الرباط: قالت شرفات أفيلال، كاتبة الدولة (وزيرة دولة) المكلفة الماء إن المغرب لن يضمن أمنه المائي إلا بالتوجه إلى مياه البحر عن طريق تحليتها، رغم التكلفة الباهضة التي يطرحها هذا المشروع، حيث لم يعد من المقبول الاكتفاء فقط بالتساقطات المطرية كمورد رئيسي، لكون البلاد أصبحت مجبرة على تنويع مصادر التزويد و التوجه نحو بدائل أخرى، منها إعادة الاستعمال عن طريق معالجة المياه في الأنشطة الفلاحية وسقي المساحات الخضراء.

و رحت أفيلال خلال استضافتها في برنامج"حديث مع الصحافة" الذي بثته القناة الثانية المغربية مساء الأحد أن المغرب يعيش ندرة في المياه، وهو ما تسعى الجهات الوصية على القطاع لتدبيره منذ 20 سنة، بفعل التقلبات المناخية التي لا تستثني دولا أخرى تشمل البرتغال وفرنسا وإسبانيا.

"مسيرات العطش"

و أشارت افيلال إلى أن "مسيرات العطش" التي شهدتها مدينة زاكورة (جنوب المغرب) لا تعني أن المغرب يشهد وجود أزمة معينة في قطاع الماء، و عزت الأمر لوجود ضغط قوي و تسجيل نقص حاد على مستوى الموارد المائية، خاصة خلال السنوات الأربع الأخيرة، بفعل حدوث تراجع في التساقطات المطرية.

وأفادت أفيلال أن قلة التساقطات انعكست بشكل كبير على المخزون المائي للسدود و الطاقات الإنتاجية لبعض منابع المياه، مما خلق احتقانا وغبنا لدى ساكنة المناطق القروية والجبلية التي تعتمد في تزويدها بالماء على منظومات هشة، واعتبرت أن خروج الساكنة للاحتجاج بزاكورة سببه ما تعانيه المدينة من أزمة مياه، بحيث لا تتجاوز التساقطات المطرية بها 90 ملم في السنة، في ظل محدودية الموارد المائية، مما يستوجب إيجاد حلول آنية لكي تتزود المنطقة بالماء الصالح للشرب بشكل منتظم.

وذكرت كاتبة الدولة في الماء أن التضامن يعد إحدى القواعد الأساسية لحل مشكلة المياه على الصعيد الوطني، بوجود 13 محطة للتوزيع تعتمد على ضخ المياه في المناطق التي تعاني نقصا واضحا انطلاقا من مناطق تتميز بالوفرة، فضلا عن مشروع لنقل المياه من الأحواض ما زال قيد الدراسة.

إشكالية السدود

و زادت افيلال قائلة"كميات كبيرة من التساقطات المطرية تضيع في مياه البحر بسبب عدم وجود سدود كافية أو أن السدود الموجودة تمتلئ عن آخرها، وهو ما يفرض تنويع مصادر التزويد، بدأنا فعليا عملية معالجة المياه بطريقة محتشمة في الفلاحة، لأن المواطن المغربي لا يقبل مطلقا شرب مياه مرت من قنوات الصرف، رغم أن هناك دولا متقدمة على المغرب تعتمد هذا الأسلوب، و مواطنوها يقبلون على شرب الماء بعد معالجته".

و عن التساؤل المطروح حول جودة مياه الشرب، قالت كاتبة الدولة المكلفة الماء إنه لا يمكن إطلاقا التساهل مع هذه القضية، بالنظر للمراقبة التي يخضع لها الماء الموزع على مستوى الشبكات العمومية انطلاقا من المصدر و وصولا إلى المواطن المغربي، واعتبرت أن ما يحدث في بعض المناطق يتعلق بوجود نسبة ملوحة مرتفعة لكنها لا تؤثر على صحة المستهلك.

و شددت على أن الماء قطاع مركب سواء وطنيا أو دوليا، لكونه يعرف وجود العديد من المتدخلين، مما يستوجب حدوث تقاطع و تقارب في السياسات العمومية بين كل من وزارة الفلاحة والوكالات والموزعين.

و أكدت أفيلال على ضرورة استخدام المياه بطريقة عقلانية بعيدا عن الهدر الذي يقوم به المواطن، مع وجوب مراجعة كيفية استعمال الماء المتاح، على مستوى قنوات نقله سواء أكان صالحا للشرب أم مخصصا للفلاحة والزراعة.

التقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية

و حول اجتماع اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية (الشيوعي سابقا) الذي تنتمي إليه أفيلال، استعدادا لعقد مؤتمر الحزب في مايو 2018، أعربت كاتبة الدولة عن تفاجئها من الخبر الذي تناقلته مواقع إخبارية، مفاده أن الأمين العام للحزب نبيل بنعبد الله أعلن خلال الاجتماع عن عدم ترشحه لولاية ثالثة، لكونه يحق له قانونيا التقدم بترشيح نفسه للمنصب.

وعن إعفاء الوزيرين نبيل بنعبد الله من منصب وزير السكنى والتعمير والحسين الوردي من وزارة الصحة، قالت إن الأمر تطلب نقاشا استغرق ساعات وأياما حول مسألة البقاء أو الخروج من الحكومة، و افادت أن قيادات الحزب تعاملت مع الحدث بالتقدير التام للملك وإعمال الذكاء الجماعي وترجيح مصلحة البلاد.

و بخصوص تحالف الحزب مع العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، قالت افيلال "هذا نقاش لم يعد له ما يبرره بعد مرور 5 سنوات، نحن لم نتحول إلى حزب إسلامي محافظ وهم لم يغيروا توجههم ليصبحوا حزبا تقدميا حداثيا، كل واحد منا حافظ على مرجعيته، وتحالفنا أملته ظروف معينة، يترجمها دستور 2011 ورغبة حزب العدالة والتنمية في التحالف مع حزب حداثي، تحالفنا مؤطر سياسيا ببرنامج حكومي لكن بمرجعيات مختلفة".

تمييز بحق المرأة

على صعيد اخر ، عزت أفيلال ضعف الحضور النسوي في الأحزاب السياسية المغربية إلى بنية المجتمع الذكورية، الذي يعترف فقط بالأدوار الثانوية للنساء، وبالتالي فالطبقة السياسية لا تشكل الاستثناء.

و اعتبرت ان النساء بدورهن يجدن أنفسهن في العمل الجمعوي والمدني أكثر من المجال السياسي، مما يعكس وجود صراع يومي مرير لإثبات الذات. وزادت قائلة"الأحزاب السياسية تستعمل النساء فقط من أجل التبارز الإعلامي، وهذا غير مقبول، لأننا مكون من مكونات المجتمع ولا يمكن لأحد أن يلغي وجودنا. بالمقابل، هناك طاقات نسائية واعدة داخل الأحزاب لكنها لا ترقى لأن تكون طاقات مؤثرة، هناك تمييز غير مباشر يبعدهن عن العمل الحزبي، لكن ذلك لا يمنع القول ان المغرب حقق تقدما ملموسا على مستوى وجود المرأة في القرار الحزبي".