منبج: نزح عشرات الاف المدنيين خلال اسبوع في شمال سوريا هربا من كثافة العمليات العسكرية السورية والروسية على مناطق سيطرة الجهاديين في ريف حلب الشرقي، حيث تدور معارك عنيفة بين اطراف عدة على اكثر من جبهة.

وتشن قوات النظام بدعم روسي منذ منتصف يناير، هجوما يهدف الى توسيع مناطق سيطرتها في ريف حلب الشرقي، تمهيدا للوصول الى بلدة استراتيجية تحت سيطرة الجهاديين تضم مضخة مياه تغذي مدينة حلب التي تعاني منذ نحو خمسين يوماً من انقطاع المياه.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس السبت ان "اكثر من ثلاثين الف مدني، معظمهم من النساء والأطفال، نزحوا في ريف حلب الشرقي منذ السبت الماضي هربا من القصف المدفعي والغارات السورية والروسية الكثيفة" المواكبة للهجوم على مناطق سيطرة الجهاديين.

وتوجه معظم النازحين وفق المرصد، الى مناطق في مدينة منبج وريفها الواقعة تحت سيطرة مجلس منبج العسكري المنضوي في صفوف قوات سوريا الديموقراطية، ائتلاف فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن.

وشاهد مراسل لفرانس برس عشرات العائلات في الطريق المؤدية الى منبج على متن سيارات ودراجات نارية وحافلات صغيرة محملة بالاطفال الى جانب الحقائب والاكياس. وقال ان كثيرين من النازحين بدوا مرهقين ومتعبين، ويقفون في طوابير على حواجز مجلس منبج العسكري، تمهيداً لمنحهم الاذن بالتوجه الى المدينة وريفها.

واوضح ابراهيم القفطان الرئيس المشترك للادارة المدنية في مدينة منبج لفرانس برس ان عدد الوافدين "وصل الى نحو اربعين الفا" مضيفا ان "عددهم في تزايد مستمر بسبب الاشتباكات بين النظام السوري وداعش". وقال ان سكان بلدات تقع جنوب منبج "نزحوا الى مناطقنا.. وهم يعانون من ظروف انسانية صعبة للغاية".

وتؤوي مدينة منبج وريفها بحسب عبد الرحمن "عشرات الاف النازحين" الذين فروا من معارك سابقة في المنطقة، ما يجعل توفير "الاحتياجات الملحة لموجة جديدة من النازحين.. صعبا للغاية".

تسعون قرية
منذ بدء هجومها في ريف حلب الشرقي، تمكنت قوات النظام من السيطرة على اكثر من تسعين قرية وبلدة بعد طرد الجهاديين منها، وفق المرصد. ونقلت وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" السبت ان "وحدات من الجيش سيطرت على ثماني قرى وبلدات.. لتوسع نطاق سيطرتها في ريف حلب الشمالي الشرقي".

وتسعى قوات النظام وفق عبد الرحمن الى التوسع شمالا نحو بلدة الخفسة التي تضم محطة لضخ المياه تغذي بشكل رئيس مدينة حلب التي تعاني منذ نحو خمسين يوماً من انقطاع المياه جراء تحكم الجهاديين بالمضخة.

ومني الجهاديون أخيرا بخسائر ميدانية، ابرزها مدينة الباب التي كانت تعد ابرز معاقلهم في حلب وتمكنت قوات "درع الفرات" المؤلفة من القوات التركية وفصائل معارضة قريبة منها، من السيطرة عليها قبل اكثر من اسبوع.

ورغم خسائره، لا يزال التنظيم وفق المرصد يعد القوة الثانية في محافظة حلب، حيث يحتفظ بسيطرته في الريف الشرقي على مساحات واسعة عبارة عن قرى وبلدات صغيرة واراض فارغة.

ويخوض "الجهاديون" في ريف حلب الشرقي حاليا معارك على ثلاث جبهات، ضد قوات النظام وحلفائها، وضد قوات سوريا الديموقراطية التي تسيطر على مدينة منبج وريفها، وكذلك ضد فصائل "درع الفرات" الموجودة في مدينة الباب ومحيطها.

وتدور منذ الاربعاء معارك عنيفة بين مجلس منبج العسكري وفصائل "درع الفرات" التي تحاول التقدم من الباب الى منبج، في اطار هجومها الهادف للوصول الى الرقة (شمال) ابرز معقل للجهاديين في سوريا.

وافاد المرصد السبت باستمرار المعارك العنيفة والقصف بين الطرفين، تزامنا مع سيطرة مجلس منبج العسكري على قرية صغيرة. وهددت تركيا الخميس بضرب المقاتلين الأكراد الذين تصنفهم "ارهابيين" في حال لم ينسحبوا من منبج.

جدول اعمال واضح
على جبهة اخرى في محافظة حمص (وسط)، استهدفت الطائرات السورية والروسية السبت مواقع التنظيم شمال وشرق مدينة تدمر الاثرية، حيث تواصل القوات السورية والروسية عمليات نزع الالغام التي تركها الجهاديون قبل طردهم من المدينة الخميس وفق المرصد.

وفي محافظة حماة (وسط) المجاورة، افاد المرصد بمقتل 11 مدنيا على الأقل السبت جراء غارات "يرجح انها روسية" استهدفت سوقاً للماشية في قرية عقيربات التي تقع على طريق يؤدي الى تدمر وغالبا ما يستخدمه الجهاديون في تنقلاتهم بين المحافظتين.

دبلوماسياً، انتهت الجمعة جولة مفاوضات غير مباشرة بين الحكومة والمعارضة السوريتين بالاتفاق على جدول اعمال "واضح" يشكل قاعدة لجولة محادثات جديدة تنوي الامم المتحدة الدعوة اليها خلال الشهر الحالي. 

وقال مبعوث الامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا في ختام الجولة الجمعة "اعتقد ان امامنا الآن جدول اعمال واضحا"، يتضمن "اربعة عناوين" سيتم بحثها "في شكل متواز"، هي الحكم والدستور والانتخابات ومكافحة الارهاب.

وقال رئيس الوفد الحكومي السوري بشار الجعفري في مؤتمر صحافي عقده في جنيف السبت "استطعنا.. أن نفرض جدول أعمال عقلانيا متزنا يخدم مصلحة الشعب السوري العليا"، موضحا وفق تصريحات نقلتها وكالة "سانا" ان اضافة سلة مكافحة الارهاب "حظيت بدعم من كل الأطراف المشاركة باستثناء مجموعة ما يسمى وفد الرياض" في اشارة الى وفد المعارضة الرئيسي.

واضاف ان هذا البند هو "الموضوع الأساسي الذي تم التركيز عليه" مقابل التطرق الى النقاط الثلاث الاخرى "بشكل عابر.. باستثناء سلة الانتخابات التي لم نتطرق إليها على الإطلاق لأنها مرتبطة بالدستور والدستور مرتبط بالحكومة الوطنية الموسعة القادمة".

ولم ينجح دي ميستورا في عقد جلسة تفاوض مباشرة واحدة. ولم تلتق الوفود وجها لوجه الا في الجلسة الافتتاحية التي اقتصرت على كلمة القاها دي ميستورا وقال فيها انه لا يتوقع خرقا ولا معجزات.