بعد دراسة لهم تكشف بأن طوال القامة أكثر عرضة للجلطات من غيرهم، طالب العلماء السويديون بادراج طول القامة ضمن مخاطر التعرض لتجلط الدم اسوة بالبدانة وغيرها من العوامل.

إيلاف من برلين: تشر الدراسات حتى الآن إلى أن طوال القامة أكثر حظاً من غيرهم في فرص العمل وفي الرياضة وفي السياسة وما إلى ذلك، رغم دراسات أخرى تقول انهم أقل عمراً من قصار القامة. 

وتشكو جمعية طوال القامة الألمان (من شروط العضوية ان لايقل طول المتقدم عن186سم) من جوانب الحياة اليومية التي لا تراعي قاماتهم مثل المقاعد والاسرة وكابينات الهاتف العمومية وسقوف قطارات المترو...إلخ

واليوم يثير الباحثون من جامع لوند السويدية في مدينة مالمو، من خلال دراسة جيدة، موضوعاً آخر يتعلق بطول قامة البشر. إذ توصلت الدراسة إلى أن طوال القامة أكثر عرضة لتخثر الدم (الجلطات) من قصار القامة. مع ملاحظة ان المقصود بالجلطات هنا ليس جلطات القلب فقط، وإنما عموم الجلطات، رغم ان جلطات القدم وغيرها قد تؤدي إلى جلطات قلبية أو دماغية أيضاً.

وأضاف العلماء في الدراسة، التي نشرت في مجلة "علم جينات الدورة الدموية"، أن الظاهرة تمتد لتشمل النساء الفارعات أيضاً. ولهذا فقد طالب الباحث بينغت تسوللر من جامعة لوند باحتساب طول القامة على مخاطر التعرض للجلطة المعروفة والتي تمتد بين البدانة وضغط الدم والعامل الوراثية وغيرها.

وأشار تسوللر ان أكثر الجلطات احتمالاً لدى طوال القامة هي التخثرات في الاوردة، وفي الساق على وجه الخصوص، وهي تخثرات قد تؤدي إلى جلطات في القلب أو الرئة أو الدماغ عندما تنفصل أجزاء منها وتدور مع الدم في الشرايين. إلا أن طول القامة وحده ليس سبباً لاصابة الإنسان بالجلطة، لأان هناك عوامل كثرة أخرى مجتمعة تزيد مخاطر حدوثها.

مخاطر أكبر

بهدف الكشف عن علاقة طول القامة بالجلطات، حلل تسوللر وزملاؤه البيانات حول2,5 مليون سويدية وسويدي. واعتمدوا في تحليلاتهم للنتائج على إحصائيات وفرتها دائرة التجنيد العسكري ودائرة تسجيل الولادات بين1951 و1992. كما استمدوا الكثير من المعلومات من سجلات النساء اللاتي انجبن أول طفل لهن بين 1982و2012. وتعمد الباحثون اعتماد معطيات عن اشقاء من أطوال مختلفة، ويعيشون ويتغذون بشكل مختلف، بهدف تجنب تأثير العامل الوراثي والاجتماعي والبيئي في الأمر.

وظهر من تحليل النتائج ان مخاطر التعرض إلى تخثر الدم في الأوردة تزداد مع ازدياد طول الإنسان. وقلت نسبة التعرض للجلطات في الأفراد من طول 165 سم بنسبة 65% عن نسبة تعرض طوال القامة من طول يزيد عن190 سم.

وانطبقت هذه النتائج أيضاً على الاشقاء، من مختلف الجنسين، وصاروا من أطوال قامات مختلفة عند بلوغهم، فكان تعرض الاشقاء الأقصر إلى مخاطر الجلطات أقل من اشقائهم الأطول قامة. 

