برلين: بعد سنة سجلت شعبيته خلالها تقدما كبيرا، عاد حزب "البديل من اجل المانيا" الشعبوي المعادي للمهاجرين الى التراجع، جراء حرب داخلية بين قادته وتشتت اصوات المناهضين للمستشارة انغيلا ميركل.

وبعد ان عزز موقعه نتيجة سلسلة نجاحات حققها في الانتخابات الاقليمية عام 2016، حدد حزب البديل من اجل المانيا لنفسه هدفا بان يصبح اول حزب يميني متشدد يدخل الى مجلس النواب منذ 1945 خلال الانتخابات التشريعية المقررة في 24 ايلول/سبتمبر.

لكن قبل سبعة اشهر من موعد هذه الانتخابات، شهد تصاعد هذا الحزب اول نكسة بعد ان استفاد الى حد كبير من القلق الناجم عن قرار المستشارة الالمانية انغيلا ميركل استقبال اكثر من مليون طالب لجوء في عامي 2015 و2016.

فقد كشف استطلاعان للرأي الاسبوع الماضي ان حزب البديل من اجل المانيا بات تحت عتبة 10% من نوايا الاصوات بعيدا عن نتائجه في كانون الاول/ديسمبر التي وصلت الى 15%. وحتى لو بقي فوق عتبة ال5% اللازمة لدخوله البرلمان، فان هذه النتائج تشكل تراجعا ملحوظا.

وتزامن بدء هذا التراجع مع الجدل الذي اثاره في منتصف كانون الثاني/يناير احد كوادره. وكان بيورن هوك انتقد في حينه بشدة سياسة التوبة الالمانية للجرائم النازية وطالب ب"تغييرها"، متجاهلا ان هذا الموضوع حساس جدا في المانيا.

- "عظمة المانيا" -

ومنذ هذا التصريح تعمل فروك بيتري احدى الشخصيات الرئيسية في الحزب على اقصاء هوك منه. لكنها اصطدمت بالشعبية التي يحظى بها هوك داخل الحزب، وبمعارضة زعماء اخرين فيه لها لانهم يطمحون لان يحلوا مكانها وهي الشابة البالغة ال41 من العمر.

وقال الباحث تيمو لوشوكي من "جرمان مارشال فاند" ان "ثمة نهجا (فروك بيتري) يرغب في ابقاء الحزب على ارضية مناهضة الهجرة حصريا، في حين ان النهج الاخر (بيورن هوك) يرغب باعتماد موضوع جديد، فلنقل موضوع عظمة المانيا".

والمعركة بين المعسكرين لا تجري بعيدا عن الاضواء : فقد اطلق مؤيدو هوك دعوة الى مناصري الحزب ال27 الفا لاستبعاد قادته الحاليين قبل اسابيع من اختيار الاعضاء الذين سيترشحون تمهيدا للانتخابات التشريعية.

واعتبر تيمو لوشوكي ان الحزب "قد يخسر ثلث" اصوات ناخبيه المحتملين الذين لا يستسيغون اعتماد خطاب قريب جدا من طروحات اليمين المتطرف.

وتريد بيتري على غرار مارين لوبن في فرنسا، ان تقدم صورة مقبولة بعيدا عن التصريحات العنصرية والمعادية للسامية، من خلال الاصرار على الحفاظ على الهوية الالمانية المهددة بسبب وصول اعداد كبيرة من المهاجرين المسلمين، حسب رأيها.

بالنسبة اليها جاءت هذه الاستراتيجية بنتيجة ايجابية كما اظهرت نتائج الانتخابات الاقليمية في 2016 (10 الى 20%).

 - نزيف -

لكن نهجها يتأثر سلبا بتشدد سياسة الهجرة لحكومة ميركل التي جعلت من طرد طالبي اللجوء الذين رفضت طلباتهم، اولوية ما ساهم في ارضاء الناخبين الاكثر محافظة في حزبها الاتحاد المسيحي الديموقراطي.

ويريد حزب البديل من اجل المانيا العودة الى التركيز على مسألة الهجرة، خصوصا انه استفاد كثيرا من الاعتداءات التي نسبت الى تنظيم الدولة الاسلامية في 2016 والاعتداءات الجنسية التي نسبت الى مهاجرين في كولونيا ليلة رأس السنة.

واخيرا يواجه الحزب الشعبوي تراجعا في عدد المقربين منه الذين يريدون معاقبة ميركل على سياستها في مجال الهجرة ومنعها من تسلم ولاية رابعة على رأس الحكومة الالمانية. وكان الحزب يسعى للحصول على ما يكفي من اصوات الناخبين المحافظين لاسقاط ميركل.

لكن الدخول المفاجىء في الحملة للرئيس السابق للبرلمان الاوروبي مارتن شولز اضر بالحزب الشعبوي.

ويرفض هذا المرشح الاشتراكي-الديموقراطي القادم من بروكسل تحمل مسؤولية اداء الحكومة الائتلافية الالمانية، وطرح افكاره اليسارية كخيار بديل عن المستشارة. واظهرت استطلاعات الرأي انه متساو مع ميركل.

وهذا الاسبوع ذكرت صحيفة "سودويتشي تسايتونغ" الوسطية ان "الذين يريدون معاقبة ميركل لن يحتاجوا للتصويت لحزب البديل من اجل المانيا".