سيول: أطلقت القوات الاميركية والكورية الجنوبية الاربعاء صواريخ بالستية خلال مناورات تحاكي هجوما على كوريا الشمالية، في "رسالة تحذير قوية" للنظام الكوري الشمالي الذي اطلق صاروخا عابرا في أول تجربة من نوعها.

وأكد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون الاربعاء ان التجربة الناجحة الثلاثاء يوم العيد الوطني الاميركي "هدية للاوغاد الأميركيين". ويشكل امتلاك كوريا الشمالية صاروخا بالستيا عابرا للقارات يمكن تزويده برأس نووية منعطفا مهما لنظام بيونغ يونغ الذي أجرى خمس تجارب نووية ويمتلك ترسانة صغيرة من القنابل الذرية.

وكان الرئيس الاميركي دونالد ترمب تعهد في يناير 2017 بان ذلك "لن يحصل". الا ان العديد من الخبراء قالوا ان صاروخ هواسونغ-14 يمكنه بلوغ ألاسكا.

وانتقد ترمب في تغريدات على تويتر الصين حليفة كوريا الشمالية بسبب اخفاقها في ضبطها. وكتب قبل جولته الرسمية الثانية الى الخارج، ان "التجارة بين الصين وكوريا الشمالية ازدادت 40% على الاقل في الربع الأول. ثم يقال ان الصين تعمل معنا. لكن كان علينا ان نحاول".

من جانبه دعا رئيس كوريا الجنوبية مون جاي-ان الذي يؤيد المفاوضات مع الشمال والحل السلمي للنزاع، إلى تعزيز العقوبات على بيونغ يانغ. وقال في برلين خلال مؤتمر صحافي مع المستشارة أنغيلا ميركل ان "على كوريا الشمالية أن تضع حدا لهذا على الفور ولهذا السبب عليها أن نعمل من أجل فرض عقوبات أكثر كثافة". وقال "انه استفزاز (...) وتهديد كبير" لشبه الجزيرة الكورية وللعالم.

يلتقي مون مع الرئيس الأميركي بحضور رئيس وزراء اليابان شينزو آبي مساء الخميس. ولن يحضر اللقاء الرئيس الصيني شي جينبنغ. وفي واشنطن قال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية أن الجيش الأميركي قادر على حماية الولايات المتحدة من أي صاروخ كوري شمالي.

وقال المتحدث باسم البنتاغون الكابتن في البحرية جيف ديفيس ان الصاروخ الكوري الشمالي الجديد اطلق من قاعدة لم تكن تعد ضمن برنامجه الصاروخي. وأضاف ان التحاليل بينت ان الصاروخ يمكنه تجاوز 550 كيلومتر وأن الوزارة عدلت وصفها له من صاروخ متوسط المدى إلى صاروخ بالستي عابر. وأضاف ديفيس "نحن نثق بقدرة (نظامنا الدفاعي الصاروخي البالستي) ضد التهديد المحدود، التحديد الناشئ هناك".

وشجب التجربة الكورية الشمالية التي قال انها شكلت تهديدا للملاحة البحرية والجوية وللاقمار الاصطناعية مع انه قال انه لم يتم الابلاغ عن أضرار بعد اطلاق الصاروخ الذي سقط في منطقة اليابان الاقتصادية الحصرية. وقال ان كوريا الشمالية لا تزال بعيدة عن تطوير شحنة نووية يمكن تركيبها على صاروخ عابر، و"لكن من الواضح أنهم يعملون على ذلك".

يفرض نجاح تجربة بيونغ يانغ تحديا جيوسياسيا لواشنطن، واعادة تقييم التهديد الذي تمثله كوريا الشمالية. بعد أقل من 24 ساعة على التجربة التي أثارت تنديدا من قبل الاسرة الدولية، اطلقت القوات الاميركية والكورية الجنوبية صواريخ عدة قصيرة المدى سقطت في بحر اليابان في اطار مناورات مشتركة.

الهدنة والحرب
وتحدثت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية عن توجيه "رسالة تحذير قوية"، من خلال المناورات بينما أوضحت رئاسة اركان القوات الكورية الجنوبية ان التدريبات "اثبتت القدرة على توجيه ضربة محددة بدقة إلى القيادة العامة للعدو في حال الطوارئ".

