إيلاف من القاهرة:&أجواء توتر وخلاف بدت واضحة &بين الرئيس&المصري عبد الفتاح السيسي، ومؤسسة الأزهر الشريف، في أعقاب رفض هيئة كبار العلماء برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب دعوة الرئيس بإلغاء الطلاق الشفهي على أن يتم توثيقه عند المأذون الشرعي.
الصدام بين الطرفين كان محور حديث وسائل الإعلام المصرية والأجنبية على مدار الأيام الماضية، حيث شن إعلاميون وصحف مصرية هجومًا حادًا على شيخ الأزهر عقب رفض دعوة السيسي بتوثيق الطلاق، وصل الأمر إلى مطالبة الرئاسة بإجبار الطيب على الاستقالة من منصبة، متهمين&إياه بالتقصير في مسألة تجديد الخطاب الديني.
ويأتي الخلاف بين شيخ الأزهر والمؤسسة الرئاسية على الرغم من أن الطيب كان أحد أبرز الداعمين لاجتماع & 3 يوليو 2013، وشارك في البيان الذي ألقاه السيسي حينما كان وزيرًا للدفاع آنذاك للإعلان عن خارطة الطريق في مرحلة ما بعد مرسي، مع ذلك فإن حملات الهجوم الإعلامي تتواصل ضده وسط إشارات رئاسية تؤكد عدم الرضا عن أدائه، بل وتلمح إلى تهميشه، وربما التخطيط في إقصائه من المشهد.
اهتمام عالمي&
الخلاف بين شيخ الأزهر ومؤسسة الرئاسة كان محور اهتمام وتركيز وسائل الإعلام الأجنبية، حيث نشرت صحيفة "نيويورك دايلي نيوز" الأميركية تقريرًا بشأن رفض هيئة كبار العلماء المسلمين لاقتراح الرئيس عبد الفتاح السيسي بإصدار تشريع يتم اعتماده من قبل البرلمان يبطل وقوع «الطلاق الشفهي»، وأوضحت الصحيفة الأميركية أن موقف السلطة الدينية الإسلامية في مصر يمثل حالة نادرة لمؤسسة عامة تعارض الرئيس.
كما اعتبر تقرير كندي أن مخالفة هيئة كبار العلماء للرئيس عبد الفتاح السيسي في ما يخص الاعتراف بـ"الطلاق الشفوي"، زادت من حجم الشقاق بين الطرفين، منوهةً في الوقت نفسه بأن ما جرى هو إعلان صريح من مؤسسة الأزهر عن خلافها مع الرئيس. وأوضح التقرير الذي نشره موقع "ذا ستار" الكندي، أن هذا الخلاف لا يعد الأول من نوعه بل سبقه خلاف آخر يخص رفض مؤسسة الأزهر الشريف الاستجابة لدعوة السيسي بتجديد الخطاب الديني، وبّين أن هيئة الأزهر بموقفها الآن تقود خلافًا علنيًا مع الرئيس، معتبرًا أنها كانت خطوة حذرة معارضة في الوقت ذاته تجاه السيسي تؤكد استقلالية أقوى مؤسسة دينية في الدول العربية، وتعكس أيضًا فخر علماء الأزهر بذاتهم.
بداية الخلاف&
وتعود بداية الخلاف بين الرئيس وشيخ الأزهر عندما انتقد الطيب حوادث القتل التي أعقبت عزل مرسي، مثل فض الاحتجاجات أمام دار الحرس الجمهوري في يوليو 2013، وفض اعتصام رابعة العدوية في أغسطس 2013، ومطالبته بإعلان نتائج التحقيق، وتهديده بالاعتكاف في منزله ما لم يتم حقن الدماء، وتأكيد عدم علمه بفض رابعة بالقوة، ويعد بطء تفاعل الأزهر وشيخه مع مطالب السيسي المتكررة المتعلقة بـ "تجديد الخطاب الديني"، أحد أبرز أسباب الصدام بين الطرفين، ففي كل مرة يجتمع السيسي والطيب ويطلب منه مطالب تتعلق بتغييرات دينية.
يرفض الأزهر ما يطالب به السيسي، لأنه مخالف لثوابت الدين مثل: رفض الخطبة الموحدة، وتكفير المنظمات الإرهابية التي تحارب الجيش في سيناء وعلى رأسها تنظيم "داعش"، وصولًا لقرار الأزهر الأخير برفض دعوة السيسي بتوثيق الطلاق عند المأذون الشرعي.
