أسامة مهدي: رأت غالبية قراء شاركوا في استفتاء "إيلاف" الاسبوعي ان انتشار القوات العراقية في مدينة كركوك الشمالية الغنية بالنفط، والتي يطالب الاكراد بضمها الى اقليمهم الشمالي، قد انهى حلم استقلال كردستان، فيما اعتبرت أقلية ان ذلك لن يسبب نهاية التعايش في العراق.

وفي استفتائها الاسبوعي طرحت "إيلاف" على قرائها سؤالاً يقول: انتشار الجيش العراقي في كركوك يمثل: نهاية حلم استقلال اقليم كردستان، أم نهاية التعايش في العراق، حيث ادلى برأيهم في الخيارين 4054 قارئًا.

نهاية حلم استقلال إقليم كردستان

وأعتبرت غالبية ساحقة من المشاركين في الاستفتاء ان انتشار القوات في كركوك وضع نهاية لحلم استقلال اقليم كردستان، حيث بلغ عدد المدلين بهذا الرأي 3225 قارئًا شكلت نسبتهم 80 بالمائة من العدد الكلي للمشاركين في الاستفتاء والبالغ 4054 قارئًا.

ومن الواضح ان هؤلاء القراء قد بنوا موقفهم هذا على حقيقة ان اقليم كردستان قد تعرض بعد انتشار القوات الاتحادية في كركوك الى انتكاسة ستنهي مساعيه للاستقلال. 

فبعد عقود من الكفاح يقول المنتقدون إن بارزاني ارتكب واحدة من أكبر أخطائه بإصراره على إجراء استفتاء على الاستقلال في 25 سبتمبر الماضي. 

فقد هددت الحكومة العراقية وتركيا وإيران باتخاذ إجراءات صارمة ضد أي مسعى نحو الانفصال كما انضمت الولايات المتحدة وغيرها من القوى الغربية إلى الأصوات المعارضة للاستفتاء.

ورفضت حكومة بغداد الاستفتاء بوصفه غير قانوني وأرسلت قوات للسيطرة على مدينة كركوك النفطية، والتي يعتبرها الأكراد قلب أي وطن لهم في المستقبل.

فخلال بضع ساعات فقط ذهبت المدينة التي يوليها الأكراد أهمية كبيرة أدراج الرياح وغيرها من الأراضي التي كان يسيطر عليها الأكراد في أنحاء الشمال خارج حدود إقليمهم وسط اتهامات لبارزاني بقيادة شعبه إلى كارثة.

ومضى بارزاني قدمًا في إجراء الاستفتاء وهو على قناعة بأن هذا هو التوقيت المناسب لإقامة وطن مستقل وأظهرت النتائج تأييدًا "ساحقًا" للانفصال بحسب السلطات الكردية لكن الفرحة لم تدم طويلاً، فلقد بددت قوات الحكومة العراقية أحلام الأكراد بدولة مستقلة بسلسلة من العمليات العسكرية الخاطفة.

وبعد سنوات من تمتع الإقليم بمستوى غير مسبوق من الحكم الذاتي، تواجه حكومته الآن أزمتين سياسيتين خطيرتين.

الاولى: في علاقاتها مع بغداد التي تبدو حاليا عازمة على وضع نهاية لاستقلال الإقليم، وثانيًا: هناك أزمة داخلية بين الأكراد الآن وصراع بين الفصائل السياسية المختلفة حول كيفية التعامل مع التداعيات الحالية ومن الذي ينبغي أن يقود الآن الحكومة الإقليمية.

انتشار القوات في مناطق سيطرة البيشمركة لن ينهي التعايش

وفي مقابل ذلك، عبرت اقلية من المشاركين في الاستفتاء عن اعتقادها بأن انتشار القوات العراقية في كركوك والمناطق المتنازع عليها وانسحاب قوات البيشمركة الكردية التي كانت تسيطر عليها بسرعة امام القوات الاتحادية لن ينهيا التعايش في العراق، كما رأى 829 مصوتا بلغت نسبتهم 20 بالمائة من المجموع الكلي للمشاركين في الاستفتاء.

ومن الواضح ان موقف هذه الشريحة من القراء قد تأثر بتأكيدات الحكومة المركزية ورئيسها حيدر العبادي الذي ما دأب منذ الاعلان عن اجراء الاستفتاء قبل اشهر وهو يحاول تهدئة مخاوف المواطنين من اكراد العراق من عمليات عسكرية حكومية ضد اقليمهم الشمالي، فقد اكد العبادي قائلا في وقت سابق "لن نستخدم جيشنا ضد شعبنا او نخوض حربًا ضد مواطنينا الكرد وغيرهم ومن واجبنا الحفاظ على وحدة البلد وتطبيق الدستور وحماية المواطنين والثروة الوطنية".

كما شددت السلطات العراقية المركزية على ان اجراءاتها ضد اقليم كردستان لا تستهدف شعبه وانما موجهة ضد الاجراءات غير القانونينة لسلطاته الحكومية.

وقال العبادي "ان من واجبنا الحفاظ على وحدة البلد وتطبيق الدستور وحماية المواطنين من أي اعتداء وبسط السلطة الاتحادية واخضاع واردات النفط والمنافذ الحدودية للرقابة من اجل مصلحة المواطن الكردي لحماية الثروة الوطنية ومصلحة المواطن الكردي".

وكل هذه تطمينات قد أكدت بأن التطورات العسكرية والامنية والسياسية الاخيرة بين بغداد واربيل لن تؤثر على تعايش المكونات العراقية بمختلف مسمياتها.