بيروت: يشكل المقاتلون الاكراد العمود الفقري لقوات سوريا الديموقراطية التي سيطرت الثلاثاء وبعد معارك عنيفة مع داعش، على مدينة الرقة، المعقل الابرز السابق للتنظيم في سوريا.

وتشكلت تلك القوات من فصائل عربية وكردية في أكتوبر 2015 بهدف مواجهة داعش. وأثبتت منذ ذلك الحين فعاليتها في قتال التنظيم المتطرف وتمكنت من طرده من مناطق واسعة في شمال سوريا.

وتعد قوات سوريا الديموقراطية الحليف الاساسي للتحالف الدولي بقيادة واشنطن لمواجهة التنظيم في سوريا. وهي تتلقى منه دعما بالغارات الجوية وبالتسليح والمستشارين، ما عزز قدرتها على محاربة التنظيم المتطرف.

وشكل هذا التحالف مع واشنطن عامل توتر كبير مع انقرة التي لم تتردد في استهداف هذه القوات.

عدو مشترك

وبرغم تعدد جبهات القتال وتشعبها منذ اندلاع النزاع السوري، الا ان الاطراف المتنازعة كافة تجمع على العداء للتنظيم المتطرف.

وتأسست قوات سوريا الديموقراطية في أكتوبر 2015 نتيجة تحالف فصائل كردية وأخرى عربية بدعم من التحالف الدولي وبهدف محاربة المسلحين في شمال وشمال شرق سوريا.

وجاء تشكيل هذه القوات بعدما تمكنت الوحدات الكردية بدعم اميركي من تحقيق انتصارات عدة على حساب "الجهاديين"، أبرزها طردهم من مدينة كوباني (عين العرب) ومدينة تل ابيض الحدودية مع تركيا في العام 2015.

الا ان هذا التقدم اثار توترا مع الفصائل المعارضة التي اتهمت الاكراد بممارسة "التهجير القسري" بحق السكان العرب، كما فاقم خشية أنقرة من إقامة حكم ذاتي كردي على حدودها.

وفي مواجهة هذا التوتر، تشكلت قوات سوريا الديموقراطية التي تضم حوالى 30 الف مقاتل، بينهم خمسة الاف عربي، بالاضافة الى مقاتلين سريان وتركمان. وتتولى الوحدات الكردية عملياً قيادة هذه القوات.

حليفة واشنطن

بعد اطلاقها التحالف الدولي لاستهداف تحركات ومواقع الجهاديين في سوريا والعراق، انصرفت واشنطن الى البحث عن حليف يمكنها الاعتماد عليه في محاربة داعش ميدانيا، خصوصا بعد فشل برنامج تدريب للفصائل السورية المعارضة بقيمة 500 مليون دولار اميركي.

ووجدت واشنطن في قوات سوريا الديموقراطية الخيار الامثل، خصوصا بعدما كانت شهدت على فعالية المقاتلين الاكراد وضم تلك القوات الجديدة لفصائل عربية.

وبعد أشهر على تأسيسها، اعلن البيت الابيض ارسال اول مجموعة من الوحدات الخاصة الاميركية الى سوريا، بعد رفضه مطولا ارسال قوات برية.

وزار مسؤولون أميركيون بينهم المبعوث الخاص للرئيس الأميركي لدى التحالف بريت ماكغورك وقائد القوات الاميركية في الشرق الاوسط، شمال سوريا مرات عدة لعقد اجتماعات مع قادة قوات سوريا الديموقراطية.

واقتصر الدعم الاميركي للاكراد في البداية على توفير الغطاء الجوي والمستشارين، فيما كان التسليح حكراً على الفصائل العربية ضمن قوات سوريا الديموقراطية.

ومع اقتراب معركة مدينة الرقة، اعلنت واشنطن في التاسع من مايو أنها ستبدأ ايضا بتسليح الاكراد، برغم معارضة انقرة.

معركة الرقة

بعد تحقيقها انتصارات واسعة ضد الجهاديين في شمال سوريا، بدأت قوات سوريا الديموقراطية مطلع نوفمبر حملة "غضب الفرات" لطرد داعش من الرقة. وتمكنت من السيطرة على مناطق واسعة في المحافظة.

وكانت السيطرة في العاشر من مايو على مدينة الطبقة وسد الطبقة (سد الفرات) الاستراتيجي أبرز العمليات العسكرية التي مكنت قوات سوريا الديموقراطية من تطويق المدينة. 

في السادس من يونيو، بدأت قوات سوريا الديموقراطية "المعركة الكبرى لتحرير الرقة"، وشنت هجوما واسعا على المدينة، وتمكنت من دخولها خلال ساعات.

وبعد معارك عنيفة دامت نحو اربعة اشهر، أعلنت قوات سوريا الديموقراطية في 17 كتوبر "تحرير" المدينة.

مخاوف انقرة

أثار الدور المتزايد لقوات سوريا الديموقراطية مخاوف انقرة التي تعد وحدات حماية الشعب الكردية منظمة "ارهابية" وامتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يقود تمردا ضدها في تركيا منذ الثمانينات.

ونفذت تركيا هجوما عسكريا غير مسبوق داخل الاراضي السورية في 24 أغسطس دعما لفصائل سورية معارضة تمكنت خلاله من السيطرة على منطقة حدودية واسعة بعد طرد التنظيم.

وبرغم ان القوات التركية حددت هدف العملية بطرد الجهاديين من المنطقة الحدودية، لكنها استهدفت ايضا مواقع المقاتلين الاكراد.

وفشلت انقرة في إقناع واشنطن بوقف دعم قوات سوريا الديموقراطية وايجاد بديل عنها لطرد التنظيم من الرقة.