فيما اعتبرت الأمم المتحدة اليوم تفجير تنظيم داعش جامع النوري ومئذنته الحدباء التاريخيين مؤشرًا على نهاية التنظيم فقد أكدت واشنطن أنه يعبر عن إفلاس حقيقي بينما قالت منظمة اليونسكو إنه يعمّق جراح العراقيين.

إيلاف من لندن: قال السفير الاميركي في بغداد دوغلاس سيليمان الخميس إن قيام تنظيم داعش بتفجير الجامع النوري الكبير ومئذنته الحدباء في الجانب الأيمن من مدينة الموصل دليل على "إفلاسه الأخلاقي".

وأشار إلى أن جريمة داعش الجديدة هذه "ما هي إلا دليل آخر على إفلاسهم الأخلاقي". وأكد أن هذه الجريمة موجهة لأهالي الموصل وتثبت ان "التنظيم لايحترم هوية العراق وثقافته ودينه".

ومن جانبه شدد الممثل الخاص للامين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيش على ان قيام تنظيم داعش بتدمير جامع النوري ومئذنته التاريخية مؤشر على نهاية التنظيم. وقال كوبيش في تصريح صحافي اطلعت على نصه "إيلاف" إن "هذا العمل الوحشي يضاف الى تاريخ جرائم داعش ضد الحضارة الإسلامية والإنسانية في العراق".

وأشار إلى أن تدمير الجامع يأتي في وقت أطبقت القوات العراقية الخناق على مسلحي داعش في المدينة القديمة وهو ما يؤشر على يأس التنظيم ونهايته.

وكان تنظيم داعش قد فجر جامع النوري الكبير ومنارته الحدباء في المدينة القديمة في أيمن الموصل مساء امس بعد ان اقتربت منه القوات الامنية حيث كان قد فخخهما من اجل ارتكاب جريمته الجديدة ضد حضارة بلاد الرافدين كما قام في اوقات سابقة بتحطيم النصب والتماثيل والاثار العراقية منذ دخوله الى البلاد في يونيو عام 2014.

وقد اعتبر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي مساء امس تفجير المنارة والجامع بمثابة اعلان رسمي لهزيمة تنظيم داعش.. فيما وصف القادة العراقيون التفجير بأنه عمل همجي يستهدف الحضارة والانسانية وشددوا على القوات الامنية بضرورة الاسراع بتحرير المدينة لتجنب المزيد من الخسائر والخراب واكدوا ضرورة العمل على انقاذ المدنيين المحاصرين فيها والذين يزيد عددهم على مائة الف شخص.

 اليونسكو: التفجير يعمّق جراحات العراقيين

اما مديرة منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو" ايرينا بوكوفا فقالت إن تدمير مقاتلي تنظيم داعش لمنارة الحدباء التاريخية في الموصل "يعمّق الجروح" في العراق. 

ودعت في بيان الخميس إلى "التحرك الدولي الفوري والقوي لمواجهة جرائم التنظيم" ..موضحة أن "هذا التدمير الجديد يعمّق جروح مجتمع يعاني أصلا من مأساة إنسانية غير مسبوقة". وتعهدت بـ"استعداد "اليونسكو" لدعم وإعادة ترميم وتأهيل الإرث الثقافي متى أمكن". 

وأضافت بوكوفا أن اليونسكو بدأت العمل على حماية المنارة عام 2012 الا ان الاعمال "تعرقلت بسبب النزاع" .. مشيرة الى أنه "تم الانتهاء من وضع دراسة شاملة بشأن حفظ المنارة يمكن أن تكون مفيدة مستقبلا". 

و"الجامع النوري" أو "الجامع الكبير" أو "جامع النوري الكبير" ابرز مساجد العراق التأريخية .. يقع في منطقة محلة الجامع الكبير اقدم مناطق الساحل الأيمن غربي مدينة الموصل... ظل صامداً ما يقارب 844 عاماً ونجا من غزو المغول إلا أنه لم يسلم من تنظيم داعش.

ويعود تاريخ بناء جامع النوري الكبير إلى القرن السادس الهجري أي قبل نحو تسعة قرون وهو ثاني جامع يُبنى في الموصل بعد الجامع الأموي. وبنى نور الدين زنكي المسجد عام 1172 ميلادية بعد سيطرته على الموصل حيث شيّده استجابة لحاجة المسلمين إلى مسجد جديد. وتعرض الجامع للإهمال على مرّ العصور لكنه خضع لعمليات ترميم ضرورية للحفاظ عليه.

أما منارة الحدباء فهي الجزء الوحيد المتبقي من جامع النوري القديم وقد حاول داعش تدميرها لكن العراقيين وقفوا ضد هذه المحاولة وشكلوا سلسلة بشرية لحمايتها مادفع التنظيم إلى التراجع لكنه عاد اليوم وقام بتفجيرها. 
وكان تنظيم داعش قد حطم مواقع اثارية وتماثيل يعود تاريخها الى اربعة الاف سنة منذ دخوله الى العراق في يونيو عام 2014 في هجمة بربرية شرسة تستهدف محو حضارة بلاد الرافدين.