كما تعمد الطيب عدم الاستجابة لمطالب الرئاسة والتقارير الأمنية &بالاستغناء عن قيادات تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين تتولى القيادة داخل مشيخة الأزهر، هذا وقد تعمد الرئيس السيسي عتاب شيخ الأزهر خلال المناسبات المختلفة على مدار السنوات الثلاث الماضية.
ففي أحد الاحتفالات بليلة القدر، وبينما كان «السيسي» يتحدث عن استشراء التطرف الاسلامي وأثره في العالم وعدم مراجعة علماء الأزهر لكتب التراث التي رأى أن بعضًا منها يحمل غلوًا في التطرف، توجه بخطابه إلى شيخ الأزهر قائلًا: "سأحاججكم أمام الله"، بل وزاد عن ذلك في مناسبة أخرى حين خاطب شيخ الأزهر قائلًا: "فضيلة الإمام كل ما أشوفه بقول له إنت بتعذبني"، إلى أن جاء العتاب الأكبر في ذكرى الاحتفال بعيد الشرطة، حين خاطب الطيب قائلًا:" تعبتني يا فضيلة الإمام".
علاقة طيبة&
من جانبه، رفض الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، الاعتراف بوجود صدام أو أزمة بين مؤسسة الرئاسة ومؤسسة الأزهر، متهمًا بعض الإعلاميين والصحف بإثارة هذا الأمر انتقامًا من الدكتور الطيب، حيث يسعون بكل جهد للتخلص منه لكونه يقف ضد فكرهم العلماني.
وقال عباس شومان، ﻟ"إيلاف": "إن الرئيس السيسي أكد في أكثر من مناسبة احترامه للأزهر وللإمام الأكبر الدكتور الطيب، معتبرًا مؤسسة الأزهر الجهة الرسمية في مصر المسؤولة عن ملف الدعوة الإسلامية كاملًا".
وأوضح وكيل الأزهر، أن &تجديد الخطاب الديني مطلب قومي، والأزهر يسير بخطوات&متقدمة جدًا في هذا الملف، ولكن الأمر يحتاج الى سنوات في ظل انتشار أفكار العنف والتكفير من قبل الجماعات الإرهابية في جميع بلدان العالم، مؤكدًا أن شيخ الأزهر ليس ضد فكرة تجديد الخطاب، ولكنه يريد وضع أطر لذلك، ويرى أهمية إعمال العقل في طريقة تجديد الخطاب الديني، واستخدام السبل الشرعية والدينية في ذلك؛ كي يحقق أهدافه المرجوة.
فجوة كبيرة
في السياق ذاته، قال الدكتور عبد الغني سعد، أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر، ﻠ"إيلاف": "إن شيخ الأزهر هو رجل دين على رأس أكبر مؤسسة إسلامية في العالم، وهو لا يريد أن يكون&الأزهر تابعًا للدولة &أو مؤيدًا لسياسات الحكومة، وبالتالي فإن جميع قراراته تتفق مع الناحية الشرعية أولًا، وهذا سبب غضب مؤسسة الرئاسة وقيادات بالدولة&من الأزهر، حيث يريدون فرض أمور دينية تصب في صالحهم فقط&حتى لو كان مخالفًا للدين".
&
مشيرًا إلى أن الواضح للرأي العام المصري، تعمد الرئيس السيسي عتاب شيخ الأزهر في المناسبات العامة، بسبب عدم الرضا عن أداء مؤسسة الأزهر تجاه ملف تجديد الخطاب الديني، متوقعًا زيادة الفجوة بين الطرفين في أعقاب رفض هيئة كبار العلماء إلغاء الطلاق الشفهي، حيث تسبب ذلك في إحراج الرئيس بشدة، وهو ما قد يؤدي إلى عواقب لا تحمد عقباها ينتظر أن تتخذها مؤسسة الرئاسة تجاه الدكتور الطيب، حيث من المرجح تهميش دور الأزهر في ملف تجديد الخطاب الديني، وإسناد الأمر للبرلمان من خلال إصدار عدة تشريعات قانونية أو إسناد الملف كاملًا للدكتور أسامة الأزهري المستشار الديني لرئيس الجمهورية .
&
التعليقات