بين المؤسسة البريطانية وقطر مصالح قوية، ما يمنعها من مجاراة الأميركيين في الإفصاح صراحةً عن دعم قطر لمجموعات متشددة تهدد استقرار منطقة الشرق الأوسط.
إيلاف من دبي: ينسب الكاتب الأميركي توم سايكس، في مقالة نشرها موقع دايلي بيست، إلى أحد مروضي الخيول قوله: «الأمر الجميل هو انكباب القطريين على صرف المال من دون توقف، فهم لا يستطيعون التوقف عن صرف المال»، مستبعدًا – من هذا المنطلق – انضمام بريطانيا إلى دول خليجية عدة لعزل قطر، والسبب هو ضخامة الاستثمارات القطرية في الاقتصاد البريطاني.
ورقة توت
في تقرير نشره الموقع بعنوان «المؤسسة البريطانية تواجه مشكلة قطرية»، قال سايكس: «يرى محللون أن التوتر مع قطر أقرب إلى النزاع الإقليمي الكلاسيكي، وأن أي كلام عن صراع شيعي - سني هو ورقة توت تخفي الخلاف الكبير، لا أكثر».
وترفض السعودية دعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين، كما ترفض علاقاتها الوثيقة مع مجموعات مثل طالبان وبعض المجموعات المرتبطة بتنظيم القاعدة؛ وعلاقاتها مع إيران، ودعمها المتمردين الحوثيين في اليمن.
في السياق ذاته، لاحظ الوكيل السابق لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية في وزارة الخزانة الأميركية، ديفيد كوهن، أن «قطر وهي حليف قديم للولايات المتحدة موّلت لعدة سنوات حركة حماس بشكل صريح، وهي مجموعة تستمر في تقويض الاستقرار الإقليمي». وتشير التقارير الإعلامية إلى أن قطر تدعم أيضًا المجموعات المتشددة في سوريا.
ولفت الانتباه أيضًا إلى البيئة «المتساهلة» في قطر التي تسمح لجامعي الأموال بطلب التبرعات لصالح مجموعات مثل القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية.
ولاحظ آدم زوبين الذي خلف كوهين في منصبه بوزارة الخزانة الأميركية في عام 2016 أنه على الرغم من أن قطر أظهرت رغبة في اتخاذ إجراءات نافذة ضد ممولي الإرهاب، فإنه «لا يزال مطلوبًا منها أن تسلك الطريق (الصحيح)؛ إذ افتقرت إلى الإرادة السياسية الضرورية والقدرة على إنفاذ قوانين تمويل مكافحة الإرهاب بشكل فعّال ضد جميع التهديدات المتعلقة بتمويل الإرهاب».
وعاقبت الولايات المتحدة عدة مواطنين قطريين على تمويل الإرهاب ردًا على الفشل في إنفاذ هذه القوانين.
ويستبعد سايكس أن تسير بريطانيا في ركب الرئيس الأميركي دونالد ترمب في معاقبة قطر، التي تضم قاعدة عسكرية أميركية فيها نحو 10 آلاف أميركي، «فهذه ضخت المليارات في قطاعي التجارة والعقارات البريطانيين خصوصًا، وهذا أمر يسعى البريطانيون بشدة إلى استمراره».
علاقة أرستقراطية
يتطرق سايكس إلى توظيف «المؤسسة البريطانية» المال القطري، ليس في تحريك قطاعي العقار والاستهلاك البريطانيين وحدهما، وإنما في علاقة أرستقراطية متبادلة، وإلى أهمية الاستثمار القطري بالنسبة إلى متقاعدي المؤسسات البريطانية.
يقول إن المؤسسة البريطانية نشأت تقليديًا على مبدأ البحث عن مصادر خارجية ضخمة للنقد والسيولة. وفي الماضي، أخذت هذه العقلية البريطانية نهج تشجيع شباب الطبقة الارستقراطية في البحث عن «أرملة أميركية وارثة» ليتزوجوها. لكن هذا النهج تغيّر، فوجدت النخب البريطانية ضالتها في قطر للاحتفاظ بنمط الحياة التقليدي المرفّه لهذه الطبقة من الارستقراطيين، حسب التقرير.
من خلال جهاز الاستثمار القطري، اشترت قطر شركات متعددة الجنسيات، وأنشأت صناديق خاصة جعلت القطريين أكبر مالكي العقارات في لندن. فقطر تمتلك قطاعات تجارية كاملة في مدينة لندن: سلسلة متاجر هارودز، وحي كناري، وحي ورف المالي، وأجزاء كبيرة من منطقة سيتي أوف لندن، كما تملك هيئة الاستثمارات القطرية موقع «تشيلسي باركس» والقرية الأولمبية وبرج شارد الأعلى في غرب أوروبا.
أكبر صفقة
في عرضه العلاقات الخاصة التي ربطت قطر والدولة العميقة في بريطانيا، يتوسع سايكس في تفصيلات متصلة بالبرنامج القطري القديم في التقرب من «قلب المجتمع المخملي البريطاني»، فيستذكر أن قطر وقعت قبل سنتين عقد رعايتها مهرجان جدوود للفروسية مدة 10 سنوات.
وكانت مؤسسة كيبكو، التي يترأسها حمد بن عبدالله آل ثاني، وقعت في عام 2015 أكبر صفقة رعاية لسباق الخيول في بريطانيا، مع سباق آسكوت الملكي للخيول، وسباق مضمار نيو ماركت وهيئة بطولات بريتش شامبيونز، لتصل قيمته إلى 50 مليون جنيه استرليني حتى عام 2024.
ويقول ديفيد أوتاواي، خبير الشؤون الخليجية في مركز وودرو ويلسون لشؤون الشرق الأوسط: «من يريد معرفة أسباب عدم انضمام بريطانيا إلى الولايات المتحدة في الضغط على قطر لتتخلى عن سياستها المناوئة لباقي شركائها في مجلس التعاون الخليجي، عليه أن يزور بريطانيا بعد أسبوع، ويشاهد كيف تجلس ملكة بريطانيا مع القطريين في سباق رويال أسكوت».
أعدّت «إيلاف» هذا التقرير بتصرف نقلاً عن «ذا ديلي بيست». المادة الأصلية منشورة على الرابط التالي:
http://www.thedailybeast.com/the-british-establishment-has-a-qatar-problem?source=facebook&via=desktop
التعليقات