إيلاف من القاهرة: أصدرت وكالة بلومبيرغ الاقتصادية تقريرًا طمأن المصريين على اقتصاد بلادهم، لاسيما في ظل المخاوف من تكرار السيناريو التركي في مصر، وقالت الوكالة إن الجنيه واصل الصمود في الوقت الذي عانت فيه سندات وزارة الخزانة المصرية من التدفقات الخارجية التي بلغت قيمتها ما لا يقل عن 4 مليارات دولار منذ مارس الماضي، مشيرة إلى أن "في الوقت الذي تراجعت فيه أغلب العملات الأخرى، بقي الجنيه المصري صامدًا في الاشهر الأربعة &الماضية".

إجراءات حازمة

وأضافت أن الإجراءات الحازمة التي تقوم بها الحكومة تجني ثمارها بالنسبة لسوق الديون، مما دفع شركة "ستاندرد آند بوروز" لرفع التصنيف الائتماني لمصر في مايو الماضي.

ونقلت عن أحد مديري الأسواق الناشئة في شركة "TCW" الأميركية المتخصصة في إدارة الأصول، بريت رولي، قوله، إنه على الرغم من التدفقات الخارجية، فلا توجد أي تقارير عن نقص في الدولار الأميركي.

وقال مدير للأسواق الناشئة بشركة "Allianz" في لندن، شاهزاد حسن: "سوف تلتزم الحكومة، في رأيي، بالسياسات الأرثوذكسية، وهذا يعني أن التدفقات الرأسمالية الإجمالية يجب أن تصمد بشكل جيد".

وانخفض عجز الحساب الجاري في مصر للفترة من يوليو 2017 إلى مارس 2018 بنسبة 58% إلى 5.3 مليارات دولار، نتيجة تحويلات المغتربين المصريين وارتفعت عائدات السياحة بأكثر من 40% إلى نحو 27 مليار دولار.

ولفتت الوكالة إلى أن العرض القوي على العملة الصعبة في السوق بين البنوك وبعضها، ساعد على الحفاظ على استقرار الجنيه خلال الأشهر القليلة الماضية.

سياسة أردوغان

وقال الخبير الاقتصادي، أحمد سمير، إن الجنيه المصري ليس معرضًا للتهديدات نفسها التي واجهتها الليرة التركية، مشيرًا إلى أن سياسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السبب الرئيسي في انهيار الليرة.

وأوضح لـ"إيلاف" أن أردوغان أضفى أجواء من عدم الاستقرار السياسي في بلاده، بسبب مواقفه العدائية من أميركا وألمانيا وبعض دول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى مواقف أخرى غير متزنة من دول عربية أخرى ومنها مصر، والإمارات.

وأشار إلى أن الاقتصاد التركي يعاني منذ محاولة الانقلاب التي تعرض لها أردوغان في منتصف يوليو 2017، بسبب التوسع في الاعتقال ورفض الرقابة على الشركات، ما أدى إلى هروب المستثمرين وسحب العملة الأجنبية وبخاصة الدولار إلى الخارج، وزيادة الطلب على العملة الأميركية.

وأشار إلى أن الأوضاع في مصر مستقرة، وليست هناك قرارات مفاجأة أو خلافات مع أميركا أو دول الاتحاد الأوروبي، وتسعى الحكومة إلى اصدار تشريعات تسمح بتدفق الاستثمارات الأجنبية إلى الداخل، فضلاً عن زيادة تحويلات المصريين العاملين في الخارج والتدفقات السياحية، مما يعفي الجنيه من التعرض لمصير الليرة.

وحسب الوكالة، فإن النمو القوي في التدفقات الواردة من السياحة والتحويلات ساعد في تعويض التدفقات الخارجية للأموال في الأشهر الأخيرة، وفقًا لصندوق النقد الدولي الذي يتخذ من واشنطن مقرًا له، ومن المتوقع أن يحتفظ البنك المركزي بسعر الفائدة الرئيسي عند 16.75٪.

وتتوقع &وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، والتي لديها نظرة إيجابية على تصنيف ديون مصر، عجزًا تجاريًا أصغر خلال عام 2020، وانتعاش احتياطي العملات الأجنبية إلى أكثر من 44 مليار دولار، من مستوى منخفض بلغ 13.4 مليار دولار في مارس 2013، وتم اكتشاف حقول غاز هامة للغاية، مثل حقل زهر العملاق الذي بدأ الإنتاج بالفعل في ديسمبر 2017.

ويقول سيرجي ديرجاشيف، الذي يساعد في الإشراف على أصول بقيمة 14 مليار دولار في شركة الاتحادات الاستثمارية الخاصة بفرانكفورت: "مصر مزدحمة سكانيًا فوق الطبيعي، ولكن نظرًا إلى العائد المرتفع نسبيًا والعملة المستقرة إلى حدٍ ما، ستظل مصر فرصة استثمارية هامة لمن يفكر في الاستثمار بالأسواق الناشئة".

وكانت مصر قررت تعويم الجنيه، في 3 نوفمبر 2016، ضمن شروط وضعها النقد الدولي لتقديم قرض لها بقيمة&12 مليار دولار، لدعم الاقتصاد الذي يعاني من الركود منذ ثورة يناير 2011 التي أسقطت نظام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك.