واشنطن: تم الاربعاء تعيين محقق خاص في الولايات المتحدة لضمان استقلالية التحقيق حول علاقات محتملة بين مقربين من الرئيس الاميركي دونالد ترمب وروسيا، في تطور يلقي بظلاله على ولاية الرئيس ترمب.
واعلن نائب وزير العدل رود روزنشتاين في بيان تعيين روبرت مولر (72 عاما)، المدير الاسبق المحترم جدا لمكتب التحقيقات الفدرالي "اف بي آي" (2001-2013) خلال عهدي جورج بوش وباراك اوباما.
وكان مولر كسب احترام الجمهوريين والديمقراطيين في عهدي جورج بوش وباراك اوباما، لمعارضته بلا تردد البيت الابيض بشأن ممارسات يراها غير قانونية.
وعين في منصب مدير اف بي آي قبل اسبوع من اعتداءات 11 سبتمبر 2001 وظل في منصبه 12 عاما.
وهيمنت على فترة ادارته للجهاز قضايا الارهاب والمراقبة. واجرى تغييرا عميقا في مكتب التحقيقات الفدرالي في وقت كان الجهاز مهددا بالتفكك لفشله في الحؤول دون وقوع اعتداءات سبتمبر.
ويهدف تعيينه كمحقق خاص الى فصل التحقيقات عن السلطة السياسية من خلال الحد من تدخلات الوزارة التي تشرف أيضا على جهاز "اف بي آي"، وبالتالي على العملاء الذي يحققون منذ الصيف الماضي في القضية التي تتداخل فيها الشؤون السياسية والتجسس.
وكان وزير العدل جيف سيشنز المقرب من ترمب تنحى في مارس 2017 عن التحقيق حول التدخلات الروسية في حملة الانتخابات الرئاسية للعام 2016، وذلك بعد ان اعترف بانه التقى السفير الروسي مرتين العام الماضي.
وعلق ترمب الذي يشكو من سوء معاملة وسائل الاعلام له على القرار ببرودة في بيان لم يأت فيه على ذكر مولر.
وقال "كما قلت مرارا، سيؤكد تحقيق شامل ما نعرفه بالفعل: ليس هناك أيّ تواطؤ بين فريق حملتي وبين جهة أجنبية"، مضيفا "أنتظر بفارغ الصبر انتهاء هذه القضية سريعا".
ويشكل تعيين مولر نكسة ومفاجأة في الوقت ذاته للادارة الاميركية التي كانت تعتبر ان التحقيق الحالي كاف.
وعمليا، بات مولر رئيس التحقيق وسيكون مستقلا اكثر بكثير من مدعي عام عادي او من رئيس اف بي اي، إذ أن إقالته غير ممكنة إلا إذا ارتكب خطأ.
ولاقى قرار تعيين مولر إجماعا نادرا بين الديموقراطيين والجمهوريين في الكونغرس الذين صفقوا للقرار.
وعلقت عضو مجلس الشيوخ الديموقراطية ديان فاينستاين على التعيين بالقول "بوب كان مدعيا عاما فدراليا جيدا ومديرا عظيما لل+اف بي آي+ ولن نجد أفضل منه لمثل هذا المنصب".
وكتب النائب الجمهوري جيسون تشافيتز في تغريدة "مولر خيار ممتاز. سيرة لا غبار عليها وسيحظى بقبول كبير". كما قالت السناتور الجمهورية سوزان كولينز ان مولر "خيار ممتاز".
وقال الرئيس الجمهوري للمجلس بول ريان "نريد وقائع".
ويشمل نطاق تحقيقات مولر "أي رابط و/أو تنسيق بين الحكومة الروسية وافراد مرتبطين بحملة الرئيس دونالد ترمب"، وايضا "اي موضوع" مرتبط بهذه التحقيقات، ما يعطيه هامش تحرك واسع.
وكان كينيث ستار المدعي الخاص السابق كلف التحقيق حول الرئيس الاسبق بيل كلينتون في قضية "وايتووتر" التي باتت تعرف بقضية مونيكا لوينسكي في تسعينات القرن الماضي وكادت تطيح بالرئيس الديموقراطي.
جولة عالمية أولى
ورأى الديموقراطيون في القرار انتصارا، ولو أن البعض يعتبرونه مجرد مرحلة أولى ويطالبون بتشكيل لجنة خاصة حول روسيا بصلاحيات أوسع من تحقيق للشرطة.
وطالبت المعارضة بالاجماع بتعيين مدع خاص منذ اقالة مدير ال"اف بي آي" جيمس كومي بشكل مفاجئ في 9 مايو، اذ تشتبه في محاولة لعرقلة القضاء.
بعد اقالة كومي، أوردت الصحف ان ترمب مارس ضغوطا على كومي حتى يتخلى عن تحقيق يستهدف مستشار الامن القومي السابق مايكل فلين حول علاقات مفترضة مع روسيا. ورفض كومي الطلب لكنه تحدث عن الموضوع في تعليقات بدأت تتسرب الى وسائل الاعلام.
ودعي كومي الى المثول امام جلسات استماع عامة في الكونغرس، لكنه لم يوافق حتى الان على ذلك. ونفى ترمب ممارسة ضغط على كومي، لكنه أقرّ في مقابلة بان قرار إقالة كومي كان بسبب نفاد صبره من التحقيق حول التدخلات الروسية.
وأوردت صحيفة "نيويورك تايمز" مساء الاربعاء ان مستشار الرئيس الاميركي السابق لشؤون الامن القومي مايكل فلين عين في منصبه مع انه كان اطلع في 4 كانون الثاني/يناير 2017 فريق الرئيس انه موضع تحقيق فدرالي، غير ان ذلك لم يمنع تعيينه في هذا المنصب الحساس الذي اضطر لمغادرته في 13 فبراير.
وكانت الغالبية الجمهورية في الكونغرس رفضت الدعوات من أجل تعيين مدع خاص لكنها أعربت منذ ايام عن الامتعاض ازاء تدخلات الرئيس في التحقيق.
وامتد القلق ليشمل اوساط الاعمال وانهت بورصة وول ستريت يوم الاربعاء على اكبر تراجع منذ انتخاب ترمب رئيسا في نوفمبر.
واختتمت بورصة طوكيو تعاملاتها الخميس بتراجع بنسبة 1,32 بالمئة، متاثرة بتراجع قيمة الدولار بسبب نكسات ترمب.
تضاف الى هذه القضية مسألة أخرى تزيد من قناعة معارضي الرئيس بانه غير قادر على تولي هذا المنصب المهم. فقد اطلع ترمب وزير الخارجية والسفير الروسي في واشطن في 10 مايو على معلومات سرية حول مخطط اعتداء جهادي، ما أثار استياء كبيرا في اوساط الكونغرس والاستخبارات.
وتأتي هذه التطورات في وقت غير مناسب عشية بدء ترمب جولة تشمل دولا عدة وتستمر ثمانية ايام.
التعليقات