بيروت: انكفأ تنظيم داعش الاثنين في آخر حيين يسيطر عليهما في مدينة الطبقة على وقع تقدم قوات سوريا الديموقراطية التي رفعت علمها الاصفر بدلا من راية الجهاديين السوداء.
وباتت قوات سوريا الديموقراطية، تحالف فصائل عربية وكردية، تسيطر على أكثر من 80 في المئة من مدينة الطبقة في شمال سوريا التي كانت تعد احد معاقل تنظيم الدولة الاسلامية ومقرا لابرز قادته.
وتواصل قوات سوريا الديموقراطية تقدمها في المدينة بعد اسبوع على دخولها بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
ولم يبق تحت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية في المدينة، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان، "سوى حيين اثنين هما الوحدة والحرية واللذان يعرفان بالحيين الاول والثاني" والمحاذيين لسد الفرات، الاكبر في سوريا.
وكانت قوات سوريا الديموقراطية سيطرت الاحد على كامل مدينة الطبقة القديمة، فيما انكفأ الجهاديون الى المدينة الجديدة المعروفة ايضا بمدينة الثورة والمؤلفة من ثلاث احياء اساسية في الوحدة والحرية والاشتراكية (الاول والثاني والثالث).
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن ان جهاديي تنظيم الدولة الاسلامية "انسحبوا فجر الاثنين من الحي الثالث باتجاه الحيين الاول والثاني حيث تتركز الاشتباكات العنيفة حاليا" يرافقها قصف جوي للتحالف الدولي.
وبعد أسبوع على دخولها المدينة، تسيطر قوات سوريا الديموقراطية حاليا، وفق عبد الرحمن، "على أكثر من 80 في المئة من الطبقة".
وفي دوار العلم في غرب المدينة، شاهد مراسل فرانس برس مقاتلا في قوات سوريا الديموقراطية يصعد على سلم لينزل راية تنظيم الدولة الاسلامية السوداء عن احد الاعمدة ويرفع مكانه علم قواته.
يرمي المقاتل راية التنظيم على الارض بين الركام وسط هتاف زملائه.
وبالقرب من دوار العلم، يقول المقاتل زاغروس كوباني "تم تنزيل علم داعش وسنرفع علمنا، علم قوات سوريا الديموقراطية".
معركة لا تشبه سابقاتها
تقع مدينة الطبقة التي يسيطر عليها الجهاديون منذ العام 2014، على الضفاف الجنوبية لنهر الفرات على بعد نحو خمسين كيلومترا غرب مدينة الرقة، معقل تنظيم الدولة الاسلامية الابرز في سوريا.
في الاحياء التي طرد الجهاديون منها لا تزال ترتفع لافتات وشعارات تنظيم الدولة الاسلامية وسط الابنية المدمرة والشوارع التي ملأها الركام والرصاص.
عند احد مداخل المدينة، وضعت لافتة سوداء كبيرة كتب عليها "الخلافة الاسلامية، خلافة على منهاج النبوة" وتحتها سهم يشير الى الطبقة.
يتجول مقاتلو ومقاتلات قوات سوريا الديموقراطية في الاحياء التي سيطروا عليها، وترتفع الى جانبهم يافطة كبيرة رسم عليها صورة مقاتل يحمل سلاحا وفوقه ثلاث طائرات حربية مرفقة بعبارة "سننتصر رغم التحالف العالمي. الدولة الاسلامية".
وقال القيادي في قوات سوريا الديموقراطية جكو زيركي والملقب بـ"الديب" لفرانس برس "مدينة الطبقة هي أكثر المدن التي قاتلنا فيها".
وأضاف "المعارك التي تدور هنا لا تشبه تلك التي خضناها في تحرير المدن الاخرى، فقد استخدمنا فيها الانزال الجوي وكذلك المعبر المائي".
وتابع "كانت مفاجأة كبيرة لهم وانهارت معنوياتهم. العشرات من مقاتلي داعش سلموا انفسهم، انها أكثر مدينة سلم فيها عناصر داعش انفسهم".
وشاهد مراسل فرانس برس في مدينة الطبقة الاحد عناصر من قوات سوريا الديموقراطية يحرسون خمسة رجال معصوبي الاعين، يشتبه بانهم جهاديون وفق ما قال مسؤول امني.
وينتظر هؤلاء نقلهم في قوارب الى مناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية على الضفة الشمالية لنهر الفرات.
وبدأت معركة الطبقة في 22 مارس بانزال بري لقوات اميركية يرافقها عناصر من قوات سوريا الديموقراطية جنوب نهر الفرات.
وعلى اعتبار ان سد الفرات لا يزال تحت سيطرة الجهاديين، تحولت بحيرة الاسد، التي تشكلت في السبعينات اثر بنائه، الى ممر مائي يسمح لمقاتلي قوات سوريا الديموقراطية بالعبور الى الطبقة، ولسكانها بالخروج منها هربا من المعارك.
وأكد المسؤول الامني "القينا القبض على الكثير من عناصر داعش وبعضهم يسلم نفسه".
وافادت قوات سوريا الديموقراطية على موقعها الالكتروني الرسمي بالعثور على "معمل لصناعة الألغام وكميات كبيرة من الذخيرة" اثناء تمشيطها احياء المدينة.
غضب الفرات
وتندرج السيطرة على الطبقة في إطار حملة "غضب الفرات" التي بدأتها قوات سوريا الديموقراطية، بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن في تشرين الثاني/نوفمبر لطرد الجهاديين من الرقة.
ومنذ بدء العملية، تمكنت تلك القوات من إحراز تقدم نحو الرقة وقطعت كافة طرق الامداد الرئيسية للجهاديين من الجهات الشمالية والغربية والشرقية.
ومن شأن السيطرة على الطبقة وسد الفرات ان تفتح الطريق أمام تقدم قوات سوريا الديموقراطية باتجاه مدينة الرقة من جهة الجنوب وإحكام الطوق على الجهاديين فيها.
وشاهد مراسل فرانس برس في الطبقة مدنيين وأطفالا أمام منازلهم يراقبون مقاتلي ومقاتلات قوات سوريا الديموقراطية الذين يتجولون في الاحياء.
تخرج امرأة رأسها من خلف جدار حديقة بيتها، وتضحك أخرى حين ترى كاميرا الصحافيين وقد وضعت على رأسها حجابا ازرق اللون بدلا عن الاسود الذي اعتادت عليه تحت حكم الجهاديين.
وعلى وقع المعارك، اختار مدنيون آخرون الفرار ان كان مشيا على الاقدام او على متن سيارات وشاحنات صغيرة.
وفي طريق رملي تمر حافلة صغيرة، يخرج أحدهم من النافذة ملوحا بالراية البيضاء.
التعليقات