الرباط: ينتظر أن يوارى جثمان الكاتب الإسباني خوان غويتسولو الثرى اليوم (الاثنين)، بالمقبرة البحرية، بمدينة العرائش، قرب صديقه ورفيقه ومعلمه، الكاتب الفرنسي جان جينيه، بعد أن كان متوقعاً أن يدفن بمراكش، المدينة التي عشقها فارتبط اسمها بها، على مدى العقود الثلاثة الماضية.

وأجمعت الكلمات التي ألقيت، عشية (الأحد)، في لقاء خصص لوداع جثمان الكاتب الإسباني الذي وافته المنية صباح ذات اليوم، وذلك بمستودع الأموات بمراكش، بحضور والي الجهة وعمدة المدينة وممثل السفارة الإسبانية وعدد من منتخبي وكتاب ومثقفي المدينة، على الخصال التي تميز بها الكاتب الراحل، خصوصاً فيما يتعلق بعشقه لمراكش ودوره في تصنيف ساحة جامع الفنا تراثاً إنسانياً وعلاقاته بالمثقفين المغاربة، وكذا دفاعه عن القضايا العربية الإسلامية ونصرته لقضايا ونضالات الشعوب المستضعفة.

وقال الناقد والمترجم محمد آيت العميم: "كنا نتمنى أن يدفن خوان في مراكش، لأن السنين التي ستأتي ستقول لناشئتنا إنه قد كان هناك رجل يدافع عن العرب والمسلمين، كان أندلسياً، إسبانياً وبرشلونياً. لكن، تجري الرياح بما لا تشتيه السفن، وسيدفن قرب صديقه جان جينيه، الذي أدخله إلى ميدان النضال".

وأكد تفاعل الكتاب المغاربة، بشكل خاص، والعرب، بشكل عام، مع خبر رحيل غويتسولو قيمة الرجل ومكانته.

وقال بيان نعى فيه "اتحاد كتاب المغرب" الراحل غويتيسولو: "تلقينا في اتحاد كتاب المغرب، بأسى وحزن بالغين، نبأ وفاة الكاتب الإسباني العالمي الكبير، خوان غويتيسولو"، الذي بوفاته، يضيف البيان، "يكون العالم الثقافي والإبداعي والإنساني، قد فقد رمزاً كبيراً من رموز الثقافة والفكر والإبداع والنضال وحقوق الإنسان في العالم، وصوتاً من الأصوات الكونية المدافعة عن حوار وتلاقح الحضارات والثقافات بين ضفتي حوض البحر الأبيض المتوسط، وبين الضفتين الإيبيرية والأميركية".

وأضاف البيان: "وقد سبق لاتحاد كتاب المغرب، أن رحب بهذا الكاتب العالمي، وبانتمائه الجديد إلى أفقنا الإنساني والثقافي والإبداعي، فمنحه الاتحاد العضوية الشرفية فيه، اعترافاً بحضوره الإنساني والإبداعي الكبير، وبانخراطه الإنساني والوجداني والفكري والإبداعي في مشهدنا العام".كما شدد البيان على أن "الكاتب العالمي غويتيسولو سيظل صوتاً إبداعياً متفرداً، بكتاباته الإبداعية العالمية الشهيرة، بما أثارته من جدل واسع، لجرأتها ولخصوصيتها، ولإشكالية الإبداع فيها، بمثل ما سيظل واحدا من قمم وروائع الأدب الإسباني والعالمي، وأحد أكبر المدافعين عن التعدد الثقافي والتنوع الفكري، مستهجنا كل انغلاق في الحوار وفي الثقافات".

فيما كتب الشاعر والروائي المغربي ياسين عدنان عن علاقة خوان غويتسولو بجان جينيه، أن لقاء الكاتب الإسباني بالكاتب الفرنسي "كان نقطة تحول في مساره، حيث انتبه بتعرُّفه على جينيه إلى نموذج الكاتب الذي يحلم أن يصيره، كما اكتشف أن الأضواء الباريسية بدأت تبعده عن طموحه العميق في كتابة أدب حقيقي ينشغل بقلق الإبداع وليس بهواجس الشهرة والذيوع. أدب قوي يطرح القضايا الكبرى ويفضح النفاق الغربي وينخرط في مجرى إنساني عميق يسخر فيه من النزعة الأوروبية الساذجة. لهذا بالضبط احتاج خوان إلى مسافة معقولة ليُنجز مشروعه الأدبي والثقافي الكبير. جاء الى طنجة أولًا سنة 1965. لكن سنة 1976 سيزور مراكش التي اختارها منذ ذلك الحين مقامًا له. صارت مراكش مدينته. وصار خوان يشتغل يوميا بالقراءة والتأليف قبل أن يخرج كل مساء إلى ساحة جامع الفنا ليأخذ قهوته مع أصدقائه الذين ليسوا سوى حكواتيي الساحة الشهيرة وبعضٌ من صُنّاع فُرجتها".