حماة: في إحدى مدارس مدينة حماة في وسط سوريا، يتخذ محافظا الرقة وإدلب مقرا مؤقتا لهما يترقبان منه طرد تنظيم الدولة الاسلامية والفصائل المقاتلة من المناطق التابعة لمحافظتيهما، للعودة.
ونتيجة النزاع الذي سيدخل في 15 آذار/مارس عامه السابع، باتت مدينة حماة، مركز المحافظة، مقرا لثلاثة محافظين سوريين. وتحد حماة محافظة الرقة من الجهة الشرقية ومحافظة ادلب من الجهة الشمالية.
في الطابق الثالث من المبنى، يجلس محافظ الرقة عبد خالد الحمود (53 عاما) خلف مكتبه والى جانبيه العلم السوري وعلم حزب البعث الحاكم.
ويؤكد الحمود لوكالة فرانس برس "استمرارية عمل الدولة" في محافظة الرقة في شمال البلاد، حيث معقل تنظيم الدولة الاسلامية الابرز في سوريا منذ سيطرته عليها في آب/اغسطس العام 2014..
ويقول الرجل الخمسيني بشعره الشائب "الدولة السورية تقوم بكل أعمالها، ونحن موجودون دائما، حتى إن لم نكن شخصيا هناك".
ويمر نهر الفرات في محافظة الرقة، ويوجد فيها سد الفرات الاساسي قرب مدينة الطبقة في الريف الغربي.
ويتابع الحمود "برغم ان الدولة السورية لا تجمع الضرائب (هناك)، فانها تدفع شهريا رواتب 67 الف موظف ومتقاعد، سواء كانوا لا يزالون في الرقة او (ذهبوا) الى محافظات أخرى".
- "الحرب العالمية" -
وبحسب الحمود، فإن الرواتب تدفع إما مباشرة للموظفين الذين يتمكنون من الفرار من تنظيم الدولة الاسلامية ويأتون الى حماة، وإما عبر وكلاء لهم، أو يتم "وضعها في أمانات بانتظار ان تتاح الفرصة لهم لتقاضيها شخصيا".
ويعطي الحمود مثالا على ذلك، موظفي سدّ الفرات او مؤسسة المياه، مشيرا الى ان "الحراس أو الفنيين هناك لا يزالون قائمين على رأس عملهم لصالحنا ويقبضون رواتبهم منّا، لكن ليس لديهم أي سلطة هناك نهائيا"، بل هم مجبرون على تنفيذ أوامر تنظيم الدولة الاسلامية.
في الطابق الثاني من المدرسة، يستقبل محافظ إدلب علي جاسم زواره بعبارة "أهلا بكم في محافظة ادلب".
وتسيطر فصائل إسلامية وجهادية، بينها جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا)، منذ آذار/مارس 2015 على كامل محافظة إدلب.
ويقول الجاسم في مقره المؤقت "انتقلت كامل مؤسسات المحافظة الى محافظة حماة".
ويتابع "كل دائرة من دوائر محافظة إدلب لها مقار في الدوائر المماثلة لها في حماه، ما يعني مثلا أن مديرية الخدمات الفنية في محافظة ادلب مقرها حاليا في الخدمات الفنية في حماة". وينطبق الامر ذاته ينطبق على مؤسسة المياه او مديرية التربية وغيرها.
ويخلص بالقول "انها الحرب العالمية في سوريا التي فرضت علينا هذا الوضع غير المسبوق".
وفي غرفة اخرى من الطابق ذاته، ينتظر مزارعون امام باب مكتب مدير التخطيط في ادلب محمد حمشدو الذي يشرح لفرانس برس "نوزع عليهم لقاحات اطفال، وادوية بيطرية وحتى مولدات صغيرة لضخ المياه".
ولا يزال بعض الموظفين او المواطنين يأتون من ادلب الى حماة برغم الصعوبات للحصول على مستحقاتهم او على الخدمات او لاتمام اوراق رسمية.
- ارشيف "مدمر" -
بالنسبة الى السكان المتحدرين من الرقة، يبدو الوضع اكثر صعوبة، اذ ان تنظيم الدولة الاسلامية لا يسمح للمواطنين بالمغادرة الا في حالات مرضية معينة، وبالتالي لا تكون هناك خيارات أمامهم سوى طرق التهريب عبر الصحراء.
ويقول محافظ الرقة في هذا الصدد "تحتاج رحلة الذهاب والاياب أحيانا 20 يوما"، مضيفا "في أحد الايام، أتى طالب لتقديم امتحان البكالوريا على الحصان من الرقة الى حلب ومنها أوصلته سيارة اجرة الى حماه ليشارك في الامتحان".
وبحسب المحافظ، فان ما يزيد الامور صعوبة هو ان "داعش دمر كل الارشيف (...) وعلينا ان نعيد انتاجه، وهذا امر صعب للغاية".
ويأتي مواطنو الرقة النازحون الى حماه لاتمام معاملات التسجيل في دوائر النفوس او الحصول على وثائق زواج ووفاة، ومنهم من يأتي بعد تأخير طال ثلاث سنوات.
في نهاية احد الممرات في الطابق الثالث، علقت لافتة كتب عليها "المجلس البلدي لمدينة الرقة".
ويؤكد مدير المجلس طلال الشيخ (49 عاما) الذي يتخذ من احدى الغرف مقرا له، لفرانس برس ان 740 موظفا بلديا لا يزالون يعملون في المدينة.
ويقوم هؤلاء، وفق قوله، بتنظيف المدينة وازالة النفايات ويتلقون رواتبهم من الحكومة الا ان لا خيار امامهم سوى العمل تحت اشراف الجهاديين.
وبرغم ان حماه هي "محافظة القلب" في سوريا، يأمل محافظها محمد الجزوري ان تؤول التطورات العسكرية لصالح الجيش السوري ويتمكن العاملون في محافظتي ادلب والرقة من العودة الى ديارهم.
التعليقات