أصيلة: لم تقتصر فعاليات المنتدى الثقافي الدولي لمدينة أصيلة على الندوات الفكرية والعروض الفنية والموسيقية، حيث يخصص جزء مهما من المساحة المخصصة للإبداع لاطفال المدينة وايضاً القادمين من مختلف ربوع المغرب، من خلال مرسم أطفال الموسم، والذي دأب المنتدى على تنظيمه سنويا منذ عام 1978 ، وذلك لتحفيزهم على الابتكار واستكشاف مواهبهم وقدراتهم الإبداعية في مجال الفن التشكيلي.
الساعة تشير إلى العاشرة صباحا. القاعة المخصصة لمرسم الطفل والتي يحتضنها فضاء قصر الثقافة تبدو في حالة نشاط مستمر.
هناك مشهد أشبه بمحترف فني مكتمل الأركان، براعم صغيرة تتراوح أعمارهم ما بين 4 و16 سنة يجلسون في طاولات الرسم بالتزام تام، وأمامهم المعدات المخصصة للرسم من أوراق و أقلام ملونة وصباغة، بانتظار إشارة البدء من طرف المشرفين عل المرسم وتلقي توجيهاتهم بشأن كيفية التعامل مع الفن التشكيلي الذي يبدو مألوفا لأطفال اعتادوا على المشاركة في المنتدى كل سنة، وآخرين يتعاملون مع تفاصيله للوهلة الأولى.
فرصة للحرية
بهمة ونشاط و حركية دؤوبة، تقوم كوثر الشريكي، الفنانة التشكيلية المشرفة على المرسم بتوجيه الاطفال المشاركين واستقبال أسئلتهم، ومدهم بما قد ينقصهم من أقلام ملونة وصباغة من أجل التعبير عن أحلامهم وتطلعاتهم وترجمتها للوحات تشكيلية.
وعن تفاصيل المرسم والهدف منه، تقول الشريكي في تصريح لـ"إيلاف المغرب": يتم تقسيم الأطفال من خلال فوجين، فوج يضم 100 طفل في الفترة الصباحية، و 100 اخرين يحضرون في المساء، نلاحظ وجود تجاوب كبير من قبل هؤلاء الصغار، فهذا الفضاء يوفر لهم فرصة للحرية والتعبير عما يخالجهم من دون قيود بعد انتهاء الفصل الدراسي وحصولهم على العطلة السنوية، المرسم مكان للتعلم والإبداع وتكوين صداقات بينهم، بالنظر لاختلاف المدن التي ينتمون لها".
تعتبرالشريكي أن المرسم يفتح المجال لاستكشاف الأطفال الموهوبين في مجال الفن التشكيلي، والذين تعرض لوحاتهم في إطار معرض وتخصص لهم جائزة تحفيزية من أجل تنمية قدراتهم والعمل على صقل موهبتهم وتطويرها.
تكوين أجيال
وتضيف "أصيلة مدينة الفنون بامتياز ، ويظهر ذلك بشكل جلي من خلال الجداريات والألوان التي تزين دروبها، شخصيا، أعتبر نفسي إحدى إنتاجات مرسم الطفل بالمدينة، ولجته في سن صغيرة، وتلقيت فيه مبادئ ومهارات الرسم والتشكيل، و نحن جميعا كفنانين نعتز بكوننا تتلمذنا في هذا المرسم، خاصة حينما نرى أعمالنا المحفوظة في الأرشيف بعد سنوات على إنجازها"، تضيف الشريكي بابتسامة عريضة.
وحول مآل اللوحات المنجزة من طرف الأطفال، أوضحت المشرفة على ورشات المرسم أنها ستشكل معرضا في آخر الموسم، ويكون فرصة لزوار المدينة للاطلاع على ما أبدعته أنامل الصغار، قبل أن يستمر بعد ذلك طيلة السنة، مع تنوّع في فضاءات العرض كلّ سنة".
أطفال موهوبون
داخل المشغل الذي يشرف عليه الفنان التشكيلي البحريني محمد حسين علي ميرزا، يظهر نفس الحماس والتجاوب من طرف الأطفال الذين لا يملون من رسم أشكال يحدد موضوعاتها الأساتذة المشرفون ويتابعون تفاصيلها بشكل دقيق.
حسب ميرزا، فالمرسم يمثل الجزء الأهم من موسم أصيلة، بالنظر لأهميته ولوجود أطفال عديدين ينتظرون حلول هذا الموعد الفني بشغف كل سنة، ولمساهمته في تكوين جيل جديد من الفنانين المغاربة، كانوا بداية يشتغلون كهواة ويشاركون في رسم الجداريات بالمدينة، ليصبحوا لاحقا أسماء وازنة في المجال.
وعن الجديد الذي يحمله المرسم خلال الدورة الحالية للمنتدى الدولي لأصيلة، يوضح الفنان التشكيلي البحريني"ركزت خلال هذه السنة على الأطفال الموهوبين، بغية تكوينهم وتأطيرهم بشكل صحيح، حتى يتمكنوا من الإلمام بأبجديات الميدان ويكون بمقدورهم تنمية طاقاتهم، و اختيار المواضيع والأولويات التي يحبونها ويرتاحون في تناولها".
وأجمع الأطفال المشاركون في المرسم على فرحتهم بمعانقة عالم الرسم والإبداع، والسماح لهم بإطلاق العنان لمخيلتهم لخط رسومات تعبر عن عالمهم الصغير، ولكونها فرصة جيدة يتعرفون من خلالها على أصدقاء من مدن مختلفة.
التعليقات