الرباط: دعا إلياس العماري، رئيس مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة ، إلى استعمال الذكاء الجماعي لابتكار آليات جديدة للتعاون والتشارك لمواجهات التحديات التي تحيط بالمجتمع و التفكير بِجِدٍ في إمكانية توسيع دائرة الأدوار المنوطة بالجهات كما هو منصوص عليها في القانون، بدل المنحصرة، حالياً، في التنمية، لتُناطَ بها أدوار تدخل في إطار الوساطة لحل بعض القضايا التي ترتبط بالتنمية بشكل غير مباشر، بما في ذلك مسألة الأمن، وذلك عبر آليات التشارك والتنسيق مع المؤسسات ذات الاختصاص في هذا المجال.
واستعرض العماري في الجلسة الافتتاحية لندوة: "الجهوية والسياسات الأمنية"، التي نظمت اليوم الجمعة في طنجة (شمال المغرب) بشراكة بين مجلس الجهة وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والإجتماعية بطنجة والمركز المغربي للديموقراطية والأمن، بمشاركة مسؤولين أمنيين وقضائيين وباحثين أكاديميين وفاعلين حقوقيين، صوراً من واقع البطالة والأمية والهدر المدرسي والفقر والهشاشة المعاشة في الجهة، الأمر الذي يجعلها تكاد تُصنَف هي الأولى في جميع المؤشرات المعاكسة للتنمية.
وتساءل العماري قائلاً:" ماذا ننتظر من شبابنا الذين هم في عز العطاء، أمام غياب فرص الشغل وحظوظ الاندماج الاجتماعي في سلسلات الإنتاج الاقتصادية؟ ماذا ننتظر منهم، والقانون يمنعهم من التهريب ومزاولة الأنشطة المرتبطة بزراعة الكيف، ومن ممارسة التجارة العشوائية؟".
واعتبر العماري أن الاحتجاج السلمي هو جواب طبيعي عن عدم استجابة الحكومات للمطالب الاجتماعية المكفولة بالدستور، "فسواء الاحتجاجات في إقليم الحسيمة ضد التهميش وغياب فرص الاندماج الاجتماعي، أو الاحتجاجات في طنجة وتطوان ضد غلاء فواتير الماء والكهرباء، كلها احتجاجات، يؤكــــد العماري، في حاجة إلى مقاربة تنموية اجتماعية، وإلى قرارات سياسية حكومية وتمثيلية لتحقيق التنمية وتوفير الحد الأدنى من شروط العيش الكريم والكرامة. وإلا تعاظمت احتمالات توظيف معاناة المواطنين في الإجرام والإرهاب، أو الارتماء في أحضان مخططات دول أخرى تلعب لكي لا يستتب الأمن والاستقرار في بلدنا".
وأشار العماري إلى أن فكرة الوساطة بين الدولة والمواطنين" أبانت عن جدواها في عدة مجتمعات، وفي بلادنا في مطلع القرن 21".
وأبرز العماري أن هيئة الإنصاف والمصالحة وغيرها من المنظمات الحقوقية قامت بدور فعال لبناء الثقة بين المؤسسات والمواطنين، "إلا أنه ومنذ سنة 2009، بدأت هذه الثقة تضمحل بسبب تغييب أدوار مؤسسات الوساطة، بل نكاد نقول إن فقدان ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة أصبح يقترب من منطقة الخَطَر".
ولم يفت العماري التذكير بكون هذه الندوة هي مناسبة ليس لعرض المشاكل الأمنية، ولا البحث عن حلول لها، وإنما هي فرصة لالتقاء وتحاور الفاعلين المؤسساتيين والأكاديميين والمدنيين والسياسيين.&
من جانبه، قال عبد الحق الخيام مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (مخابرات داخلية )، ان المقاربة الأمنية لوحدها لا يمكن أن تقضي على أي نوع من الجرائم (جريمة منظمة، جريمة إرهابية).
واعتبر الخيام، الذي تطرق إلى الشق المتعلق بتدخل الأمن في التعامل مع الظاهرة الإرهابية، أن الضربات الاستباقية بهذا الشأن أعطت أكلها، وهناك عمل جبار ينجز من طرف المصالح الأمنية المغربية لتطوير تدخلاتها في التعامل مع مختلف الجرائم.&
وأكد الخيام على أن الجهاز الأمني دوره مهم، لكنه يظل محدوداً، موضحاً أن المؤسسات الدينية، كما المجتمع المدني لهما مكانتهما في هذا الإطار، من دون إغفال الدور الطلائعي الذي يجب أن يلعبه المفكر المغربي في إنتاج فكـــر لمواجهة جميع هاته التحديات، على اعتبار أن معالجة الظاهرة الإرهابية تمس بشكل أساسي ما هو إيديولوجي.
وسجل الخيام الالتزام المغربي الدولي بمحاربة الإرهاب كواحد من العناصر التي تركز عليها عملية اشتغال الأجهزة الأمنية وفق احترام الحقوق الفردية والجماعية مع التمسك بسمو القانون، مؤكداً على أن التجربة المغربية في مجال محاربة الإرهاب تعتبر رائدة إقليمياً ودولياً باحترامها لحقوق الإنسان والقانون.
&
التعليقات