كراكاس: شهدت شوارع فنزويلا السبت تظاهرات نسائية، بعضها مناهض للنظام تنديدًا بـ"قمع" المعارضة، وبعضها الآخر مؤيد للرئيس نيكولاس مادورو بهدف الدعوة الى انهاء العنف الذي خلف 36 قتيلا منذ بداية ابريل 2017.

سارت مئات النساء مرتديات الابيض حتى مقر وزارة الداخلية والعدل في وسط كراكاس تتقدمهن نائبات ومسؤولون اخرون في المعارضة، وذلك رفضا للجوء الى الشدة في تفريق تظاهرات سابقة وخصوصا استخدام الغاز المسيل للدموع.

تزامنا، تم اغلاق العديد من محطات المترو في العاصمة فيما سجل انتشار كثيف للجنود وعناصر الشرطة في المناطق الاستراتيجية. ويتوقع تنظيم تجمعات مماثلة في مدن فنزويلية اخرى.

وقالت النائبة السابقة ماريا كورينا ماشادو لفرانس برس ان "الديكتاتورية تعيش أيامها الأخيرة ومادورو يعلم ذلك، لذا هناك هذا المستوى غير المسبوق من القمع. من المهم (...) تأكيد هذا الامر".

من جهتها، اوردت نائبة الوزير للمساواة بين الجنسين اسيا فيليغاس ان النساء اللواتي تجمعن في كراكاس تأييدًا للرئيس مادورو سرن حتى مقر الدفاع المدني، ايضا في وسط العاصمة. وقالت: "لا نريد الحرب ولا نشجّعها، نراهن على السلام".

توتر شديد
جرت هذه التعبئة النسائية لدى المعسكرين على خلفية توتر لا يزال شديدا في فنزويلا. وكان آخر ضحية لاعمال العنف شابا في الثانية والعشرين قضى الجمعة بعدما اصيب الخميس في مدينة فالنسيا في شمال البلاد التي شهدت هجمات على نحو مئة متجر ومواجهات عنيفة بين معارضين وقوات الامن.

وفي كراكاس، تظاهر طلاب الجمعة لليوم الثاني لكنهم لم يحاولوا التوجه الى وزارة الداخلية كما كانوا فعلوا الخميس حين جرت صدامات مع قوات الامن استخدم فيها الغاز المسيل للدموع والزجاجات الحارقة والحجارة.

ومع استمرار تفاقم الازمة السياسية والاقتصادية، باتت تظاهرات المعارضين شبه يومية منذ الاول من ابريل للمطالبة برحيل مادورو قبل ان تنتهي ولايته في ديسمبر 2018. وقد بلغ الاستياء الشعبي حدا غير مسبوق، اذ ان سبعة فنزويليين من عشرة يأملون بان يتنحى مادورو فورا بحسب استطلاع اجراه مركز "فينيبارومترو".

وحصيلة السلسلة الجديدة من التظاهرات التي تخيم عليها اجواء تدهور اسعار النفط، هي الاكبر منذ تظاهرات 2014. ويعاني البلد نقصا خانقا في السلع الغذائية والادوية اضافة الى تضخم هائل توقع صندوق النقد الدولي ان يبلغ 720 في المئة نهاية هذا العام.

وفي هذا السياق، اكد انريكي كابريلس احد قادة المعارضة والذي خسر امام مادورو في انتخابات 2013 الرئاسية، ان الجيش اخذ ينأى بنفسه من السلطة، لافتا الى ان 85 جنديا تم سجنهم لانها اعلنوا رفضهم للقمع. لكن هذه المعلومات لم تؤكدها اي مصادر رسمية.

وترغب المعارضة خصوصا في اجراء انتخابات مبكرة في حين يرفض مادورو ذلك. وتمثلت آخر خطوة قام بها الاربعاء في اصدار مرسوم يدعو الى انعقاد جمعية تأسيسية مهمتها اعادة النظر في دستور 1999. ويقول الرئيس انه يريد بذلك تحقيق "المصالحة" في البلاد. لكن خصومه يعتبرون الامر مناورة لتأخير الانتخابات والتمسك بالسلطة في شكل اكبر.

وكانت المحكمة العليا جردت في نهاية مارس البرلمان من سلطاته، قبل ان تتراجع عن الامر، وهو ما اعتبره المعارضون "انقلابا" من جانب المعسكر الرئاسي. وشكلت هذه الخطوة الشرارة التي اشعلت موجة التظاهرات الراهنة.