زيادة ملحوظة

وفي التقرير الذي نشر في مجلة "علم جينات الدورة الدموية"، حاول تسوللر تفسير علاقة طول القامة بالجلطات على أساس طول القامة. وبرأيه ان طوال القامة، بسيقانهم الطويلة، يمتلكون أوردة أطول، وبالتالي فان المساحة السطحية لأوردتهم أكبر. وأضاف ان ضغط الجسم المسلط على السيقان الطويلة يقلل من سرعة تدفق الدم إلى الاعلى، ويؤدي إلى شيء من ركود الدم، وبالتالي إلى زيادة احتمال حصول التخثر.

العامل الثاني، برأي تسوللر، هو أن الأمم تشهد زيادة في أطوال أبنائها جيل بعد جيل، ويمكن على هذا الأساس تفسير ظاهرة ارتفاع حالات تخثر الدم وحالات جلطات القلب والدماغ والرئة وغيرها.

وكمثل، فإن أطوال قامات الأجيال الأخيرة من الألمان والسويديين وغيرهم زادت بشكل ملحوظ. وفي ألمانيا زاد معدل أطوال الشباب من سن21 سنة بمقدار11 سنتمتراً خلال الـ150 سنة الأخيرة. وتم تسجيل هذه النسبة رسمياً عند المقارنة بين أطوال السكان بين1870و1980، وتنطبق هذه الحال، بهذا الشكل أو ذاك، على15 بلداً أوربياً.

عوامل وراثية وأخرى بيئية

هناك جين معين يتحكم بطول الإنسان كما هو معروف، لكن هناك جملة عوامل أخرى تترك تأثيرها أيضاً مثل العوامل البيئية والاجتماعية والتغذوية. ويجمع العلماء في العالم على أن سبب ارتفاع قامة الجيل الأخير يعود بشكل أساسي، فضلاً عن العامل الوراثي، إلى تحسن التغذية الصحية وممارسة الرياضة والعناية الطبية والقضاء على الجراثيم.

وسبق لدراسة ألمانية نشرها المركز الألماني للسكري، ودراسة مماثلة من جامعة هارفارد للصحة العامة، ان أشارتا في العام الماضي إلى ان طوال القامة أكثر عرضة من غيرهم أيضاً لأمراض القلب والدورة الدموية والسكري وبعض أنواع الأمراض السرطانية.

النمو السريع في فترة المراهقة يقلل العمر

جدير بالذكر ان الباحث الاميركي ريتشارد ميللر توصل الى نتائج جديدة حول علاقة متوقع الحياة بحجم جسم الانسان لكنه عبر عنها بمثل قديم يقول: من ينمو قليلاً في فترة البلوغ يضحك كثيراً عند تقدم السن. 

فالبحث الذي أعده ميللر من جامعة ميشيغان يقول ان الذين ينمون بسرعة وبحجم كبير في فترة البلوغ يموتون أسرع من زملائهم الذي ينمون ببطء وبرشاقة من أطفال الى شباب.

وبهذا يكون ميللر قد أضاف فصلاً جديداً إلى قصة الخلاف بين الباحثين حول العلاقة بين حجم الانسان ومعدل حياته المتوقعة. اذ يعتقد البعض ان طوال القامة يموتون قبل قصار القامة ويستشهدون بدراسات حول معدل الوفيات بين لاعبي كرة السلة ومقارنة ذلك بمعدل حياة بقية الرياضيين المتوسطي القامة والقصار. ويستشهد فريق آخر من الباحثين بدراسات اخرى تقول ان العوامل الطبيعية والاقتصادي وعوامل التغذية ترجح كفة الموت السريع لقصار القامة.

واكتشف ميللر من خلال تجاربه المختبرية ان صغار الفئران، الذين ينمون بشكل سريع الى أحجام كبيرة خلال الشهرين الأولين من حياتهم، يعيشون أقل من صغار الفئران الذين ينمون بمعدل تدريجي الى متوسطي الحجوم خلال نفس الفترة. وبالضبط عاشت فئران ميللر الصغيرة الحجم 36 يوماً كمعدل أكثر من الفئران التي نمت بسرعة الى فئران ضخمة. أي ان الفئران الثانية عاشت 3.4% أطول مما عاشته الفئران الأولى.