تناولت صحف عربية التطورات الأخيرة علي الساحة السورية، خاصة فك القوات الحكومية الحصار المفروض على مدينة دير الزور من قبل مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية منذ أكثر من 3 سنوات.
كذلك دعت صحف عربية لمحاكمة "مجرمي الحرب" في سوريا بعد أن أعلنت الأمم المتحدة أن الحكومة السورية مسؤولة عن هجوم بغاز السارين على مدينة خان شيخون في أبريل/ نيسان الماضي.
"تحرير" دير الزور
تمتدح صحيفة "الأهرام" المصرية ما تصفه بـ"تحرير دير الزور ونجاح الجيش العربي السوري في فك الحصار عن المدينة".
وتبدي الصحيفة اتفاقها مع ما ذهب إليه مبعوث الأمم المتحدة لدى سوريا ستافان دي مستورا من أن "تكون الأولوية لوقف إطلاق النار وتثبيته... وإطلاق عملية سياسية تقود إلى تسوية للأزمة".
لكن مجدي سرحان في "الوفد" المصرية يحذر من أن "المآرب الإيرانية هي الخطر الأكبر القادم"، حيث يقول إنه "لا ينبغي أن تلهينا عنه نشوة الانتصار والاحتفال بما نعتبره انهياراً لتنظيم داعش الإرهابي وفك الحصار عن دير الزور".
ويرى رفيق خوري في "الأنوار" اللبنانية أن ترجمة سيطرة القوات الحكومية والروسية على دير الزور هو أن "السباق مع أمريكا في الحرب محكوم في النهاية بتفاهم روسي-أمريكي على العملية السياسية. فلا إعادة إعمار من دون مساهمة الغرب والشرق بعد التوصل إلى تسوية سياسية. ولا تسوية سياسية بالمعنى العملي من دون تنازلات متبادلة في الداخل وترتيبات لأدوار القوى الاقليمية في اللعبة الجيوسياسية".
ويقول صهيب عنجريني في "الأخبار" اللبنانية "يحظى إنجاز الجيش السوري وحلفائه في فك حصار دير الزور بأهمية استثنائية، لأسباب تتجاوز فك الحصار في حدّ ذاته وترتبط بمعطيات يتداخل فيها العسكري بالسياسي".
ويضيف عنجريني "في أرض المعركة يُنتظر أن يفضي نجاح الجيش إلى استقطاب قوى عشائريّة جديدة، كما إلى الإفادة من القوّات الخارجة من الحصار في مراحل العمليات التالية. أما في المشهد العام، فيبدو إنجاز دير الزور بمثابة بيضة تضاف إلى كفة دمشق في رهانات الفصول الحاسمة من معركة سوريا الموحّدة".
"مرحلة انتقاليّة"
ويعرب عبد الباري عطوان في مقال بصحيفة "رأي اليوم" اللندنية عن عدم اعتقاده بأنه "ستَكون هُناك مرحلة انتقاليّة، ولا حتى اتفاق سياسي تكون فصائل المُعارضة الحاليّة، ومنصّاتها، طرفًا أو ندًّا فيه، لأن الحُكومة السوريّة لم تَكن مُقتنعةً بهذهِ المُعارضة، وتَعتبرها واجهات لقِوى خارجيّة لا تَملك قرارًا مُستقلّاً، وتُراهن على سياسة كَسب الوقت، وتجنّب تحمّل المَسؤوليّة في إفشال العمليّة السياسيّة التفاوضيّة أمام المُجتمع الدّولي، ونَجحت حتى الآن في هذا التكتيك".
من جهته، شن علي قاسم رئيس تحرير "الثورة" السورية هجوماً لاذعاً علي دي ميستورا.
وقال قاسم "وحده السيد دي ميستورا وبعض المراهنين على دوره الوظيفي يصرون على حصاد سراب ما زرعوه من أوهام وهم يغرفون من خارج النص كلما سنحت الفرصة، وعلى اللغو والثرثرة في غير مكان وموضع، ويدخلون في سباق الأكاذيب القصيرة والطويلة وأحياناً في حلبة البحث عن بقايا النتف المنسية من لعبة بيع الأوهام".
على المنوال ذاته، يتساءل خالد الأشهب في "الثورة" السورية "ترى أي نوع من الدبلوماسية يمارس دي ميستورا؟ دبلوماسية الواقع.. وهو الذي ساهم في توريط تلك المعارضة السورية أكثر الوقت باللاواقعية؟ أم إنها دبلوماسية المهزومين وهو الذي يبشرها اليوم بالهزيمة خلال ساعات وأيام؟".
ويرى حسان حيدر في "الحياة" اللندنية أنه "لو صح أن الأمريكيين راغبون في سوريا ديموقراطية، لساهموا في تغيير مسار المواجهات المسلحة التي بدأها النظام وأمعن فيها، ولساعدوا المعارضة في التصدي لدور الميليشيات الإيرانية المتعاظم، بدلاً من منح روسيا توكيلاً بالالتفاف على اتفاقات جنيف وصوغ حلول تناسبها مع حلفائها".
ويقول حيدر "التسوية التي يريدها الأميركيون الآن ويعملون لتحقيقها بالتنسيق التام مع الروس، هي إحياء نسخة معدلة من النظام الإقليمي القديم تشمل دوراً منضبطاً لإيران، أي لملمة الوضع الفائض وإعادة الجنّي إلى القمقم السوري. فلتبق الأزمة داخل سوريا. وليفعل النظام ومعه إيران وروسيا ما يريدون بالسوريين، لكن دوماً داخل الحدود، وبما لا يهدد النظام الإقليمي".
من جهته، يقول عثمان ميرغني في "الشرق الأوسط" اللندنية إن "التنازلات مطلوبة من كل الأطراف إذا كان لسوريا أن تتجاوز محنتها".
ويدعو الكاتب السوريين إلى عدم تكرار "الأخطاء العراقية... وما مرت به (التجربة العراقية) من نكسات بسب التجاذبات السياسية والتدخلات الخارجية وسياسات التهميش والحسابات الطائفية، وتغليب المطامع علي مصالح البلاد والعباد".
محاكمة "مجرمي الحرب"
يقول صادق ناشر في "الخليج" الإماراتية إن "الهجوم الذي نفّذه النظام باستخدام غاز السارين على خان شيخون، دليل إضافي على أن النظام والمعارضة المسلحة بكافة أطيافها، لم ولن يأبهان بحياة الملايين الذين دفعوا ويدفعون ضريبة هذه الحرب قتلاً وتشريداً في مختلف بقاع الأرض".
وتدعو "الشرق" القطرية في افتتاحيتها المجتمع الدولي "لتقديم مجرمي الحرب في سوريا إلي العدالة الدولية... بعد إصرار الأسد على ارتكاب جرائم حرب ضد مواطنيه الأبرياء والمدنيين".
في السياق ذاته، تقول "الراية" القطرية في افتتاحيتها "لا بدّ من مُحاكمة مُجرمي الحرب في سوريا، حتّى لا يفلتوا من العقاب أو تحمّل تبعات جرائمهم الّتي يندى لها الجبين".
التعليقات