاله الجمعة بالرباط، كانت مجرد مشهد مصطنع يحاول إخفاء حدة الخلاف المتراكم بين أنصار حميد شباط ونزار بركة، المتنافسين على كرسي الأمانة العامة لأعرق حزب سياسي بالبلاد.
ففي قاعة التغذية التي نصبت في المركب الرياضي الذي ينظم فيه المؤتمر، وأثناء تناول المؤتمرين وجبة العشاء، تكسر الهدوء والتوافق الذي ميز الجلسة الافتتاحية وانقلب الوضع وتحول إلى فوضى عارمة يتراشق فيها أنصار مرشحي الأمانة العامة بالكراسي والصحون، في مشهد لم يحدث مع الرعيل الأول من قيادات حزب الاستقلال.
فمباشرة بعد ولوجه القاعة، بدأت تتعالى أصوات عدد من المؤتمرين مرددين عبارة "إرحل" الشهيرة، في وجه الأمين العام المنتهية ولايته، حميد شباط، وذلك في استفزاز واضح من هؤلاء للزعيم "الشعبوي" الذي يعرف جيدا مصدر هذه الهتافات ومن يقف وراءها.
ولم يكن امام أنصار شباط، الذين خبروا هذه الأساليب في محطات عدة إلا الرد على "الاستفزازات" بشكل حازم، من خلال الدخول في مناوشات مع رفع الشعارات المناوئة لمرشحهم للأمانة العامة، قبل أن تتطور الأمور وتتحول قاعة الأكل إلى ساحة للتراشق بالكراسي والصحون بين الطرفين، لم تتوقف إلا بعد تدخل أصحاب عدد من القيادات التي هدأت الوضع واستطاعت نزع فتيل التوتر بين الجانبين.
ووفق مصادر "إيلاف المغرب" من داخل المؤتمر الوطني السابع عشر لحزب الاستقلال، فإن الهدوء عاد للمؤتمر بعد المناوشات التي حصلت وأدت إلى إصابة عدد من المؤتمرين بجروح وكدمات بسبب الصحون والكراسي التي تطايرت في القاعة.
وأكدت المصادر ذاتها أن الوضع يبقى متوترا وقابلا للاشتعال في أي لحظة من اللحظات، معربين عن تخوفهم من أن يتم نسف المؤتمر من الداخل، وإفشال أشغاله عبر اللجوء إلى العنف والعنف المضاد، محذرين في الآن ذاته من الكلفة السياسية التي سيؤديها الحزب جراء هذه الصراعات والتجاذبات بين الطرفين.
وبدا لافتا في كلمة شباط، في الجلسة الافتتاحية أن لا توافق حاصلًا بين القيادة وأن الخلاف والخصومة يسيطران على الأجواء، خصوصا عندما لمز نزار بركة والتيار الداعم له، عندما قال: "من العيب أن تطالب الأحزاب الدولة بالديمقراطية وهي عاجزة عن القيام بها داخليا"، وذلك ما يمثل قصفا غير مباشر لمنافسه، الذي سبق أن وصفه بمرشح "المخزن".
ويبقى مؤتمر حزب الاستقلال المغربي الذي ينعقد تحت شعار: "تجديد التعاقد من أجل الوطن"، يواجه تحديات تنظيمية وسياسية كبرى، سيكون مجرد إنهاء أشغاله على "أكمل وجه وبدون خسائر" إنجازا في حد ذاته، إذا تحقق.
التعليقات