وصرح قائد القوات الاميركية في كوريا الجنوبية الجنرال الاميركي فينسنت بروكس أن "ضبط النفس خيار وهو يفصل بين الهدنة واطلاق النار". وحذر بروكس من ان "اطلاق صواريخ بالذخيرة الحية دليل على قدرتنا على تعديل خيارنا بحسب اوامر القادة المحليين للتحالف".

وتربط بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة اتفاقية تعاون عسكرية كما ينتشر نحو 28 الف عسكري اميركي في القسم الجنوبي من شبه الجزيرة الكورية. من المتوقع ان تثير هذه المناورات غضب الشمال الذي يشدد على انه مضطر لتطوير برامج عسكرية وبالستية لمواجهة التهديد الذي يمثله الانتشار العسكري الاميركي الكثيف في الجنوب.

وكان مجلس الامن الدولي اصدر قرارات عدة مرفقة بعقوبات بحق بيونغ يانغ لحثها على العدول عن برامجها الصاروخية والنووية.

ومن المقرر ان يعقد مجلس الامن اجتماعا طارئا الاربعاء للتباحث في الملف الكوري الشمالي، وكان الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش علق مساء الثلاثاء بان التجربة الصاروخية الكورية الشمالية "تصعيد خطير" و"انتهاك صارخ لقرارات مجلس الامن الدولي". وأثارت تجربة الشمال رد فعل قويا من ترامب الذي طالب بكين الحليف الدولي الابرز لبيونغ يانغ بـ"وضع حد نهائي لهذه العبثية".

هاواي في مرمى النار؟
ودعا الرئيس الصيني شي جينبنغ الذي يقوم بزيارة الى موسكو مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بيونغ يانغ الى وقف تجاربها النووية والبالستية وواشنطن الى العدول عن المناورات العسكرية على نطاق واسع مع حليفتها الكورية الجنوبية.

وافادت وكالة الانباء الكورية الشمالية ان الزعيم كيم جونغ اونغ الذي أشرف شخصيا على عملية اطلاق الصاروخ "قال إن الاوغاد الاميركيين لن يكونوا مسرورين كثيرا بهذه الهدية التي ارسلت في ذكرى الرابع من يوليو". وتابعت ان كيم أعرب لدى معاينته صاروخ هواسونغ-14 عن "الرضى"، وقال ان الصاروخ "كطفل جميل ومكتمل".

الاربعاء، خصصت صحيفة "رودونغ سينمون" الناطقة باسم الحزب الحاكم خمسا من صفحاتها الست لعملية اطلاق الصاروخ ونشرت ما لا يقل عن خمسين صورة للحدث. واكدت وكالة الانباء الكورية الشمالية ان عملية الاطلاق استوفت "كل المعايير التكنولوجية بما فيها مقاومة الحرارة والثبات الهيكلي للصاروخ" وهي عوامل ضرورية لضمان عودته عبر الغلاف الجوي من دون اضرار. واضافت ان رأس الصاروخ مصنوع من الياف الكربون. ولم يعبر الصاروخ سوى مسافة تقل عن ألف كلم لكنه صعد ألى أكثر من 2800 كلم بحسب بيونغ يانغ.

واشنطن ستقترح عقوبات دولية جديدة ضد كوريا الشمالية

اعلنت واشنطن، مدعومة من فرنسا، انها ستعرض على مجلس الامن الدولي مشروع قرار يفرض عقوبات جديدة ضد كوريا الشمالية اثر اطلاقها اول صاروخ بالستي.

وقالت نيكي هايلي سفيرة الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة في اجتماع طارئ لمجلس الامن "ان اطلاق كوريا الشمالية لصاروخ عابر للقارات يشكل تصعيدا عسكريا واضحا"، مضيفة "في الايام القادمة سنعرض على مجلس الامن قرارا لرفع الرد الدولي بما يتناسب مع تصعيد كوريا الشمالية الجديد".

ودعت فرنسا من جهتها الى تشديد العقوبات على بيونغ يانغ.